عندما قالها الفنان عادل أمام زمان «بلد بتاعة شهادات صحيح» كان ممتعا ولا أقصد هنا المعنى الضعيف للعبارة بل أقصد المعنى الأوسع بكثير، فنحن بلد لايهتم إلا بالمظاهر.. بلد يأخذ من كل ثمرة القشور، ويرمى الباقى، ننظر إلى ما يفعله الآخرون ونقلدهم وإن لم نفعل وصفنا أنفسنا قبل أن يصفنا الآخرون بالمتأخرين... نصدر أحكامنا بناء على مكان المسكن ونوع العربية وطبيعة العمل بل والأكثر من هذا... ماذا يرتدى، ومن أى محل يشترى احتياجاته.. والكارثة أننا ننقل لأولادنا دون أن نشعر هذا الأمر.. فنفاجأ عندما يأتون إلينا ليطلبوا حذاء رياضيا من ماركة معينة أن الكوتشى الذى يرتديه أرخص من كوتشيات زملائه .. قس على الكوتشى كل شىء: تى شيرتات وملابس رياضية والموبايل والساعة. وكنت دوماً أسأل أولادى: ألا يعجبك؟ أى ليكن المعيار ما تحب لا ما يحبه الآخرون.. فيقتنعون وهم معى ويغيرون رأيهم فى اليوم التالى.. لماذا؟ لأن الأطفال أحباب الله يتمتعون بالكثير من الشر الذى يرثونه طبعاً عن أولياء أمورهم.. ومن مفردات هذا الشر المنظرة والاستقواء على الضعيف.. صحيح أن أولادى أخذوا عنى الدفاع عن الضعفاء دوماً لكنهم اكتشفوا - قبلى بكثير (فرق أجيال) أو درجة ذكاء أعلى لست أدرى- أنهم لا يستطيعون دوما مساندة الخسران فى المعركة فقرروا يمشوا حالهم دون أن ينشقوا أو ينضموا لحزب من الاثنين.. ومجتمعاتنا مظهرية فكثير من الملابس ترتدى للتقليد وليس للموضة... ونحن أول ما يرتدى يرمى البيوت بالطوب والزلط دون أن ننظر إن كانت بيوتنا من زجاج أم من معدن... نحكم على الآخر من دينه ولونه ومستواه الاجتماعى وأهله وأولاده وزوجته... ونبتسم فى وجوه الآخرين، نتملقهم دون أن نمتلك شجاعة المواجهة.. ولو واجهنا أو كنا من أهل الصراحة لاتهمنا بأننا نحب المشاكل وأظن أن مثل «امش جنب الحيط» مصرى أصيل.. طبقناه وأصبحنا ملتصقين بالحيط.. فنحن والحيط واحد... وظلنا هو الذى يتحدث ويلتقى بالآخرين وليبحث كل منا عن (الأنا) الحقيقية التى لا ترسم ابتسامة مزيفة والتى تحب بصدق وتفعل ما تشاء دون أن تحاول دوما إرضاء الآخرين. حاول أن تكون أنت بكل عيوبك ومن يحبك بصدق سوف يتقبلك. ومخطئ من يعتقد أنه قادر على تغيير الآخر باسم الحب أو المصلحة. نحن ما نحن عليه.. ونحن فقط قادرون إما على التصالح مع أنفسنا وقبول أنفسنا كما هى... وأن نحب أنفسنا بصدق أو نتغير من أجل إرضاء الآخر وأول من سوف نخسره أنفسنا، سنبحث عنا ولن نجدنا.. سنجد صورة مشوهة عبارة عن مقتطفات من الآخرين. [email protected]