للشهر الفضيل نكهة روحانية تحلّق بى على موجات سكونها الإيمانى خارج حدود النفس.. تعلو بى فوق واقع الصخب المادى.. تغرقنى فى سحابات التوحيد.. أهيم فى فضاءات ابتهال.. تغيبنى كؤوس العشق الأبدى فى ملكوت القرب لا تشّدنى خيمة سهر.. ولاتستأثر بى قناة فلست من متابعى الفضائيات وما تجود به من تخلّف إعلامى يقتات على فتات العولمة.. فلست من مدمنى المسلسلات الرمضانية وغيرها إلا ما كان ذا مخالب حادة تمزق أستار النفاق والأقنعة الاجتماعية للوصول إلى الحقيقة بأسلوب حضارى بعيدا عن الإسفاف والرخص وشعار (الجمهور عايز كده) كنت سأتطرق لهذا الموضوع وسلبياته لولا أن شاءت الصدفة أن أشاهد من باب الفضول أحد برامج الجوائز الرمضانية المعتمِد على المكالمات التليفونية.. وفتيات تدربن والله أعلم فى صالات مزاد أو مهرجانات (نقطة) وترويج بدائى (ويالله يا ابن العراق.. يا أهل سوريا ولبنان وأبناء الخليج والقاهرة والإسكندرية.. ويالله.. عجّلوا بالاتصال.. وشوباش للأمة العربية.. وألأونا .. ألادوا.. ألاترى.. وبص وشوف التنطيط والرقص على إيقاع الأغانى الهابطة).. أما سؤال البرنامج فلم يكن يستعصى جوابه على طفل السابعة من العمر.. بينما استعصى عمدا على البالغين المؤجرين للحط من ذكاء أبناء هذا الوطن المبتلى ووصمهم بالغباء حين لم يستطع أحدهم معرفة اسم لفاكهة من ثلاثة حروف يتشابه حرفاها الأول والأخير!! فهل منّا من لا يعرف أنها (الخوخ أو التوت؟).. نعم فقد أبى سيناريو الجائزة الوهمية إلا أن يركز على سذاجتنا حين استخدم أشخاصا من الاستوديو للتمويه وإثبات مصداقية دلّت على سذاجة القائمين حين جاءت الإجابات (بطيخ.. رمان .. برتقال) مما لا يتناسب مع السؤال لكنه يتناسب مع فضولى وخداع المشاهد الذى اكتشفته حين اتصلت بالبرنامج عدة مرات على أمل تحويلى إلى الاستوديو أو التسجيل الإلكترونى ولكن دون جدوى.. فقد كان الاتصال يُقطع بعد دقائق من إعادة كلام ومعلومات لا علاقة لها بالسؤال بل ب(جنيه ونصف) للدقيقة الواحدة لتطير نقودك قبل توصيلك بمقدمة البرنامج (المعجزة) ذات الصوت النحاسى والحركات (اللولبية).. لأتساءل: وماذا بعد؟ وهل هناك فى جسد الأمة جزء متاح لطعنة كذب؟ أغيثونا يا من يهمكم أمرنا.. إن كان يهمكم فعلا.. أغيثونا السادة وزراء الإعلام والسادة رؤساء أجهزة حماية المستهلك من منظومة الإعلام العربى الخاصة والعامة بوضع حد لمثل هذه التجاوزات المتمثلة بالنصب المالى والاستغلال الإعلامى ووضع قوانين وضوابط لحماية المستهلك الإعلامى بإخضاع التعامل المادى بين القنوات والمشاهدين لرقابة وإشراف وزارات الإعلام وجهاز حماية المستهلك وأهمها المكالمات مدفوعة الثمن والجوائز المخصصة من أى جهة كانت للتأكد من مصداقيتها.. إليك ليتك تقرأنى.. تجوب خارطتى.. تفك طلاسمى.. ترى صورتك المحفورة فوق جدران الشرايين منذ كنتَ جنينا فى رحم الغيب.. تكشف عن سر اللغز المتربع على شغاف الروح.. تتسلل عبر دهاليزى المزروعة بحروف اسمك وأروقة الذاكرة المزدحمة بتفاصيلك لترى كيف يعشق الضعفاء الجبابرة وكيف يؤله الشعراء السلاطين.. وكيف تخاف الأوطان السماسرة .. وترى جيوش الصبر المدججة بأسلحة الخلاص تتحين الفرصة لدك معاقلك بين الضلوع لتحرير مشاعر..يا..أنت .. يالمو..وغل فى البعد.. والأقرب من نبض الوريد.. يا كل التناقضات.. ليتك تقرأنى.. تبعث الحياة بأوصال الشوق.. تفكّ أسر الكلمات المسجونة بين قضبان الحذر.. تبعث الدفء بكفى الخجل.. تستشف وجدى المذاب بين الأنفاس المسافات الممتدة بين محطة البدء ورصيف الانتظار.. بين نزقى وحلمك.. وبين طفولتى ورجولتك.. وبين تمردّى وفروسيتك.. لنتوحد معا.. تلفنا سحابات بخور منتشٍ.. وهمسات حبّ تردد صداها الأرواح الغارقة فى بحار العشق الأبدى.