التغيرات التى طرأت على الشخصية المصرية فى الثلاثين عاماً الماضية كثيرة جداً وخطيرة فى الوقت نفسه، أما الكثرة فهى مشاهدة ومحسوسة من الجميع فكل ما كان يتمتع به المصرى فى الماضى من صفات وخصال جميلة كنا نتباهى بها على غيرنا من الشعوب تكاد تكون اختفت، فأين شهامة وجدعنة ابن البلد المصرى الذى لا يقبل أن يعاكس أحد فتاة فى الشارع؟ بل أين هى بنت البلد الجميلة التى تلهم بجمالها خيال أبناء الحتة فيكتبون الشعر الغزلى العفيف فيها دون خدش للحياء أو تجريح؟ ومع ذلك تراها فى قمة الأدب مع ذروة الجمال!! وأين الجار الشهم الذى يُسرع فى مساعدة جاره إذا ألمت به مصيبة من مصائب الدنيا ومكائد الزمان؟ وأين الصديق الوفى، والمربى الحقيقى، والشيخ الطاهر النقى، والتلميذ الذكى، والشاعر الحالم؟ كل هؤلاء غابوا عن الصورة الذهنية لشخصية المصرى فى الوقت الحاضر، وحضر فى الصورة أناس آخرون لا نعرفهم ولا يعرفوننا أناس ليسوا من نبت هذه الأرض الطيبة، لكنهم نبت شيطانى، أصبح فى الصورة الآن الفهلوى، والبلطجى، والمغنى التافه المخنث، والممثل الرخيص، واللاعب على كل الحبال، والمقترض الناهب لأموال الناس، والخارج على القانون، والفاسد المستغل لسلطته ونفوذه، وصدق الدكتور يحيى الجمل حين قال: «إن أكبر مؤسسة فى مصر الآن هى مؤسسة الفساد»، لكن هل الصورة سوداوية إلى هذا الحد، ألا يوجد ولو بصيص من نور حتى ولو كان بعيد المسافة، الإجابة نعم الأمل والجمال والخير والعدل والمساواة والطهر والنبل والصدق والعفة وكل القيم الجميلة مازالت موجودة داخل نفوسنا، كل ما حدث أن التراب اعتلاها، وكل ما نحتاجه هو إزالة هذه الأتربة، والسبيل إلى ذلك ليس صعباً أو مستحيلاً، فقد مرت بمصر الأرض، ومصر الناس ظروف أصعب من ذلك بكثير واستطعنا تجاوزها. أدهم مصطفى [email protected]