وزير الخارجية السعودي: الأولوية لوقف إطلاق النار في غزة.. وإسرائيل مسئولة عن عدم إدخال المساعدات    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    مادي يحتقر القيم الفنية.. روبرت دي نيرو يهاجم ترامب في حفل تكريمه بمهرجان كان السينمائي    «التأمين الصحي الشامل» توقّع اتفاقية لتقديم خدمات طبية مع «عين شمس التخصصي» بالعبور و «ابن سينا» بالجيزة    بالصور- محافظ الدقهلية يقود حملة تفتيشية على مخابز أوليلة ويرصد مخالفات جسيمة    "الداخلية" تُصدر أكثر من 8 آلاف بطاقة رقم قومي للمصريين بالسعودية والكويت في 10 أيام    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    الرئيس السيسي يؤكد أولوية الدولة لتطوير المنظومة التعليمية في اجتماعه مع الوزير عبد اللطيف ومدير الأكاديمية العسكرية    بعد الانخفاض الأخير.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 في الصاغة    الضرائب: أطلقنا حزمة تسهيلات ضريبية لتحقيق عدالة وكفاءة وشفافية أكبر    لدعم التعاون العلمي.. سفيرة رومانيا تزور المركز القومى للبحوث    رئيس هيئة قناة السويس يدعو وفد «ميرسك» لتعديل جداول إبحارها والعودة التدريجية للعبور    تطهير الترع والمصارف في أسيوط وحملة بديروط    رئيس الوزراء: الاقتصاد العالمي يدخل حقبة جديدة لا تزال ملامحها غير واضحة حتى الآن    وزير «التعليم» يلتقى وفدا من البنك الدولى لبحث سبل تعزيز أوجه التعاون المشترك    براتب 390 ديناراً.. وزير العمل يعلن عن 107 وظائف في شركات مقاولات بالأردن    فرنسا تطالب بتكثيف الضغط على إسرائيل بشأن غزة    الصين: تعديل الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية المستوردة اليوم    «ماسك» يشكر السعودية لدعم ستارلينك في الطيران    إعلام عبري: الجيش الإسرائيلي ألقى 40 قنبلة خارقة للتحصينات في خان يونس أمس    شكوك حول مشاركة بنزيمة في مباراة التتويج بالدوري السعودي    يد - منتخب مصر للسيدات في المستوي الرابع لقرعة بطولة العالم 2025    "معرفوش ومليش علاقة بيه".. رد رسمي على اتهام رمضان صبحي بانتحال شخصيته    «وقع العقود».. شوبير يعلن رحيل نجم الأهلي للدوري السعودي    سباق الدوري – تعرف على المتبقي في المنافسة على اللقب والمشاركة الإفريقية    مدرب سلة الزمالك: سعداء بالفوز على الأهلي وسنقاتل للتأهل لنهائي دوري السوبر    فى نواصيها الخير    أزمة مباراة القمة.. اجتماع طارئ وقرار مفاجئ من بيراميدز بعد تسريب قرار لجنة التظلمات .. فيديو    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    السجن المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لتاجر مخدرات في قنا    جداول امتحانات الصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني في 19 محافظة    وفاة شرطي متقاعد في حريق منزل بسبب ماس كهربائي بطامية في الفيوم    السجن المشدد 10 و15 سنة لشقيقين قتلا جارهما بالشرقية    مصر تدعو المواطنين المتواجدين فى ليبيا بتوخى أقصى درجات الحيطة    سيناريوهات تنتظر الفنان محمد غنيم بعد القبض عليه فى واقعة تهديد طليقته    تحرير 11 محضرا لمخالفات تموينية بكفر الشيخ    الري: تحقيق مفهوم "الترابط بين المياه والغذاء والطاقة والبيئة" أحد أبرز مستهدفات الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0    1.3 مليون مشاهدة لأحدث أغاني نجوى كرم في أسبوع (تعرف عليها)    فتحي عبد الوهاب يكشف ذكرياته مع عادل إمام    وزير الثقافة: يجب الحفاظ على الهوية المصرية وصونها للأجيال القادمة    لاستقبال ضيوف الرحمن.. رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم الحج (صور)    اليوم..