رئيس بعثة الجامعة العربية لمراقبة الانتخابات العراقية يلتقي وفد الأمم المتحدة    انتخابات النواب 2025.. فتح اللجان وبدء عملية التصويت في اليوم الثاني بمطروح    وزير الكهرباء: 45 مليار جنيه حجم الاستثمارات لتحديث الشبكة الموحدة وخفض الفقد الفنى    الثلاثاء 11 نوفمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    يضم «17 مسؤولا حكوميا».. وفد مصري يشارك في ورشة عمل «تبادل الخبرات بالتنمية الاقتصادية» في الصين    وزير الكهرباء يترأس اجتماع الجمعية العامة ويعلن عن استثمارات ب 45 مليار جنيه    وزير الري: أي تعديات على مجرى نهر النيل تؤثر سلبًا على قدرته في إمرار التصرفات المائية    سيناريو تقسيم غزة، رويترز تكشف تفاصيل جديدة    سكرتير مجلس الأمن الروسى: ملتزمون بتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع مصر    فايننشال تايمز: إنشاء وحدة مخابرات أوروبية تقودها فون دير لاين    استياء داخل المنتخب، استبعاد لامين يامال من معسكر إسبانيا    توروب يجهز برنامج الإعداد لمواجهة شبية القبائل بدوري الأبطال    حسام البدري يفوز بجائزة افضل مدرب في ليبيا بعد نجاحاته الكبيرة مع أهلي طرابلس    الكاف يجري تعديلًا في موعد مباراة زيسكو الزامبي والمصري بالكونفيدرالية    دي لورنتيس يجدد ثقته في كونتي رغم استمرار التوتر داخل نابولي    بالفيديو.. سعد الصغير في انتظار جثمان إسماعيل الليثي لأداء صلاة الجنازة عليه    تعليم الشرقية تعاقب مدير مدرسة بعد واقعة «المشرط»، وأسرة الطالب المصاب تكشف تفاصيل مأساوية    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 11-11-2025 على البلاد    إقبال كثيف من المواطنين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات "النواب" ببني سويف.. صور    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في تصادم 4 ميكروباصات بطريق سندوب أجا| صور    اليوم.. الحكم على متهم ب«أحداث عنف عين شمس»    مصطفى كامل وعبدالباسط حمودة أول الحضور لتشييع جثمان إسماعيل الليثي (صور)    بيت الغناء يستعيد سحر "منيب" في صالون مقامات    أكاديمية الأزهر العالمية تعقد ندوة حول "مسائل الفقه التراثي الافتراضية في العصر الحديث"    نانسي عجرم تشعل أجواء «معكم منى الشاذلي» على مدار حلقتين    مشاركة إيجابية فى قنا باليوم الثانى من انتخابات مجلس النواب.. فيديو    ينطلق غدًا، الصحة تكشف نتائج النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والتنمية لPHDC 2025    الصحة: الخط الساخن 105 يستقبل 5064 مكالمة خلال أكتوبر 2025 بنسبة استجابة 100%    الرعاية الصحية: إجراء 31 مليون فحص معملي متقدم بمحافظات التأمين الصحي الشامل    الرئيس السوري يستبعد الانضمام لاتفاقيات أبراهام ويأمل باتفاق أمني    ننشر اسماء 7 مصابين في تصادم 4 سيارات على طريق المنصورة - ميت غمر    «أوتشا» يحذر من تفاقم الأزمة فى شمال دارفور مع استمرار العنف والنزوح    الثلاثاء 11 نوفمبر 2025.. البورصة ترتفع ب 0.28% فى بداية تعاملات اليوم    عبد الحميد عصمت: خط مياه جديد لقرية السلام وبحث مشكلة صرف القنطرة الجديدة    "طلاب ومعلمون وقادة" في مسيرة "تعليم الإسكندرية" لحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب 2025    بطولة 14 نجمًا.. تعرف على الفيلم الأكثر جماهيرية في مصر حاليًا (بالأرقام والتفاصيل)    بسبب أحد المرشحين.. إيقاف لجنة فرعية في أبو النمرس لدقائق لتنظيم الناخبين    وزيرا الأوقاف والتعليم