فى تصعيد جديد يهدد بنسف محاولات التقارب الأمريكية - الإيرانية، رفض البيت الأبيض الاتهامات التى وجهها الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد للرئيس الأمريكى باراك أوباما بالتدخل، معتبرا أن نجاد يسعى إلى جعل الولاياتالمتحدة فى قلب الأزمة السياسية، التى أعقبت الانتخابات الرئاسية فى إيران. وفى وقت نشبت فيه خلافات داخل مجموعة «الثمانى» بشأن الأزمة الإيرانية بين روسيا وباقى دول المجموعة، أعلن مجلس صيانة الدستور عدم وقوع أى عمليات تزوير فى انتخابات 12 يونيو الرئاسية الأخيرة، مؤكدا أنها «الأكثر نزاهة» فى تاريخ الجمهورية الإسلامية. وأكد المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، عباس على كدخدائى، عدم حدوث أى تزوير فى الانتخابات الرئاسية، التى فاز فيها نجاد بولاية ثانية، بل وصفها بأنها كانت «الأكثر نزاهة» فى جميع الانتخابات التى أجريت فى إيران منذ ثورة 1979. وفى وقت يطعن فيه 2 من المرشحين ال3 الخاسرين فى هذه الانتخابات، هما مير حسين موسوى، ومهدى كروبى، ويطالبان بإلغائها، شدد المتحدث على «أن المجلس انتهى من مراجعة شكاوى المرشحين المهزومين.. وأن التدقيق الذى جرى فى الأيام ال 10 الأخيرة أثبت أنه بمعزل عن المخالفات الصغرى الملازمة لأى عملية انتخابية، ولم تحصل مخالفات كبرى». وجاء أول رد فعل على الإعلان من محسن رضائى، الذى سحب شكوى تقدم بها إلى مجلس صيانة الدستور، مؤكدا أنه سيواصل المعركة دفاعا عن «شكاوى الناس»، وأوضح: «تخليت عن الشكوى الشخصية فيما يتعلق بالانتخابات، لكن هذا لا يعنى أننى تخليت عن التحرك دفاعا عن شكاوى الناس ولإصلاح الضرر الذى لحق بالنظام الإسلامى». ويرفض كروبى الاعتراف بنتائج الانتخابات، مطالبا بتنظيم انتخابات جديدة، بينما يبحث موسوى توجيه دعوات شعبية لمواصلة التحرك الاحتجاجى السلمى، رغم رفض السلطات لتلك الأحداث غير المسبوقة فى تاريخ الجمهورية الإسلامية. من ناحية أخرى، منعت السلطات الإيرانية أحد مساعدى موسوى من مغادرة البلاد إلى بريطانيا، وذكرت إذاعة «سوا» الأمريكية أنه تم منع عبدالحفيظ فاتح، رئيس لجنة الإعلام فى فريق موسوى، من السفر لاستكمال تحرياته بشأن المظاهرات الأخيرة التى شهدتها البلاد، وكان موسوى قد اتهم «أولئك الذين زوروا النتيجة» بالتسبب فى وقوع قتلى خلال المظاهرات. وفى حين نفت السلطات اعتقال 70 أكاديميا، عقب اجتماع مع موسوى، سعت صحف متحدثة باسم الحكومة الإيرانية إلى تبرئتها من دم المواطنة ندا سلطان، التى قتلت بالرصاص خلال الاحتجاجات، رغم تأكيد طبيب إيرانى شهد قُتلت أن ميليشيا «الباسيج» هى التى فتحت النار عليها، وفى المقابل، ذكر التليفزيون الرسمى الإيرانى أن 8 من عناصر «الباسيج» الإسلامية قتلوا خلال تلك الاضطرابات. دولياً، صرح المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت جيبس، بأن أوباما أشار سابقا إلى أن قادة إيرانيين حاولوا أن ينسبوا إلى الولاياتالمتحدة دورا فى الأزمة السياسية، التى تواجهها طهران، وتابع: «سأضيف الرئيس نجاد إلى لائحة هؤلاء الأشخاص». جاء ذلك رداً على تصريحات لنجاد طالب فيها الرئيس الأمريكى بالتوقف عن «التدخل» فى شؤون إيران، وقال: «آمل أن تعبروا عن الأسف بطريقة يمكن للشعب الإيرانى الاطلاع عليها»، واعتبر نجاد أن اللهجة التى يستخدمها أوباما مؤخرا تجاه إيران «تذكر بسلفه جورج بوش»، وأن ذلك قد ينسف أى حوار بين البلدين اللذين يعانيان من علاقات متوترة. فى غضون ذلك، أدانت مجموعة «الثمانى» العنف فى إيران، وذلك فى بيان ختامى أعقب اجتماعها فى إيطاليا بعد خلافات حادة نشبت بين الأعضاء بشأن التعامل مع إيران، إذ انقسموا، فضغطت إيطاليا لإصدار بيان إدانة قوى، فى حين وصفت روسيا الانتخابات بأنها «ممارسة للديمقراطية»، وقال وزير الخارجية الإيطالى فرانكو فراتينى، فى تقديمه للبيان الختامى، إن على إيران «وقف العنف فورا»، معربا عن تضامنه مع الضحايا. ودعا وزراء خارجية المجموعة «إيطاليا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والولاياتالمتحدة وكندا واليابان وروسيا»إيران إلى «حل الأزمة سريعا، عبر حوار ديمقراطى وبالطرق السلمية»، وأضافوا: «نحترم سيادة إيران بالكامل، لكننا فى الوقت نفسه ندين أعمال العنف التى تلت الانتخابات وأدت إلى خسائر فى الأرواح، وندعوها إلى احترام حقوق الإنسان الأساسية ومنها حرية التعبير». وكانت موسكو قد فجرت خلافات بين أعضاء المجموعة، محذرة شركاءها من «خطأ» عزل إيران، وأوضح وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف أن بلاده «غير مستعدة للتوقيع على بيان يدين أسلوب معالجة إيران للانتخابات»، وقال فى وقت سابق للصحفيين: «لا أحد مستعد للتنديد بعملية الانتخابات لأنها ممارسة للديمقراطية»، وأضاف: «العزلة منهج خاطئ... والتعامل مفتاح الحل»، وذلك فى وقت اعتبر فيه نعيم القاسم، نائب الأمين العام ل«حزب الله» اللبنانى، أن إيران تجوزت «مؤامرة لإرباكها داخليا»، من خلال «عبث غربى واضح»، على حد قوله.