كشف مصدر رفيع المستوى فى الجهاز المركزى للمحاسبات عن وجود مخالفات قانونية فى وزارة الإسكان تتمثل فى إسنادها جميع أعمال الكهرباء والبنية التحتية، إلى وزارة الكهرباء، والتى أسندتها بدورها إلى شركات تابعة لها بالأمر المباشر، بالمخالفة للقانون 159، وقانون المناقصات والمزايدات. وقال المصدر فى تصريحات خاصة ل«المصرى اليوم»، إن حجم الأعمال الموكلة من وزارة الإسكان لوزارة الكهرباء يقدر ب 1.8 مليار جنيه شاملاً جميع مشروعات الإسكان التابعة للوزارة منذ بداية عام 2008 وحتى الآن، مشيرا إلى أنه بإسناد الأعمال بالأمر المباشر تم إهدار 600 مليون جنيه. وأكد المصدر أن شركات توزيع الكهرباء التابعة للوزارة تقوم بتنفيذ الأعمال والإشراف عليها تسلمها فى الوقت نفسه، بالمخالفة للقانون، ويعد إهداراً للمال العام، كما يتسبب فى توقف الشركات العامة والخاصة العاملة فى هذا المجال عن العمل، وتهديد مصير 100 ألف عامل بهذه الشركات. وأوضح المصدر، الذى طلب عدم ذكر اسمه، أن المستفيد الرئيسى من هذا القرار هو شركات إنتاج وتوريد الكابلات والمحولات والموزعات الخاصة، والتى رفعت أسعارها بنسبة من 30% إلى 40%، منذ بداية عام 2008 إلى الآن، رغم أن الأسعار المماثلة فى العالم مستقرة. وقال المصدر إن عمليات تنفيذ مشروعات البنية التحتية للكهرباء يشوبها «الفساد»، ولا توجد أى مستخلصات من شركات الكهرباء مقابل الأعمال التى تم تنفيذها، وفى المقابل تسدد الهيئة المبالغ التى يتم طلبها مباشرة تحت الحساب لشركات الكهرباء مقابل التنفيذ، والمخالفة للقانون أيضا. وأضاف المصدر أن وزارة الكهرباء أخطأت بإسناد المشروعات لشركاتها بالأمر المباشر، وكان المفترض أن تقوم بعمل مناقصات ومزايدات عامة للشركات العاملة فى مجال الكهرباء، بما فيها الشركات التابعة لها، لأنها شركات مساهمة تخضع للقانون رقم 159. وكشف المصدر عن أن بعض العاملين فى شركات الكهرباء أنشأوا شركات مقاولات من الباطن بأسماء أقاربهم، وذلك لتنفيذ الأعمال والمشروعات المطلوبة، دون أى سابق خبرة، مما ينبئ بتلف وانهيار أعمال البنية التحتية للكهرباء مستقبلا. وأكد أن مشروع «ابنى بيتك» لم يتم توصيل شبكات الكهرباء الخارجية إليه حتى الآن بسبب تباطؤ شركات الكهرباء المنفذة للمشروع، وعدم قدرتها على تنفيذ هذا المشروع لغياب الخبرات والكفاءات المؤهلة لذلك. وأضاف أن 4 آلاف مهندس ومشرف بأجهزة المدن ال 28، لا يقومون بأى عمل حاليا بسبب هذا القرار. حصلت «المصرى اليوم» على مستند رسمى عبارة عن صورة من خطاب موجه من المهندس أحمد المغربى، وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية، إلى الدكتور حسن يونس، وزير الكهرباء والطاقة، يقترح فيه تكلف شركات توزيع الكهرباء بتنفيذ أعمال مشروع «ابنى بيتك» الكهربائية والخاصة بالبنية التحتية ب«الأمر المباشر». وبرر الخطاب المؤرخ فى 28 أكتوبر 2007 هذه المطالبة بضرورة تسليم قطع المشروع ضمن خطة البرنامج الانتخابى للسيد رئيس الجمهورية، لسرعة الانتهاء من إجراءات تسليم هذه الأراضى للمواطنين. كانت اللجان النقابية العمالية بالشركات الثلاث التابعة للشركة القومية للتشييد وهى «هايديلكو»، و«كهروميكا» و«إيليجيكت»، أرسلت استغاثة إلى رئيس الوزراء، واتحاد العمال، والنقابة العامة للمرافق للتظلم من القرار بعد بوادر توقف شركة «هايديلكو» عن العمل بسبب ظروف مالية. وفيما لم يتسن ل«المصرى اليوم» الوصول إلى مسؤولى وزارة الإسكان، أكد الدكتور ممدوح حمزة، رئيس مكتب حمزة للاستشارات الهندسية، أن قرارات الإسناد المباشر دون إجراء مناقصات ومزايدات عامة خطأ، ويجب تداركه، مشيراً إلى أن هذه الأعمال بشكل عام غير قانونية، وتمنع المنافسة الشريفة، والشفافية التى هى معيار للتقدم والرقى. وأضاف حمزة أن السبب فى تدهور أوضاع مشروعات البنية التحتية هو أن المالك هو المقاول، بما لا يسمح بمراجعة ومراقبة وتسلم المشروعات بالشكل الفعلى. وفى المقابل قال حسين الجبالى، وكيل وزارة الإسكان، إن أوامر الإسناد المباشر تتم وفقا للقانون وبالمدة والقيمة، وهناك لجان لمتابعة هذه العمليات والأسعار والمستحقات المطلوبة، ومدى مطابقتها للواقع. وأضاف فى تصريحات خاصة ل«المصرى اليوم» ردا على تصريحات مسؤولى الجهاز المركزى للمحاسبات إن شركات الكهرباء تتبع وزارة الكهرباء ويحق لأى جهة حكومية أن تسند أعمالاً بالأمر المباشر إليها وفقا للقانون، موضحا أن هذا يتم فى حالات خاصة ولظروف معينة، والطبيعى هو طرح مناقصات عامة أمام جميع الشركات العاملة فى السوق. وتابع أن ارتباط وزارة الإسكان بجدول زمنى محدد فى عمليات الإنشاء يجعلها تسند مشروعات المرافق والبنية التحتية إلى الشركات بالأمر المباشر. وأكد أن شركات الكهرباء وغيرها من الشركات العاملة فى المرافق والبنية التحتية تنفذ الأعمال وتسلمها لأجهزة المدن التى ستقوم بتشغيل هذه المشروعات لاحقا، موضحا أن الوزارة وجدت أن هذه الشركات هى الأفضل فى تنفيذ هذه المشروعات لأنها هى المنفذ للشبكات الرئيسية حتى تتسق الأعمال مع بعضها. وأوضح أن شركات الكهرباء تعرف جيدا المواصفات والمعايير المطلوبة بحكم عملها فى هذا المجال لسنوات طويلة، وهذا لا يعنى اقتصار الأعمال عليها فقط، فالسوق مفتوحة للمنافسة أمام جميع الشركات.