العالي يشاركان في ندوة جامعة حلوان حول مبادرة "صحح مفاهيمك"    ماذا قدم ماكسيم لوبيز لاعب نادي باريس بعد عرض نفسه على الجزائر    6 أعشاب تغير حياتك بعد الأربعين، تعرفى عليها    الشحات: لا أحد يستطيع التقليل من زيزو.. والسوبر كان «حياة أو موت»    هدوء نسبي في الساعات الأولى من اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب 2025    «الوطنية للانتخابات»: المشهد الانتخابي عكس حالة من التوافق بين مؤسسات الدولة    ضعف حاسة الشم علامة تحذيرية في سن الشيخوخة    حظك اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    بعد إصابة 39 شخصًا.. النيابة تندب خبراء مرور لفحص حادث تصادم أتوبيس سياحي وتريلا بالبحر الأحمر    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    سوريا تنضم إلى تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش    انتخابات مجلس النواب.. تصويت كبار السن «الأبرز» فى غرب الدلتا    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    القنوات الناقلة لمباراة الكاميرون ضد الكونغو الديمقراطية في تصفيات كأس العالم    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    محدش يزايد علينا.. تعليق نشأت الديهى بشأن شاب يقرأ القرآن داخل المتحف الكبير    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. يوسف بطرس غالى: لست ضد المواطن.. وأسهل شىء اكتساب الشعبية.. ولكن على حساب الشارع

أسابيع طويلة لتحديد موعد للقاء يشوبها تأجيل وراء تأجيل، فأجندة الرجل ممتلئة عن آخرها، لقاءات فى الداخل والخارج، قوانين وقرارات يجب البت فيها، انتقادات لا تهدأ من معارضى حكومته الذين لا يرون فيه غير صورة «جابى الضرائب»، وهو كالقطار يسير بلا توقف، لا يبغى غير الوصول إلى محطاته التى حددها منذ البداية، متحصّناً بالحذر الذى كان السمة الشخصية بعد مهارته، التى أهلته لترؤس لجنة السياسات المالية والنقدية التابعة لصندوق النقد الدولى، كما قال عنه يومها «إيسوار برا ساد»، أستاذ السياسة التجارية، الرئيس السابق لصندوق النقد الدولى.
هذا هو دكتور يوسف بطرس غالى، وزير مالية مصر الحالى، حفيد بطرس باشا غالى، وزير مالية مصر أيضاً، والذى تولى وزارة المالية مرتين بدءاً من عام 1893، كما تولى رئاسة وزراء مصر عام 1908، وظل بها حتى كان اغتياله عام 1910 على يد إبراهيم الوردانى. ليس هذا فحسب، فوزير مالية مصر الحالى ابن شقيق دكتور بطرس غالى، وزير الخارجية الأسبق، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، الذى كان بدوره ابن شقيق وزير خارجية مصر فى 10 حكومات وفدية، وهو واصف باشا غالى.
لذا لا يعد وزير ماليتنا مستجداً فى عالم السياسة والمناصب، فهو من أسرة ذات تاريخ تحتَّم على أفرادها أن يتركوا وراءهم بصمة تعيش لأجيال تالية، كما يؤكد، وما يعنيه هو أن يقر ما يراه صحيحاً، مهما كانت آراء الآخرين، فهو- كما يقول- «صنايعى» بمواصفات عالمية لا يعنيه سوى جودة المنتج النهائى.
 الحديث معه لا يحمل سمات المسؤولين بنبرتهم الجادة المحددة بالأرقام وحسب، ولكنه يحمل ملامح أبناء البلد الذين يستطيعون إيجاد المبررات واستخدام الأمثلة الشعبية والنكات التى تقنعك، ولو بدرجة ما، بوجهة نظرهم لتشعر بإزالتهم - بعد حين - الحاجز الذى ينشأ بين المواطن والمسؤول فى العادة. وهو ما يؤكده قوله: «أنا ابن البيئة المصرية، الذى ركب المترو والأتوبيس بعد رفض والده شراء سيارة خاصة له، صحيح أنا ابن بشوات، لكن معجون بتراب البلد».
