أبى سكير وأشهر الساطور فى وجه أمى مهدداً بالقتل ذات ليلة فى نحو التاسعة سمعت صياحاً عالياً وجلبة شديدة وكراسى تتحرك فى الصالة، خرجت لأستطلع، فرأيت أبى واقفاً فى حالة هياج شديد، والشتائم المقذعة تتدفق من فمه موجهة إلى أمى، وأمى تحاول تهدئته بعبارتين لا تزيد عليهما: «إنت غلطان.. مش كده؟» وحاولت لدقيقة أو دقيقتين أن أفهم من سياق الكلام ماذا كان موضوع الشجار فلم أفلح. فتدخلت مهدئاً بقولى: «خلاص يا بابا، روح نام، يظهر إنك النهارده شربت شوية زيادة» فأجابنى دون أن يلتفت إلىّ: «إنت حمار مش فاهم حاجة» وبدلاً من أن يهدأ ازداد هياجه، وإذا به يندفع إلى المطبخ ويعود بساطور أشهره فى وجه أمى مهددا بقتلها وتطور الموقف بسرعة. كان فى حالة سكر بيّن، عينان حمراوان، ووجه محتقن، والنبيذ يفوح من فمه. حاولت إبعاده عنها بيدى لكنه دفعنى بعيدا وعاد يواجه أمى وقد رفع الساطور وكأنه وحش كاسر، فرفعت كرسياً من كراسى السفرة وتوسطت بينه وبين أمى صائحاً به: «لو تقدمت خطوة لضربتك بالكرسى.. ضع الساطور على السفرة». دكتور لويس عوض (من كتاب أوراق العمر – السيرة الذاتية للدكتور لويس عوض - 1989) تعلمت السرقة على إثر عقاب ظالم لذنب لم أرتكبه كرهت الظلم، وولت طمأنينة طفولتى، وألحقنى خالى بمكتب موثق للعقود، لم أستسغ هذا العمل ومن ثم ألحقنى كصبى أو تلميذ صانع، لدى حفار ينقش على المعادن، وهناك اختلطت بالعمال الذين كانوا يكبروننى وتعلمت السرقة، سيما أن معلمى كان يقسو على بالعقاب والحرمان، ومع ذلك فإننى لم أكن أسرق حباً فى المال أو الحيازة. جان جاك روسو «من مذكرات جان جاك روسو - الجزء الثانى» جان جاك روسو «1712/1780» ولد فى جنيف لأب يعمل ساعاتى، عرف اليتم مبكراً فقد توفيت والدته عقب ولادته مباشرة وهرب من جنيف لفرنسا وهو فى الخامسة عشرة من عمره، عرف التشرد وعدم الاستقرار وتعرض للاغتصاب من قبل راهب فى طفولته، ويعتبر كتابه الشهير العقد الاجتماعى ميثاقاً للثورة الفرنسية، بعد أن تأثر بكتاباته روبسبير وعدد من قادة الثورة.