ذهبت مضطرة لمشاهدة فيلم، كنت سأناقشه مع ضيوف برنامجى فى اليوم التالى، إلى السينما فى حفلة منتصف الليل، أعترف لكم أنها المرة التى أقوم بهذا واصطحبت معى ابنى وكأننى لا يجوز أن أعود إلى المنزل فى ساعة متأخرة دون أحد يصحبنى، أو كأننى كنت خائفة من سكون الليل وعنفه.. طبعا السبب الاول غير صحيح، الثانى هو الادق، فلقد تخيلت أنه فى وقت متأخر مثل هذا ستكون الدنيا «هس هس».. واول صدمة كانت باب السينما، زحام فظيع وكأننا فى حفلة صباحية.. دخلت.. القاعة على آخرها، ومعظمهم شباب صغير وتذكرت خناقاتى المستمرة مع أولادى بضرورة احترام مواعيد العودة للمنزل وعدم التأخر خارجا.. ووسط ذهولى نظر إلىّ ابنى نظرة ذات معنى، ولكن على مين؟ كأننى لم ألحظ النظرة وشاهدنا الفيلم وخرجنا. على الكبارى الناس جالسة تشرب الشاى وتأكل حمص الشام وتستمتع بقليل من الهواء مع منظر النيل الممتد أمامها.. صدق من سمّى هذه الجلسات «بصيف الغلابة».. والله هم اكتشفوها لقلة الحيلة، ولكن الجلسة جميلة وتمنيت تجربتها، ولكن التعب غلبنى وقررت تأجيل الفكرة. السؤال الان، وعلى فكرة انا كائن ليلى، يعنى من عشاق سهر الليالى ولكن فى بيتى، فى غرفة المعيشة أو غرفة النوم، ولكن الشارع ممكن من وقت لآخر، ولكن لا يتحول إلى أسلوب حياة .... والكارثة أن المصيف نفس الشىء، خاصة مارينا، يعتبر الاولاد أنهم لو عادوا الفجر إلى المنزل فهم أسدوا لنا خدمة، عادوا مبكرين، والعبارة التى يقولونها دوما «يا ماما دى البنات بتروح الساعة 2» وطبعا مفهوم الرجولة الحديث أنه لا يمكن أبدا، بل عار حقيقى، لو عاد الولد إلى المنزل قبل البنت، بل «الاصيع» وهنا طبعا فيه معنى جيد، بل أدخله فى زمرة ألفاظ المديح، الأصيع من عاد متأخرا جدا. وتبدأ تقاليع مثل مشاهدة الشمس وهى تشرق والسباحة فى ذلك الوقت، والعودة مرهقين ليناموا اليوم بطوله.. طبعا أنا أتحدث عن شريحة من المجتمع، ولكن تطبق بصور مختلفة عند جميع الشرائح. والسؤال الممل الان: كيف يستطيعون صباحا الذهاب إلى أعمالهم؟ أتحدث عن الأكبر سنا. الإجابة: طبعا متعبون ومرهقون وينامون فى المكاتب، أما الشباب فلا يستيقظون صباحا أصلا، بل ظهرا أو عصرا أو عند المغرب، وتنقلب عقارب الساعة.. والمشكلة أن هذه أصبحت طريقة حياة، يعنى على رأى الإنجليز «ستايل لايف» مع الفارق أنهم يستخدمون هذه العبارة لوصف الحياة بشكل صحى: أنا أحب السهر ولكن بحدود.. أحب الخروج ولكن فى المناسبات.. يبدو أنه أنا من أصبح خارجا عن المألوف. [email protected]