حوار «المصرى اليوم» مع دكتور يوسف بطرس غالى، وزير المالية، رئيس لجنة السياسات المالية والنقدية التابعة لصندوق النقد الدولى، لا يأتى من باب الحوار الاقتصادى، ولكن من باب الرغبة فى فهم ما يحدث فى أمورنا المالية التى تتصل بالمواطن البسيط، الذى بات يشعر بالعداء لكل ما يمتُّ لوزارة دكتور يوسف بصلة، لذا لا يشعر بصدق ما تتحدث عنه بيانات الوزارة من إصلاحات تمت فى السنوات الماضية.
■ هل كان من بين طموحاتك فى يوم ما أن تشغل مكان جدك فى الوزارة؟
- على الإطلاق، كل طموحى كان ينحصر فى أن أترك بصمة من بعدى كما فعل أفراد أسرتى، وعندما بدأت فى مراجعة قانون ضريبة العقارات فوجئت بأنه يحمل توقيع جدى، فابتسمت وأنا أصدر قراراً بإلغائه، بعد أن تغيّر الحيز العمرانى فى مصر، وبات لدينا فى المنطقة الواحدة منزل يدفع ضريبة وبجواره آخر لا يدفع، وفى كل العالم قانون حديث ذو ملامح واضحة لضريبة العقارات، فكان لابد من إلغاء قرار جدى.
■ هل يضحكك ما ينشر عنك من كاريكاتير فى الصحف أم يغضبك؟
- يضحكنى جداً ومعظمهم عندهم حق، ولدىَّ غرفة فى المنزل أجمع بها كل ما نُشر عنى من نكات، منها رسم لمواطن يصحو من النوم ويقول:«اللهم اجعله خير.. أنا حلمت بيوسف بطرس غالى!»، وآخر لمصطفى حسين رسمنى جالساً على مكتب وأتكلم فى التليفون وأقول: «نقلونى وزارة المالية بعد أن فشلت فى وزارة الاقتصاد».
■ تنقلت منذ عام 1993 بين العديد من الوزارات بدءاً من وزارة الدولة للتعاون الدولى، انتهاءً بوزارة المالية. أىّ الوزارات أصعب فى مستوى الإدارة؟
- كل الوزارات التى توليتها من قبل- سواء وزارة التعاون الدولى، أو الاقتصاد والتجارة الخارجية- كانت وزارات ذات تأثير محدود بفئة ما، ولذا تبقى مسؤولية وزارة المالية هى الأصعب من حيث اتساع دائرة الفئات وعدد الوزارات التى تتأثر بما تقرره، فأى إجراء تتخذه الوزارة يؤثر على ملايين البشر، وأى خطأ أو قرار غير محسوب قد يتسبب فى كارثة.
بمعنى آخر، حينما كنت وزير اقتصاد كان تأثير منصبى يقتصر على القطاع المصرفى والتأمين، وحينما انتقلت لوزارة التجارة كان التعامل مع قطاع المصدرين والمستوردين، وكان عددهم محدوداً، لأن التصدير كان عيباً وقتها، وكثيراً ما كنت أسمع كلمة «هو إحنا عندنا إيه نصدره»! لكن فى وزارة المالية الوضع مختلف، ضرائب وتأمينات ومعاشات ورواتب، ولذا يجب أن تحسب كل خطوة قبل اتخاذ القرار لمعرفة عدد المستفيدين والمتضررين منه، فأى قرار يحمل العنصرين ولكن يجب أن يكون جانب المستفيدين أكثر، ولهذا أجد مسؤولية وزارة المالية أصعب.
