رئيس الوزراء الفلسطيني: سنعلن قريبا تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة قطاع غزة    مهرجان أنغام الصباح تستقبل اليوم الثاني لمهرجان «طرب الأول».. صور    أسعار اشتراكات قطارات السكة الحديد للطلاب    عقب التجديد لحسن عبدالله.. تفاصيل أول اجتماع للرئيس السيسي مع محافظ البنك المركزي    رئيس جامعة مصر للمعلوماتية: فرص لطلابنا للعمل في 250 شركة يابانية    نيابة عن رئيس الجمهورية: رئيس الوزراء يتوجه إلى اليابان للمشاركة في قمة "تيكاد 9"    جوارديولا: عدد اللاعبين في مانشستر سيتي ليس صحيا.. أنتظر رحيل المزيد    الداخلية تكشف ملابسات واقعة سرقة أحذية من داخل مسجد بالجيزة وتضبط الجاني    قانون التعليم الجديد.. نهضة تعليمية في مسار التحديث والتطوير المهني    المسلماني وهاني أحمد زويل يزيحان الستار عن استديو زويل    الأعلى للإعلام يعلن انطلاق الدورة التدريبية رقم "61 " للصحفيين الأفارقة من 18 دولة    نائب وزير الصحة يعقد اجتماعًا لتطوير منظومة المخازن الاستراتيجية والتموين الطبي    نص القرار الجمهورى بالتجديد ل"حسن عبد الله" محافظًا للبنك المركزى    الخارجية الفلسطينية تدين قرار الاحتلال الإسرائيلي التعسفي بحق الدبلوماسيين الأستراليين    تعليم الوادي يعلن مواعيد المقابلات الشخصية للمتقدمين لشغل الوظائف القيادية    برشلونة يرفض ضم نجم إنتر ميلان    يتضمن 20 أغنية.. التفاصيل الكاملة لألبوم هيفاء وهبي الجديد    أسامة السعيد: الموقف المصرى تجاه القضة الفلسطينية راسخ ورفض للتهجير    «أحمديات»: غياب ضمير العشرة    تعديل موعد انطلاق بطولة أفريقيا لأندية كرة اليد بالمغرب    كشف ملابسات قيام سائق "توك توك" بالسير عكس الإتجاه بالإسكندرية    إصلاحات شاملة لطريق مصر - أسوان الزراعي الشرقي في إسنا    تمكين الشباب.. رئيس جامعة بنها يشهد فعاليات المبادرة الرئاسية «كن مستعدا»    تووليت وكايروكي يحيون ختام مهرجان العلمين الجديدة (أسعار التذاكر والشروط)    تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما الأحد (تفاصيل)    «ربنا يرجعك لينا بالسلامة».. هالة صدقي توجه رسالة مؤثرة ل أنغام بسبب أزمتها الصحية    «بيطري قناة السويس» تُطلق برامج دراسات عليا جديدة وتفتح باب التسجيل    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    الرقابة المالية: 3.5 مليون مستفيد من تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى يونيو 2025    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    تحذير رسمي.. عبوات «مجهولة» من «Mounjaro 30» للتخسيس تهدد صحة المستهلكين (تفاصيل)    هام وعاجل من التعليم قبل بدء الدراسة: توجيهات للمديريات    "العدل": على دول العالم دعم الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    الليلة.. عروض فنية متنوعة ضمن ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    حبس المتهمين بالتخلص من جثة صديقهم أثناء التنقيب عن الآثار في الشرقية    الصحة العالمية تقدم أهم النصائح لحمايتك والاحتفاظ ببرودة جسمك في الحر    "كان واقف على الباب".. مصرع شاب سقط من قطار الصعيد بسوهاج    "بعد أزمته الأخيرة مع الأهلي".. 10 معلومات عن الحكم محمد معروف (صور)    الشيخ خالد الجندي: مخالفة قواعد المرور معصية شرعًا و"العمامة" شرف الأمة    اليوم.. الأهلي يتسلم الدفعة الأولى من قيمة صفقة وسام أبو علي    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    الرئيس السيسي يوجه بتعزيز الموارد الدولارية وتمكين القطاع الخاص لجذب الاستثمارات ودعم النمو الاقتصادي    موقع واللا الإسرائيلي: كاتس سينظر خطة لمشاركة 80 ألف جندي في احتلال غزة    رضا عبدالعال: خوان ألفينا سيعوض زيزو في الزمالك.. وبنتايج مستواه ضعيف    أيمن الرمادي ينتقد دونجا ويطالب بإبعاده عن التشكيل الأساسي للزمالك    أسعار البيض اليوم الإثنين 18 أغسطس في عدد من المزارع المحلية    «الديهي»: حملة «افتحوا المعبر» مشبوهة واتحدي أي إخواني يتظاهر أمام سفارات إسرائيل    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    قوات الاحتلال تعتقل 12 فلسطينيا من محافظة بيت لحم    وزارة التعليم: قبول تحويل الطلاب من المعاهد الأزهرية بشرط مناظرة السن    إصابة 14 شخصا فى تصادم ميكروباص وربع نقل على طريق أسوان الصحراوى    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار أستراليا منع عضو بالكنيست من دخول أراضيها 3 سنوات    استقرار أسعار النفط مع انحسار المخاوف بشأن الإمدادات الروسية    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صلاح عبدالصبور

إنه ذلك الشاعر المصرى الرائع الذى بدأ إطلالته على الوجدان العربى منذ منتصف خمسينيات القرن الماضى وقد اقترنت شهرته بظهور جيل كامل من المواهب منهم «أحمد عبدالمعطى حجازى» و»عبدالحليم حافظ» و»يوسف إدريس» وغيرهم من رموز الشعر والفن والأدب، و
جاء حضورهم الطاغى على الساحة مقترنًا بالأحداث الوطنية الكبرى التى اقترنت بالسنوات الأولى للثورة المصرية فكانوا صوتًا لحركات التحرر وتعبيرًا عن الرغبة فى الحرية والعدالة،
وقد عرفت الشاعر الراحل «صلاح عبدالصبور» الذى قضى إلى جوار ربه ولم يكن قد برح كثيرًا سنوات شبابه- عندما دعوته فى مهرجانٍ للشعر بكلية «الاقتصاد والعلوم السياسية» فى منتصف الستينيات- عندما كنت رئيسًا لاتحاد طلابها،
وأتذكر يومها والمئات يحتشدون فى المدرج الكبير والشاعر الشاب يتلو أشعاره بينما الطلاب والطالبات يستكملون بعض الأبيات من شعره التى غابت عن ذاكرة الشاعر ذاته، ولا عجب فقد كان «صلاح عبدالصبور» مبشرًا بمرحلةٍ شعرية جديدة خرجت عن القافلة التقليدية وتمردت على الشعر العمودى حتى إن المفكر الكبير «عباس العقاد»، رئيس لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للفنون والعلوم والآداب، كان يحيل قصائد «صلاح عبدالصبور» و»أحمد عبدالمعطى حجازى» وغيرهما من رواد الشعر الحر إلى «لجنة النثر»!
