لماذا يحب هذا الرجل إسرائيل؟

بدا من كلامه فى برنامج بالإنجليزية على شاشة التليفزيون أنه شديد الإعجاب بإسرائيل.. قال إن الإسرائيليين أذكياء.. إنهم يأخذون المعونة الأمريكية ويبنون بها المدارس ويدعمون بها البحث العلمى والتعليم.. ثم عقد مقارنة عجيبة بين ما يفعله الفلسطينيون بالإعانات التى تصلهم.. إنهم يشترون بها الأسلحة، وهناك فرق بين من يبنى الأدمغة ومن يشترى السلاح..
لا حول ولا قوة إلا بالله.. أى منهجية استند إليها الدكتور خبير السياسة والبيزنس فى تحليله العبقرى هذا؟.. وهل إعجابه اللامحدود بأمريكا وإسرائيل هو إعجاب مجانى؟!..
ولماذا يفعل ذلك هو وغيره من إخصائيى الأحاديث التليفزيونية.. محلل سياسى.. خبير استراتيجى.. بروفيسور أكاديمى.. رؤساء غرف تجارية.. اجتمعوا فى صفة المبرراتى.. تبرير السياسة الأمريكية وتسويق أفكار السلام مقابل «البطيخة القرعاء»..
وصدق أحمد فؤاد نجم حين أفرد قصيدة كاملة تحية لهم عنوانها «يا واد يا يويو يا مبرراتى».. أمريكا تحتل العراق وتسحق مواطنيه وتحيل دولتهم إلى حقول ألغام ومقابر جماعية وحروب عصابات وسيارات مفخخة ثم تسرق بتروله ثم يأتى المبرراتية ليحدثوننا عن مظالم صدام حسين وعن وعود الديمقراطية وبناء دولة عصرية حديثة تصلح نموذجاً لدول الشرق الأوسط العربية الأخرى.. إسرائيل تبنى المستوطنات بعد أن طردت الفلسطينيين من كل مكان وحاصرتهم فى غزة ثم واصلت مسلسل تدمير غزة،
وهدم بيوتها على من فيها وتجويع شعبها ونسف البنية الأساسية، فلا مستشفيات ولا مدارس ولا مياه ولا كهرباء ولا طعام ولا يحزنون.. ثم يأتى المبرراتية ليقولوا لنا الفلسطينيون يستحقون كل ما يجرى لهم.. إنهم مازالوا يحملون السلاح وينتخبون حماس ويواصلون المقاومة.. أغبياء.. عليهم الاستسلام والانبطاح حتى تنعم عليهم إسرائيل بالسلام.. حالة استقواء على حماس وتخوين لفتح واتهام للجميع بالفساد،
ثم إن إسرائيل بريئة وديمقراطية ودولة عصرية تهتم بالعلم والتكنولوجيا والمدارس حباً فى الحياة، بينما الفلسطينيون يشترون السلاح حباً فى الموت والانتحار.. عجيبة والله.. إننى لا ألوم هؤلاء المبرراتية فهم أناس براجماتيون لهم أجندتهم الخاصة ولكننى أعجب من الإعلاميين الذين يعطون لهم المنابر ويتركونهم يتحدثون دون مراجعة أو تصحيح أو انتباه لمن يضعون السم فى العسل.. كما أننى ألوم النخب الثقافية التى سمحت بهذا الفراغ السياسى وسمحت للمارينز بأن يلقوا قنابل الدخان فى كل الأمكنة لتمرير اغتصاب الأوطان.. يا إلهى.. هل تجود علينا مرة أخرى برجال من طراز مصطفى كامل،
الشاب المصرى الصغير الذى هز عروش الإنجليز وفضح ممارساتهم الاستعمارية فى مصر.. أم هل انتهى زمن المثقف العضوى الذى بشر به «جرامشى».. المثقف الملتزم بقضايا وطنه وأمته.. المثقف المحامى والمناضل من أجل الحق والعدل والحرية.. امسك.. لقد وقعت فى منزلق الأحلام والكلمات التى أصبحت مهجورة الآن فى معاجم المارينز العرب.
يا خسارة
بل واخسارتاه
gamal_elshaer@hotmail.com