■ هل تعتقد أن قدر وزير المالية يحتم عليه أن يكون طيلة الوقت، شاء أم أبى، ضد الشارع؟
- وزير المالية ليس ضد الشارع ولكنه يُصور على أنه كذلك، ويمكن لوزير المالية أن يصبح أكثر وزراء الحكومة شعبية إن أراد، لكن هذا سيكون على حساب مصلحة الشارع على سبيل المثال، ماذا يمنعنى من أن أعلن غداً عن زيادة الأجور 20%؟ الإجابة لا شىء، فأنا لا أدفعها من جيبى الخاص، لكن من سيتحمل تلك الزيادة؟ الناس. أستطيع أن أطلب من وزير التضامن زيادة حصة التموين المقررة لكل أسرة وخفض سعرها، تحية من وزير المالية للجماهير.
فقصة الشعبية ليست صعبة ولكن السؤال هل يتماشى هذا مع المصلحة العامة وبعيدة المدى للمواطن أم لا؟ فوزير المالية لا يعادى الشعب، ولكنه يرى الصورة كاملة، والناس والوزراء سواء يريدون زيادة الإنفاق، ومن يقف على باب المال؟ «سى وزير المالية»، ولكننى لا أستطيع منح المال إلا بعد حساب النتائج.
على سبيل المثال يأتى لمكتبى كل الوزراء، وكل واحد منهم يجلس معى ويقول لى أن لديه خطة لحل كل مشاكل الناس فى جميع القطاعات، فقط هو بحاجة لعشرة مليارات جنيه، وكلهم يرددون عبارة واحدة مفادها: «امنحنى المال ولن تشكو فى الغد من أى مشكلة فى الوزارة»، ولكننى أعرف ميزانية الدولة وأرى الصورة كاملة، فتنتهى الجلسة بحصول السيد الوزير على 200 مليون جنيه!
الناس لا تفهم أن ميزانية الدولة لا تختلف عن ميزانية البيت، هناك موازنات وتوافيق وتباديل، وضرورات وكماليات. ولكن مع فارق أن ربة البيت قدرتها على الاقتراض محدودة، لأن من يقرضها اليوم لن يقرضها غداً، أما أنا كوزير مالية فقدرتى على الاقتراض بلا حدود، طالما هناك فوائد يتم دفعها.
 كما أن الخزانة العامة لا تعلن إفلاسها لأنه لدى مطبعة يمكنها طبع مليارات، لكن من سيرد القروض؟ ابنك وابنى. والاقتراض لا يعنى إلا زيادة التضخم، والتضخم ضريبة عشوائية وعمياء مثلها مثل أى ضريبة أخرى، والدين سيتم دفعه بأى طريقة سواء من خلال الفوائد أو التضخم الذى لا يعنيه من يصيب.
■ عندما قرر الرئيس زيادة الرواتب 30% فى العام الماضى اعترضت وقلت من أين، وعندما قرر منح العلاوة الاجتماعية 15% هذا العام اعترضت وقلت 5% فقط وحسمها الرئيس فى النهاية بقيمة10%. السؤال هل يضغط القرار السياسى على القرار الاقتصادى؟
- لا نستطيع تسميته ضغطاً ولكن هناك مواءمة، فما لدى من ميزانية معروف ويناسب علاوة قدرها 5%، وقد تناقشنا داخل الحكومة وسمعنى الرئيس الذى لا يفرض قراراً، ولكنه يشاور معاونيه، وقلت له إن تدبير العلاوة ممكن ولكنه سيزيد العجز وهو ما حدث هذا العام، فالعلاوة لم تكن بند الزيادة الوحيد لدينا هذا العام، حيث قامت الحكومة بضخ نحو 12 مليار جنيه، لزيادة الإنفاق وتشغيل الاقتصاد فى ظل آثار الأزمة المالية العالمية.
