جامعة النيل.. جامعة أهلية غير هادفة للربح، تعمد مؤسسوها أن يسدوا الفجوة المتزايدة بين التعليم الحكومى والتعليم الخاص، وأن ينشئوا فى مصر جامعة بحثية معترفًا بها دوليًا، لذا اختاروا أن تكون اللبنة الأساسية فيها وحجر الزاوية «طلبة الماجستير» أوائل الكليات الذين لم يجدوا مكانا أو ظروفا مناسبة لإكمال أبحاثهم ودراساتهم فى الجامعات الحكومية. ووفر المؤسسون لهؤلاء الطلاب أحدث المعامل ومراكز الأبحاث، بخلاف المصروفات الدراسية ومنحهم رواتب شهرية طوال فترة الدراسة.. «المصرى اليوم» تفقدت هذا الصرح العلمى الواعد، وأجرت هذا الحوار التالى مع الدكتور عمرو مرتجى، نائب رئيس الجامعة. ■ متى تم التفكير فى إنشاء الجامعة؟ - مع بداية التسعينيات بدأت فى مصر موجة جديدة من الاستثمار تحت اسم «التعليم الخاص»، أغلبها جامعات تهدف للربح والاستفادة من رغبة الطلاب فى الالتحاق بكليات لم يوفرها لهم مكتب التنسيق. هذه الجامعات لم تسع لتطوير العملية التعليمية أو البحث العلمى فى مصر، وبين هذه الجامعات والجامعات الحكومية كانت هناك «حلقة مفقودة»، حاولت جامعة النيل أن توجدها، وهى أن تكون هناك جامعة أهلية لا تهدف إلى الربح، وهو نموذج مشابه للظروف التى نشأت بها جامعة القاهرة، عن طريق مساهمات المجتمع المدنى. ■ من هم المؤسسون؟ - 50 من رجال الأعمال المصريين، يمثلون شراكة بين قطاع الأعمال والصناعة والحكومة - متمثلة فى وزارة الاتصالات- والمجتمع المدنى. ■ وما مساهمة قطاع الصناعة فى هذه الجامعة؟ - بعض شركات الاتصالات تبرعت بمبالغ كبيرة كدعم للجامعة. ■ هل هى تبرعات مشروطة؟ - لا. ■ ما السلعة التى تقدمها جامعة النيل؟ - تعليم متميز بالتعاون مع جامعات متميزة فى أوروبا وأمريكا. ■ هذا التعليم يستدعى مصروفات دراسية باهظة؟ - لا يوجد تعليم مجانى الآن، لكننا نسعى إلى وضع مستوى متوسط للمصروفات، وأريد أن أقول إن الجامعات العالمية المحترمة لا تعتمد على مصروفات الطلاب، وإنما على المنح والمساعدات الخارجية والشركات. ■ وما الأهداف التى تسعى الجامعة إلى تحقيقها؟ - البحث العلمى، والمساهمة فى نمو الاقتصاد القومى فى مصر، من خلال التركيز على البحوث العلمية فى مجالات محددة، مثل المعلوماتية الحيوية وتطبيقاتها، والإبداع والتنافسية وتكنولوجيا الشبكات اللاسلكية والإلكترونيات الدقيقة. ■ لماذا تم اختيار هذه التخصصات بالتحديد؟ - أنت تبحث عن دور ريادى، ولابد أن تزاحم الكبار، فالبحث فى المعلوماتية الحيوية وتطبيقاتها يعنى الحصول على أفضل النتائج التى يمكن أن تؤثر بالايجاب على الصحة والزراعة والبيئة فى مصر، أما تكنولوجيا الشبكات اللاسلكية فهى الثورة المقبلة التى ستغير خريطة العالم، وهذه التكنولوجيا المتطورة ستساعد الدول النامية ومن بينها مصر فى الاشتراك فى العالم الرقمى دون الحاجة إلى نشر بنية تحتية تتكلف مليارات الجنيهات، كما أنها تستغرق سنوات طويلة لإتمامها، لذا فقد اخترنا أن تكون هذه هى البداية وألا ننظر فيما يفعله الآخرون لأنه لا يرضى طموحنا. ■ وما الاستفادة العائدة على الجامعة من اتباع هذه السياسة؟ - أولاً، تكسب سمعة عالمية لائقة، وهو ما تتم ترجمته إلى أموال تستثمر مرة أخرى فى مراكز الأبحاث وعقول الباحثين، ثانيا إعداد عدد كاف من القيادات فى مجال الإلكترونيات لجذب الشركات العالمية فى هذا المجال مثلا للاستثمار فى مصر، وهو ما جعل شركة مثل إنتل توافق على تدريب أعضاء المركز البحثى والطلبة لدينا والحال نفسه مع بعض الجامعات الأمريكية. ■ هناك جامعات مصرية حكومية تقوم بالبحث فى هذه المجالات أيضا؟ - هذا حقيقى.. ولكن لو ضربنا مثالا بالنانو تكنولوجى، فإن جامعة القاهرة تركز على الجوانب الخاصة بالتطبيقات فى مجالات الطاقة البديلة وتحلية المياه، أما نحن فقد أنشأنا أول مركز متخصص للنانو تكنولوجى فى منطقة شمال أفريقيا، ونستخدمه فى النظم الخاصة بمجالات برمجيات النمذجة والمحاكاة والخلايا الضوئية الجديدة وتحلية المياه، ويكون تركيزنا الأساسى على الجوانب الخاصة بتكنولوجيا المعلومات، وهو ما يجعلنا متفردين وعمليين أكثر. ■ ما الأسس العلمية التى لجأتم إليها فى إنشاء البنية العلمية للجامعة؟ - أهم الصعوبات التى واجهتنا كانت تلافى الأخطاء التى زرعها التعليم الحكومى فى نفوس الطلاب، مثل الروتين والتواكل والحفظ وكل عيوب البيروقراطية والمحسوبية، لذا فقد حرصنا أولاً على أن نخرج بباحثينا خارج هذه الدوائر التى تقتل الإبداع، ولأننا اعتمدنا فى الأساس على طلاب وباحثين متفوقين، تلقوا تعليمهم الأساسى والجامعى فى الجامعات الحكومية، فنحن ندين لهذه الجامعات بالفضل فى إعداد هذه الكوادر بهذه الصورة، ولكن كيفية توظيف وتطوير والاستفادة القصوى منهم، هو ما نسعى إلى تحقيقه الآن فى جامعتنا مع طلابنا. ■ منذ بدأت الجامعة رسميا فى 2007 لم تقبل طلاب الثانوية العامة.. لماذا؟ - لأن لنا أولويات، وأهمها البدء بطلاب الماجستير، وهذا العام سنقوم بقبول عدد محدود من طلاب الثانوية العامة ولكن فى تخصصات معينة، لتكون النواة التى نواصل معها بعد ذلك. ■ وما آلية التواصل مع الجامعات العالمية؟ - نقوم بدعوة أبرز الأساتذة فى جامعات متميزة فى تخصصات معينة نقوم بتدريسها، للحضور إلى القاهرة على فترات متواصلة ويقومون بالتدريس للطلاب هنا، كى نضمن أن ينقلوا لنا أحدث طفرات التكنولوجيا التى يتلقاها الطلاب فى أمريكا فى نفس الوقت وبنفس الطريقة والكفاءة، وبهذا نحافظ على ألا تكون هناك فجوة تكنولوجية بيننا وبينهم، لأننا فى الوقت نفسه نعمل على تطوير وابتكار التكنولوجيا الخاصة بنا، التى سوف نبيعها لهم فى وقت ما. كما أن هناك فائدة مهمة جدا، هى أننا بذلك نكوّن كوادر من هؤلاء الأساتذة فى الخارج يكونون بمثابة سفراء يسوقون لنا ويرشحوننا لجوائز ودوريات عالمية، وهذه هى الطريقة الأصح لوضع مصر على خريطة العلوم والتكنولوجيا فى الشرق الأوسط، لأن المستثمر القادم من الخارج يأتى إلى هنا ليستثمر فى القدرات البشرية والعلمية، وبدون هذا نحن لا نملك أى شىء. ■ ما نوعية الدعم الذى تتلقونه من الحكومة؟ - الحكومة توفر لنا تسهيلات كثيرة، فوزارة الاتصالات تعتبر الراعى الرسمى للجامعة، بالإضافة إلى الدعم والتشجيع الذى نتلقاه باستمرار من الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء. ■ ما عدد طلبة الماجستير فى الجامعة الآن؟ - 300 طالب سنويا، يصلون خلال 5 سنوات إلى ألف. ■ بعض الجامعات الأجنبية تعطى منحا للطلاب المتفوقين؟ - نحن أيضا حريصون على ذلك. ■ ماذا عن غيرالقادرين ماديا؟ - الأساس هنا هو القدرة العلمية على التحصيل والإبداع، ولو وجدنا طالبًا واعدًا سنكفله بالطبع ويوجد عندنا نماذج على ذلك بالفعل. ■ لماذا لا توجد تخصصات طبية فى الجامعة؟ - لن ندخل فى هذا البيزنس. ■ لماذا تعتبره «بيزنس»؟ - أولا لكى ندرس الطب فيجب أن يكون هناك أشخاص آخرون غيرنا، لأننا كلنا متخصصون فى التكنولوجيا والاتصالات، ثانيا تصميم الجامعة لا يتناسب مع ذلك، وثالثا المسؤولون عن الجامعة اتفقوا على شىء واحد، هو استثمار العقول فى مجالات محددة لن نغيرها مهما حدث، ومهما كانت الإغراءات المادية، ورابعًا لأن المصريين مهووسون بأن يحمل أبناؤهم لقب طبيب، ولن نسمح لأنفسنا بالمشاركة فى هذه المهزلة، نحن نبحث لمصر عن دور حقيقى وليس عن مظاهر فارغة ووجاهة اجتماعية محلية. ■ كيف يتم تسويق انتاج الجامعة؟ - نشترط على الجامعات العالمية التى نتعاون معها فى الخارج أن يتم نشر إنتاجنا فى الدوريات العلمية المعتمدة عالميا، وهو ما يحقق لنا ما نسعى إليه.