البجاحة كانت ستجعلنى أبدأ بهذا السؤال: هل حاول المستشار عدلى حسين، محافظ القليوبية، حضور سوق الأحد فى شبرا الخيمة قلب محافظته التى يجلس على قلبها منذ سنين؟ لكننى بصراحة خفت لأننى أعلم أن سيادة المستشار يمكن أن يرد على سؤالى بشكل شديد الدماثة، كالذى عودنا عليه فى ندوات أندية الروتارى والليونز التى يطيب له أن يحضرها ليدلى بآرائه التاريخية حول الصراع العربى - الإسرائيلى، ولذلك فضلت أن أصوغ السؤال كالتالى: هل جرب محافظ القليوبية ممارسة «الشوبنج» فى مناطق عزبة عثمان والبنزينة ومنشية عبدالمنعم رياض وأم بيومى، والاسم الأخير ليس إفيها بالمناسبة فثمة أم بيومى كانت من الأهمية بمكان، بحيث أصبح اسمها يستحق أن يطلق على بقعة من بقاع الوطن، بالمناسبة لست معترضا على إطلاق اسم أم بيومى أو أى أم لأى أحد على أى منطقة فى الدنيا، شريطة أن تتمتع هذه المنطقة بالخدمات الإنسانية وتحظى باحترام المسؤولين لآدمية أهلها، ساعتها يمكن أن تسميها أم شنخر لو أردت، لكن أن تهين آدمية سكانها، فلن يكونوا سعداء حتى لو سميت منطقتهم على اسم «ماذر تريزا». قارئ كريم من أهالى هذه المنطقة الصناعية والمكتظة بالسكان الأصليين لمصر والواقعة بين طريق بيجام وشارع أحمد عرابى، أرسل رسالة يصف فيها منطقته بألم شديد بأنها «جزء مهلهل من الوطن لم نطلب سوى ترقيعه لكى نستر عوراته»، تألمت بشدة لأننى أحب هذه المنطقة جدا، لى فيها ناس وعزوة وأيام حلوة وبيوت طالما كانت مفتوحة لى وناضحة دائما بالخير والكرم والجدعنة. بالطبع كان لدى القارئ الكريم من الشجاعة ما يجعله يذكر اسمه وعنوانه كاملين، لكن لدىّ من الحصافة ما يجعلنى أمتنع عن نشرهما، لكى لا تناله نيران صديقة من تحالف قوى البلطجة والفساد والعشوائية، التى أصبحت تدير أغلب مناطق مصر التى لا تقع على شوارع رئيسية يمكن أن تمر عليها مواكب الحكام المقيمين والزائرين والمنتظرين، مراهنا على جدعنة أعلم أنها ستدفع المستشار عدلى حسين للاهتمام بمضمون الرسالة بدلا من الاهتمام بهوية مرسلها. يقدم صديقنا فى رسالته وصفا لنموذج بسيط من هموم أهالى المنطقة يتمثل فى سوق الأحد الذى يقام بدءا من منتصف طريق منطقة البنزينة حتى نهاية طريق أحمد عرابى ناحية الطريق الدائرى، «هو مهرجان حقيقى للعشوائية ستجد فيه كل ما يسوؤك من الإبرة إلى الصاروخ، يمكن أن تكون إيجابيا فتنظر إليه بوصفه ساهم فى تقليل حجم البطالة، بإتاحة أكبر عدد من فرص العمل للصياع والبلطجية والمتحرشين بالنساء، وساهم فى تخفيف العبء عن محدودى الدخل، بإتاحة أضخم عدد من السلع الرديئة والأغذية الفاسدة والملوثة والأجهزة المسروقة أو مجهولة الهوية والطيور الحية والميتة والمميتة أيضا، فضلا عن مساهمته فى إعادة سلوكيات تاريخية قد تظن أنها اختفت من أيام المماليك، مثل فرض إتاوات على البائعين وقيام بائعى القماش والسجاد بإعادة تشكيل الطريق بدق خوازيق جديدة فى نهر الطريق لإقامة سرادقات لعرض بضائعهم، ليكون يوم الأحد يوما أسود فى حياة شعب شبرا الخيمة، أما سواد باقى الأيام فيتكفل به بائعو الخضار والفاكهة، الذين يجعلون المرور فى الشارع أمرا مستحيلا يزيد من استحالته مخلوقات التوك توك التى انتشرت كالوباء والتى لو حدث وخبطتك لكان عليك أن تقدم اعتذارا لمن يسوقونها من صبيان ومراهقين، لأنك إنت اللى مش عارف تمشى، وإلا لوجدت مطواة أو مفكا فى وجهك يقنعك بضرورة الاعتذار، وكل ذلك يتم فى جو حميم من الديمقراطية، لأن من حق كل من أراد أن يفعل ما يشاء ويحمى نفسه بمعرفته، أليست هذه هى قمة الديمقراطية، يا ناس يا هوووه لو كان فعلا فيه ناس بتحب تشتغل لوجه الله، شبرا الخيمة من بره هلا هلا، ومن جوه يعلم الله، نحن نعيش فى غابة بمعنى الكلمة، لا أمن ولا أمان ولا خدمات ولا اهتمام، هل هذا الجزء من الوطن (لقيط) يتبرأ منه كل مسؤول، نريد أن نعمق انتماءنا لمحبوبتنا مصر، نريد مسؤولين يسترون عوراتهم، وعوراتهم ليست سوى هذه المناطق التى سقطت من اهتمامهم، استرونا الله يستركم دنيا وآخرة». أتمنى أن يستجيب المستشار عدلى حسين لصرخات أهالى شبرا الخيمة التى عبرت عن بعضها هذه الرسالة، لكى لا نضطر لمناشدة سيدات أندية الروتارى والليونز والإينرويل بأن يخترن سوق الأحد ليكون مقرا لندواتهن القادمة التى يدعون سيادته إليها، وآهى تبقى فرصة للشوبنج الجماعى والالتحام بقوى الشعب العاملة، فضلا عن التعرف على «ماذر أوف بيومى».