فالعلاوة لا تزعجنى ولست ضد حصول المواطن عليها، ما يزعجنى هو أن معدل النمو فى الاقتصاد القومى منخفض، فبعدما أصلحنا الجمارك والضرائب باتت الضرائب تستجيب لمعدل النمو أى ترتفع وتنخفض وفقاً له، وإذا كانت زيادة النمو تتطلب إنفاق المزيد لزيادة الحصيلة سأفعل، ولكن كل شىء يجب أن يكون بحساب وإلا غرقنا. فى الماضى لم يكن وزير المالية يجرؤ على الإنفاق، لأن حصيلة الضرائب لم تكن تستجيب لما يحدث فى الاقتصاد.
 وعودة مرة أخرى لكيفية إقرار أى قرار اقتصادى أقول إن الحوار مع الرئيس ليس من جانب واحد ولكنه حوار من الجانبين يقترح ويتساءل ونناقشه. لكن التوازنات تختلف، وفى النهاية نصل لقناعة أن العلاوة 10% مطلوبة فنقرها. فالزيادة فى الراتب معناها زيادة إنفاق، تؤدى لزيادة تشغيل وأجور، تمنح الدولة مزيداً من الضرائب فتساعد فى تشغيل عجلة الاقتصاد.
■ هل يُعقل أن تمثل الضرائب ما يزيد على 65% من موازنة الدولة فى عام 2008- 2009 بقيمة 167 مليار جنيه، بينما الاستثمار لم يتعد قيمة 32 مليار جنيه؟ بمعنى أن المواطن من يتحمل القسم الأكبر فى الموارد؟
- هذا طبيعى فى كل دول العالم، الضرائب تمثل قيمة كبيرة من دخل الدولة، لكن المشكلة لدينا فى حجم الاستثمارات التى نسعى لأن تزيد، وبالمناسبة فأنا أتوقع أن تكون حصيلة الضرائب هذا العام أقل بسبب الأزمة العالمية التى لم تلحق بنا إلا فى الربع الأخير من العام الماضى، الحكومة ضخت 12 مليار جنيه لزيادة تنشيط السوق وحمايتها من الركود، والضرائب ليست شيئاً سيئاً بل دليل على قوة الاقتصاد.
■ تحدثت عن زيادة العجز فى الموازنة التى تعنى ببساطة أن إنفاقنا أكبر من مواردنا، والسؤال الذى يطرحه الشارع، لم لا نحيا بما يناسب مواردنا لتقليل الاقتراض؟
- نحن نقترض لسد العجز، ولا يعجب هذا أحداً، بل هناك مطالب بالزيادة من كل الوزارات، فما بالك لو عشنا بقدر ما يتناسب مع مواردنا؟ السؤال لو عشت على قدر مواردى، من أين أقتطع الزيادة من التعليم أم الصحة أم الطرق أم الإسكان؟ واحسبوها معى، موازنة هذا العام تقدر بنحو 340 مليار جنيه، منها80 مليار جنيه أجوراً، و80 ملياراً أخرى فوائد ما اقترضناه فى السنوات الماضية، و80 ملياراً أخرى أمناً قومياً ما بين قوات مسلحة ودعم، كل هذا بلا خدمات. لا يوجد مشكلة فى أن يكون هناك عجز فى حدود، لأننى أعلم أن الاقتصاد سينمو ويمنحنى مع النمو إيرادات تسد العجز طالما أنه آمن.
 وأذكر أننى عندما تسلمت الوزارة كان مقدار العجز 9.5%، وكان حجم الدين المحلى 107% من الدخل كان اقتصادنا ينهار، فقمنا باتخاذ مجموعة من الإجراءات الجديدة لدفع الاقتصاد للأمام ومن بينها كان خيار الخصخصة، وتقليص حجم الإنفاق، وسددنا قروضاً كانت علينا، فانخفض حجم الدين المحلى ووصل إلى 64%، بينما النسبة الآمنة تمثل نحو50%. أى ما يعنى أنه ما زال أمامنا 14 نقطة، بينما انخفض العجز فى الموازنة وبلغ 6.8 %.
