الهجرة الداخلية.. فيروس الجريمة والعشوائيات والاختلال السكانى

عن أثر الهجرة الداخلية على معدلات النمو السكانى واختلافها فى محافظات الجمهورية أعد الباحث محمد أحمد على حسانين المدرس المساعد بقسم الجغرافيا فى كلية آداب القاهرة رسالته للدكتوراه بعنوان (الهجرة الداخلية فى مصر خلال الفترة «1960-1996»- دراسة جغرافية).
أوضحت الدراسة أن الهجرة الداخلية بدأت مطلع القرن العشرين ثم تحولت إلى ظاهرة مع بدايات الحرب العالمية الثانية بنزوح أعداد كبيرة من الريف إلى المراكز الحضرية الكبرى (مثل القاهرة والإسكندرية والقناة).
وتبين الدراسة أن حجم الهجرة ارتفع من حوالى 700 ألف فقط فى بداية القرن العشرين إلى مليون و700 ألف فى منتصف القرن ثم وصل إلى 4 ملايين فى نهاية القرن.
وشهدت الفترة الممتدة من ثورة يوليو 1952 حتى منتصف الستينيات ازدهار الهجرة الداخلية فى مصر، إذ تسببت المشروعات التنموية الضخمة التى تبنتها الدولة آنذاك فى نشأة تيارات هجرة من الوادى والدلتا، بعضها اتجه صوب المناطق الصناعية الجديدة والمراكز الحضرية الكبرى، واتجه بعضها الآخر إلى أسوان حيث مشروع السد العالى.
وأوضحت أن الظروف العسكرية والسياسية التى تعرضت لها مصر بين حربى 67و73 أثرت على الهجرة الداخلية وتسببت فى تهجير نحو مليون شخص من مدن القناة إلى محافظات شرق الدلتا ووسطها والقاهرة الكبرى، واتسمت العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين بتراجع ظاهرة الهجرة الداخلية بسبب عودة معظم المهجرين من منطقة القناة وارتفاع معدل هجرة المصريين إلى الخارج.
وقد أشارت الدراسة إلى أن عدد المهاجرين إلى القاهرة بلغ فى عام 1960 حوالى 1.2 مليون مهاجر تقريبًا، وشكل هذا العدد الكبير من المهاجرين إلى القاهرة نحو ثلث سكانها فى ذلك الوقت، وفى عام 1986 وصل إلى 1.2 مليون بنسبة 32.8%، ويرجع ارتفاع حجم الهجرة الداخلية إلى القاهرة إلى كونها العاصمة، كما أن الدولة توجه إليها نسباً كبيرة من الاستثمارات.
وفى عام 1996 انخفض عدد المهاجرين إلى 1.1 مليون بنسبة 26.9% بسبب عودة بعض المهاجرين إلى محافظاتهم الأصلية وهجرة البعض الآخر إلى محافظتى الجيزة والقليوبية نتيجة للمشكلات التى عانت منها القاهرة فى الثمانينيات والتسعينيات وبالرغم من ذلك احتفظت القاهرة بصدارة المحافظات المستقبلة للمهاجرين، وتعد سوهاج أولى محافظات الجمهورية طردًا للسكان وبلغ عدد المهاجرين من جنوب الصعيد ما يقرب من ثلاثة أرباع مليون مهاجر فى أواخر القرن العشرين.
وأوضحت الدراسة أن الهجرة تؤثر على معدلات الجريمة التى تزيد بين المهاجرين، مقارنة بغير المهاجرين فى منتصف الستينيات من القرن العشرين، الأمر الذى أدى إلى ارتفاع معدلات الجريمة بمحافظات الجذب السكانى، وتسهم الهجرة الداخلية فى نشأة المناطق العشوائية واتساع نطاقها فى المدن الكبرى.