مصطفى كامل يستعد لطرح أحدث أعماله الغنائية "قولولي مبروك"    فتحي عبد الوهاب يكشف كواليس مشهد ضرب ريهام عبد الغفور    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من مايو 2025.. أفكار جديدة ومكافأة مالية    الأدعية المستحبة عند حدوث الزلازل.. دار الإفتاء توضح    بالصور.. جبران يناقش البرنامج القطري للعمل اللائق مع فريق "العمل الدولية"    وفد جامعة حلوان يشارك في المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية بالقاهرة    عبد الغفار يشهد توقيع بروتوكول لتحسين جودة الرعاية الصحية في مصر    «الصحة العالمية» توصي بتدابير للوقاية من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية    «الرعاية الصحية»: توقيع مذكرتي تفاهم مع جامعة الأقصر خطوة استراتيجية لإعداد كوادر طبية متميزة (تفاصيل)    وزير الخارجية: الدفاع عن المصالح المصرية في مقدمة أولويات العمل الدبلوماسي بالخارج    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 14 مايو 2025    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    بيان عاجل خلال دقائق.. معهد الفلك يكشف تفاصيل زلزال القاهرة    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. قدرى حفنى يكتب: ليس دفاعاً عن القمنى بل عن هوية مصر

حصل الدكتور سيد القمنى على جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية هذا العام، وقامت حملة تطالب بسحب الجائزة منه، ولم يكن ليدهش أحد أن يعلن البعض عدم أحقية الفائز بالجائزة، فمنح الجائزة أمر اجتهادى يقوم أساسا على قاعدة اختلاف الرأى وإلا لما اعتمد منحها على تصويت من لهم حق التصويت عليها. لكن ما يستوقف النظر ويدعو للتأمل أن الأمر قد تجاوز حدوده وعلا صراخ الغاضبين المحتجين إلى حد أصابنى بعض من رذاذه حين اجتزأت واحدة من الصحف الإلكترونية جانبا من حديث تليفونى شخصى جرى مع صديق،
لم يفصح لى أنه يمثل تلك الصحيفة التى نشرت ما اجتزأته كما لو كان ضربة صحفية تناقلتها بعد ذلك عدة منابر صحفية منها مقال للأستاذ بلال فضل الذى أعتز بكتاباته كثيرا فى جريدة «المصرى اليوم» المحترمة.
لقد تجاوز الأمر حدود الصواب والخطأ ليصل إلى منطقة رفع الدعاوى القضائية والاستجوابات البرلمانية، وما يستوقف النظر أكثر أن تلك الدعاوى والاحتجاجات والاستجوابات تصدر عن رموز ينتسبون للتيار الإسلامى الذى يشكو من التضييق عليه، والذى كان الأجدر به أن يطالب بتوسيع مساحة الحرية الفكرية، فالحرية لا تتجزأ ولا مجال فيها للكيل بمكيالين.
لقد أثارت لدى تلك الحملة الكثير من التساؤلات تتجاوز كثيرا حصول السيد القمنى على الجائزة أو عدم حصوله عليها، فالأمر يتعلق فيما أرى بهوية الدولة المصرية وطبيعة مؤسساتها وحدود التزامات تلك المؤسسات الفكرية، فضلا عن طبيعة مثل تلك الجوائز.
إن من يقرر منح «جوائز الدولة» عمليا هم أعضاء المجلس الأعلى للثقافة، ورغم أننى لست عضوا بالمجلس، بل ورغم أننى لم أحصل على الجائزة التى كنت ضمن المرشحين لها، فإننى أعرف أن القرار يتخذ عن طريق التصويت السرى، وأن أحدا من أعضاء المجلس لم يعترض مبدئيا على ترشيح الدكتور السيد القمنى، وجرى التصويت بحضور الجميع، ولم يحصل القمنى بطبيعة الحال على جميع الأصوات بل حصل على الغالبية المطلوبة، أى أن هناك من أيد وهناك من عارض، وأن المؤيدين والمعارضين قد التزموا بشرعية النتيجة المعلنة.
هل صحيح أن أموال الدولة المصرية والتى منها أموال الجوائز هى أموال المسلمين وحدهم أم أموال المتدينين منهم دون غيرهم، أم أنها أموال المصريين دافعى الضرائب جميعا - ومنهم القمنى بطبيعة الحال - بصرف النظر عن عقائدهم سواء كانوا من المسلمين السنة أو الشيعة وسواء كانوا مسيحيين أو يهوداً أو بهائيين أو حتى ملحدين، وأيضا بصرف النظر عن حسن أخلاقهم أو فسادها، فالجميع يدفعون الضرائب التى تشكل أموال الدولة المصرية.