وكان الاتجاه أن ينخفض فى ميزانية2011-2012.إلى حدود 3%، ولكن جاءت الأزمة العالمية بما لا تشتهى المالية، والناس لا تشعر بحجم المسؤولية، يعتقدون أن وزير المالية هو المتحكم فى الخزانة دون أن يشعر بهم وهذا غير حقيقى، فإذا كان رب الأسرة يحمل هم تدبير نفقات أسرة مكونة من 3 أو 4 أفراد، فأنا أحمل هم تدبير نفقات دولة. ولكن الإعلام يتعامل مع وزير المالية، وكأنه متبلد الإحساس، سخرية وهجوم وكأنه يعشق سياسة المنع. ولكن أنا لدى رؤية للمستقبل أريد أن يسير البلد آمناً دوماً، نريد النهوض للأمام.
■ فى اعتقادك لماذا لا يشعر المواطن بما تحقق من إنجازات اقتصادية ترددها الحكومة؟
- أولاً لا يوجد مواطن سيسعد بدفع الضرائب وتقنينها، ثانياً الإصلاح الاقتصادى فى أى دولة من دول العالم يتم الشعور به من قبل المواطنين بنفس فكرة الحجر الذى تلقيه فى الماء فيكون دوائر متتالية، حيث يتم الشعور بالتحسن من قبل الدائرة الأقرب فالأقرب. ليس هذا فقط
فالإحساس بالتحسن ليس بدرجة واحدة لدى كل المواطنين، مثال على ذلك لو أعلن مصنع فى برج العرب عن طلب وظائف من سيعلم بها؟ سكان برج العرب أولا ثم سكان المنطقة المجاورة لها وهكذا، وإذا قال إن القبول فى الوظيفة سيتم عن طريق اللقاءات الشخصية، فيأتى مواطن يرتدى زياً مهندماً ومتعلم ويجيد الكمبيوتر ولغات، وآخر غير مهندم ولكن يمتلك نفس المهارات. من يأخذ الوظيفة؟ الأول بالطبع.
 وإذا تقدم ثالث غير مهندم ولا يمتلك مهارة الكمبيوتر ولا اللغات، نأخذ الثانى، وهكذا نفس المثال ينطبق على التنمية الاقتصادية، لا يجوز أن تأتى لى بأخر واحد يقف فى الطابور وتخبرنى بأنه لا يشعر بالإصلاح، ولكن فى يوم ما سيأتى عليه الدور.
لأن حلقات سلسلة التنمية الاقتصادية تشد بعضها، مثال حقيقى مدينة برج العرب كانت تعانى من نقص عمالة بينما أبو قير فيها بطالة، والسبب تلك المسافة التى تقدر بنحو 70 أو 80 كيلو متراً بين الاثنين، هذا العام هناك خط سكة حديد خصصنا له 200 مليون جنيه يربط بين المنطقتين، ويلغى حاجز المسافة ليشعر بالتنمية التى بدأت فى برج العرب من يسكن أبو قير.
 ومن أين جئنا بتكلفة هذا الخط؟ من زيادة حصيلة الضرائب العام الماضى، فالسلسلة مربوطة مع بعضها، ناس تنفق، مشاريع تنتعش، وناس تدفع ضرائب، تحصلها الدولة للإنفاق على الخدمات وهكذا. حالة النمو فى مصر لم تحدث إلا من خمس سنوات فقط، وهى فترة لا تتيح أن يسمعنى 80 مليون مواطن، لكن أكيد سنصل لهم فى النهاية.
■ عبرت العام الماضى عن قلقك فيما يتعلق بعدم إحساس الفقراء فى مصر بالنمو الاقتصادى، وقلت: «هذا تحد أساسى يجعلنى لا أنام الليل، لأنى لا أعرف كيف نتعامل معه» أى الفقراء كنت تقصد؟
- كنت أعنى الفقير الذى لا يزيد دخله على 90 جنيهاً فى الشهر، ولكننى لا أعرف أين أجد هؤلاء، والسبب أننا ليس لدينا قاعدة بيانات عن الفقراء فى مصر.
