رغم مرور أكثر من أربعين يومًا على الوفاة المفاجئة لحفيد الرئيس مبارك فإن الجرح غائر فى قلوب أفراد الأسرة، وأعتقد أنها نقطة فارقة فى حياة رئيسنا. وأنا شخصيًا تعاطفت معه رغم أننى أنتمى إلى معارضة الشارع التى تريد تغييرًا جذريًا للأوضاع القائمة، وليس مجرد إصلاحات أو مُسكنات، وتعاطف الشعب المصرى مع كارثة الرئيس وأسرته رأيته أمرًا طبيعيًا، نظرًا لهول الصدمة، فلم يتوقع أحد أبدًا أن يموت دون أى مقدمات طفل أشبه بالملاك اسمه محمد علاء مبارك كان مصدر السعادة والبهجة لأسرته كلها. والسؤال الذى يطرح نفسه: لماذا تعاطف واحد مثلى مع أفراد الأسرة التى أصابتها تلك الكارثة مع أنك تجدنى فى معظم التظاهرات التى تنظمها حركات الاحتجاجات السياسية بالشارع المصرى، ومسؤول - وبلا فخر - عن 99٪ من تظاهرات سلالم نقابة الصحفيين باعتبارى مقررًا للجنة الحريات، ومع ذلك لم أتردد لحظة فى إلغاء وقفة احتجاجية فى ذكرى إغلاق جريدة «الشعب» فى اليوم التالى لتشييع جنازة الطفل الجميل، وحزن الرئيس مبارك فى ذروته، وأردت أن أشاركه أحزانه بطريقتى، ونجحت فى إقناع زملائى بإلغاء وقفة احتجاجية تهتف وتطالب بعودة جريدة «الشعب». وإذا سألتنى: ولماذا فعلت ذلك؟ فستجد إجابة عجيبة تتكون من كلمتين فقط اسمها «باحب ربنا»: وأشرح ما أعنيه قائلاً: إن حب الله ليس مجرد عاطفة أو عبادات بل سلوك كامل فى الحياة، وبقدر حبك لربنا يكون سلوكك مع الناس، وهذا ما أحاول أن أقوم به، ولا أدرى إذا كنت قد نجحت فى ذلك أم لا؟ لكن المؤكد أن قلبى لا يحمل كراهية أو ضغينة لأحد حتى من أختلف معهم بطريقة جذرية، بل أرفض فقط أفعالهم! وإذا وقعت مصيبة لأحدهم سارعت إلى التعاطف معه والوقوف إلى جانبه بالفعل وليس بمجرد كلام! مع الحرص الكامل فى المعارضة أن تكون صريحة وقوية وفى الوقت نفسه مهذبة بعيدًا عن قلة الأدب والبذاءات والتطاول! ولا أدرى إزاى واحد يحب ربنا ويكون لسانه «فالت» ويعامل الناس بسفالة! المؤكد أنه لا يعرف «يعنى إيه حب» لأن من يحب يسعى دومًا لإرضاء حبيبه. ولأننى أحب ربنا، فقد رفضت بشدة ما ردده البعض من أصحاب القلوب السوداء من شماتة فى الموت، وهذا المنطق رفضته لأسباب عدة، أولها أن فيه قسوة شديدة! بالإضافة إلى تدخل سافر فى الشأن الإلهى، والواحد من هؤلاء يحاول تفسير أحداث القدر بالطريقة التى تناسب مزاجه، وقد حذرنا القرآن الكريم من هذا المسلك وخطورته، وتوعد بعقاب من يفعل ذلك، ثم إننى أسأل هؤلاء من غلاظ القلوب: وما ذنب أمه التى ابتليت بمصيبة كبرى وكان الله فى عونها.. أما الطفل الصغير فهو حاليًا «يعيش» عند ربه فى حياة أجمل من حياتنا النكدة على الأرض.