هل صحيح أن دولة مصر الراهنة دولة «إسلامية»، أم أنها دولة مدنية، وكما يقرر الدستور فإن «نظامنا ديمقراطى يقوم على أساس المواطنة» وأن «مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع»، والفارق بين الهويتين فارق جلى، فنحن نخضع لقانون مدنى يصدر من سلطة تشريعية مدنية يوصيها الدستور بمراعاة أن تكون الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى لها.
رغم عدم تخصصى فى القانون فإننى أعرف أن ثمة مواد فى القانون المصرى تتضمن عقوبات محددة بشأن تهمة «ازدراء الأديان»، وبصرف النظر عن موافقة البعض أو معارضتهم لتلك النصوص القانونية التى تجرم ازدراء «الأديان» بصيغة الجمع دون القصر على الدين الإسلامى، فإن تلك المواد قائمة فى القانون الذى نحتكم إليه جميعا.
ترى هل يجوز والأمر كذلك أن نتهم شخصا بأنه «سب الله ورسوله» دون أن يكون فى يدنا حكم قضائى نهائى بإدانته، بحيث لا يكون حديثنا فى هذه الحالة اتهاما بل إقرارا بواقع. وهل يمكن لمثل هذا الاتهام الغليظ أن يلقى اعتمادا على تأويل واستنتاجات واستقراء لنوايا؟ ولم يقل أحد فيما أعلم أن حكما من هذا النوع قد صدر بحق الدكتور القمنى.
هل ينبغى فى منح الجوائز العلمية والفنية والأدبية بل وحتى منح الشهادات العلمية أن نضع فى اعتبارنا مدى الالتزام الدينى للمتقدم، ومدى استقامته الخلقية أم أن الأمر ينبغى أن يقتصر على مدى استحقاقه للجائزة أو الشهادة المتقدم لها؟
ترى لو كانت هناك جوائز تمنح للأدباء والعلماء فى عصر ازدهار الحضارة الإسلامية فى العصور الوسطى، وتقدم لها على سبيل المثال أبو بكر الرازى أو ابن سينا أو المعرى أو الجاحظ، فهل كان ثمة شك فى استحقاقهم لها؟ وهل كان حصولهم على الجائزة يعنى الموافقة على آراء الرازى المعلنة فى نقد الأديان والأنبياء؟
أو آراء ابن سينا فى أن العالم قديم أزلى غير مخلوق وأن الله يعرف الكليات لا الجزئيات؟ أو أفكار وأشعار أبى العلاء المعرى المشككة فى الأديان؟ أو آراء الجاحظ فى خلق القرآن؟ إننا حتى اليوم نتيه على الغرب بأن الرازى وابن سينا وغيرهما من العلماء من أبناء الحضارة الإسلامية كانوا مصادر التنوير للغرب فى ظلمات العصور الوسطى.
هل تاريخنا كمسلمين تاريخ مقدس؟ هل يوجد قائد أو حاكم معصوم من الخطأ؟ ترى هل من المحرمات أن يقترب أحد من ذلك التاريخ فينقده نقدا حادا أو رقيقا يصيب فيه ويخطئ؟ ألا يدخل ذلك الاجتهاد بصوابه وخطئه فى إطار ما اصطلح على تسميته بعلم التاريخ الاجتماعى؟
هل الإنتاج المرشح لجوائز الدولة يتطلب من صاحبه الحصول على درجة الدكتوراه فى فرع التخصص؟ فيما أعلم أن مثل هذا الشرط لا يوجد إلا بالنسبة للمتقدمين لشغل وظائف فى هيئات التدريس بالجامعة، ولقد حصلت شخصيا على واحدة من تلك الجوائز المتخصصة منذ 37 عاما ولم أكن أحمل آنذاك سوى شهادة الليسانس.
ختاما إننى لست بصدد الدفاع عن الدكتور سيد القمنى، ولا تقييم كتاباته، ولا حتى بالدفاع عن المجلس الأعلى للثقافة، ولا تبرير قراراته. ما يعنينى أولا وأخيرا هو التنبيه إلى خطر أراه داهما يستهدف ثوابتنا الوطنية والدينية على حد سواء، فليس أخطر على الوطن من قصر هوية الدولة على فريق من أبنائها مهما كان حجمه، وليس أخطر على الدين من إغلاق باب التفكير والنقد، والإغراق فى التنقيب عن النوايا، وإضفاء القداسة على تاريخ بشرى واعتباره خارج نطاق التناول.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.