حتى هاجمه الشاعر «أحمد عبدالمعطى حجازى» بقصيدة عمودية شهيرة كى يدرك الأستاذ «العقاد» أنهم لا يلجأون إلى كتابة الشعر الحر هروبًا من «الشعر العمودى» ببحوره وقوافيه إنما هم يقدمون على التجربة الجديدة إيمانًا منهم بتطور اللغة وأهمية تجديد الشعر،
ولقد شاءت الظروف أن ألتقى مراتٍ أخرى بشاعرنا الراحل «صلاح عبدالصبور» الذى رحل عن دنيانا إثر مناقشةٍ حادة اتهمه فيها بعض أصدقائه بأنه تمشّى مع نظام الرئيس الراحل «السادات» وأفكاره وأطروحاته وأنه حصّل فى المقابل رئاسته «للهيئة العامة للكتاب»،
وقد انفعل «صلاح عبدالصبور» يومها ولم تفلح الإسعافات الطبية فى إنقاذ حياته فمات بالانفعال، مثلما مات الروائى «محمد عبدالحليم عبدالله» قبل ذلك بسنوات إثر مشادةٍ مع سائق سيارة ركاب بمحافظته «البحيرة»، وكأنما كتب الله على بعض الشعراء والأدباء أن يدفعوا حياتهم ثمنًا لحساسيتهم المفرطة وقلوبهم الرقيقة،
ولقد عمل الأستاذ «صلاح عبدالصبور» مستشارًا إعلاميًا فى «الهند» فاتسمت فترة وجوده هناك بالتألق الثقافى والتوهج الشعرى، ولقد لمست ذلك شخصيًا حين عملت بالسفارة المصرية بالهند بعد مغادرته لها بشهورٍ قليلة، وأذكر جيدًا أننى كنت مترددًا فى الذهاب إلى «نيودلهى» بأسرتى ومعى طفلتان صغيرتان وأبديت احتجاجى يومها لدى أستاذى الدكتور «بطرس بطرس غالى» وزير الدولة للشؤون الخارجية حينذاك،
فقال لى «إنك قد حصلت على الدكتوراه من جامعة «لندن» حول موضوع «الأقليات»، ولقد حان الوقت لترى سلوك الأقليات على الطبيعة فى «الهند» تلك الدولة الكبرى وصاحبة التجربة المثيرة فى هذا السياق، لذلك طرأت على رأسى فكرة وقتها وهى أن أطلب رأى شاعرٍ مصرى كبير عاش فى الهند سنوات،
وبالفعل دعانى الأستاذ الشاعر «صلاح عبدالصبور» إلى منزله وجلسنا معًا فى الشرفة نرتشف قدحين من الشاى وامتد الحديث لعدة ساعات يحكى لى فيها عن سحر الهند وثقافاتها ودياناتها ولغاتها والبشر فيها، وخرجت من عنده وقد تغيرت نظرتى تمامًا وأصبحت شديد الحماس للعمل فى «نيودلهى»، وبالفعل عدت من «الهند» بعد أربع سنوات كانت ثقافتى أكثر ثراءً وأفكارى أكثر تنوعًا ورؤيتى أكثر اتساعًا، ومازلت أردد المقولة الشهيرة (من لم ير الهند لم ير العالم)،
ولقد ترك «صلاح عبدالصبور» من بعده أرملة عانت نفسيًا لرحيله وابنتين واجهتا الحياة بصعوبة بالغة، فالشعراء ينصرفون دائمًا إلى عالمهم الخاص ويحلقون فى سماوات الخيال وقد يتركون من «خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم»،
وسوف يبقى «صلاح عبدالصبور» علامةً فارقة فى تطور الشعر العربى، ونموذجًا فريدًا «لأحلام الفارس القديم» فلقد كان، رحمه الله، كتلة جياشة من المشاعر وزخمًا إنسانيًا دافئًا اكتسب شعبية واسعة فى العالم العربى والشارع المصرى حتى بكته أجيالٌ ثلاثة عاشت قبله ومعه وبعده،
واستطاع أن يحتل فى ذاكرة العرب زاوية خاصة فى عصر «نزار قبانى» و»بدر شاكر السياب» و»البياتى» و»أحمد عبدالمعطى حجازى» وغيرهم من أساطين الشعر العربى الحديث.. رحم الله «صلاح عبدالصبور» مغردًا داخل سرب الطيور وخارجه أيضًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.