■ ألا تمتلئ العشوائيات بالفقراء؟
- إلى حد ما، ولكن ليس كل سكان العشوائيات فقراء، فمواصفات العشوائيات فى مصر ليست كأى بلد فى العالم، لدينا فى العشوائيات عمارات ترتفع إلى عشرة طوابق أو أكثر بمواصفات بناء أفضل من مواصفات الحكومة، ويسكنها مواطنون يتكسبون الكثير من المال، فالعشوائيات ليست دليل على الفقر، هذه عشوائيات ناتجة عن سوء إدارة وتخطيط. العشوائيات تعنى أنه كان هناك ناس تبحث عن سكن، والحكومة تقول لهم لا أملك ما تطلبون، صرفوا أنفسكم، نفس منطق: «عيش قدامك، مكسر ما تاكلش، سليم ما تكسرش». عشوائية فى البيروقراطية لا فى الدخل. ولو سألت أى فرد فيهم عن حجم دخله، سيقول لك 5 قروش. وأنا أبحث عن الفقير الحقيقى.
■ ألا تحدد تقارير التنمية البشرية حجم الفقراء؟
- تحدد نسبتهم ولكن لا تعطينى أماكن تواجدهم ليس لدينا قاعدة بيانات تحدد من هو الفقير، وأين أجده، وتقرير التنمية البشرية ليس معياراً. لكن نحن الآن بصدد عمل قاعدة بيانات من خلال وزارة التضامن التى وضعت آليات لتحديد أماكن الفقر فى مصر، من خلال تحديد نوع المسكن وحالة التعليم والبطالة وعدد من يسكنون فى المنزل، هل هناك شراكة فى الحمام أو المطبخ أم لا، وهكذا. ونجحنا فى تحديد الألف قرية التى وجدنا أن 80% من سكانها تحت خط الفقر فبدأنا العمل عليها.
حالنا يشبه بمريض الأنيميا، عندما تمنحه الدواء فى أول شهر لا يبدو عليه التحسن، وفى الشهر الثانى يظهر عليه بعض التحسن. ولكن لا يمكن أن تمنحه فيتامين يمنحه القوة فى التو واللحظة. سوهاج وبنى سويف تشعران بالتحسن، وكذلك سكان العاشر من رمضان وبرج العرب، فعدد الشركات التى تم افتتاحها فى السنة المالية الماضية يفوق عدد ما تم إنشاؤه فى 20 سنة مضت.
■ ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع، مثل شعبى ردده المصريون عندما قرأوا عن إصرارك على تخصيص 92 مليون جنيه فى الموازنة الجديدة كبدل سفر المسؤولين فى الحكومة.. ما تعليقك؟
- أولاً أنا عندى 5.7 مليون موظف إذا سافر منهم نصف فى المائة فمن الطبيعى أن نخصص لهم ذلك المبلغ، ثانياً هذا المبلغ مكتوب فى الموازنة كنفقات سفر للمسؤولين بما تشمله من تذاكر طيران وحجز فنادق وانتقالات.
■ وماذا عن حقيقة ما يتردد عن أعداد المستشارين فى وزارات الحكومة وأجورهم الفلكية؟
- كلام غير حقيقى وعددهم لا يزيد فى كل الحكومة على 500 شخص ولا حقيقة لما يقال عن أجورهم الفلكية.
■ لماذا توقف قطار الخصخصة فى مصر؟
- بسبب الأزمة المالية العالمية، من سيشترى وبكم؟ وهذا هو سبب توقف قطار الخصخصة لحين تجاوز تلك الأزمة.
■ كمسؤول هل تشعر براحة الضمير؟
- جداً فأنا لا أعمل إلا كى أريح ضميرى، وإلا كنت عملت أى شىء دون النظر لصحته، ولكننى أؤمن بأنه لا يصح إلا الصحيح، كما أننى أشعر بالمسؤولية منذ صغرى فأنا معجون بتراب البلد وأعرف مشاكله، لم أكن مرفهاً فى يوم ما، حتى إن أبى رفض شراء سيارة خاصة لى فى الجامعة وأصر أن أركب المترو والأتوبيس كى أشعر بالناس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.