من فى الأمن المصرى له الحق وعنده صلاحيات أن يجبر مواطناً مصرياً على الرحيل من بلاده، وأن يمنعه من القيام بأى عمل إعلامى أو خدمى، ويحدد له أيضاً مواعيد عودته ومبرراتها!! إذا كان لدينا من أجهزة الأمن المصرية من له هذا الحق، فليخرج علينا ويفسر لنا ما نشرته «المصرى اليوم»، أمس، حول إجبار عمرو خالد على الرحيل إلى لندن. هذه لم تكن المرة الأولى التى يجبر فيها عمرو خالد على الرحيل بعيداً عن مصر، فى منفى اختيارى، لعدة سنوات، تنقل خلالها بين بيروتولندن، ولم يمنعه المنفى من الظهور الإعلامى، بل غيابه الجسدى منحه أبعاداً درامية كثفت من وجوده وتأثيره، حتى إنه اختير فى مجلة أمريكية واحداً من أهم مائة شخصية مؤثرة فى العالم. الأمن يتعامل بحذر مع عمرو خالد منذ كان يمارس الدعوة الإسلامية، لأنه محسوب على جماعة «الإخوان المسلمين» التى انضم إليها عندما كان طالباً فى الجامعة، ثم انسحب منها، وأعلن أكثر من مرة أنه لا ينتمى إليها.. عمرو خرج من الإخوان بكامل وعيه وإرادته، وعلى الرغم من محاولاتهم المتكررة لاستغلاله أو إعادته فإنه رفض تماماً، وكان حريصاً على ألا يظهر أى انتماء إليهم، ولا أذيع سراً أن تحفظات «عمرو» على الجماعة متعددة، لذا فقد غير نشاطه وحاول أن يلعب دور المصلح الاجتماعى، مستغلاً التفاف الشباب حوله، فنجح فى «صناع الحياة»، وقاد حملة رائعة ضد الإدمان.. فما الذى يفعله عمرو خالد الآن ليخيف أجهزة الأمن؟! هل يصدق أحد أن الأمن طرد عمرو بسبب مشروعه لمحاربة الفقر، ولأن هذا يتعارض مع مشروع تنمية ألف قرية فقيرة الذى يرعاه جمال مبارك، أمين السياسات بالحزب الوطنى؟.. وما العيب أن نسعى جميعاً لمحاربة الفقر، وهل ظهور عمرو فى الصورة يسحب من رصيد جمال أو الحزب؟.. عمرو لا يستطيع الترشح لرئاسة الجمهورية، حسب نصوص الدستور، فما مبررات الخوف إذن؟ لا أصدق حكاية ترحيله أو نفيه بسبب برنامج «قصص القرآن»، وتناوله تحدى سيدنا موسى للفرعون واعتباره إشارات للواقع فى مصر، وإلا لغيّر الأمن القرآن الكريم أو منعه! ونحن نحلم بتطور ديمقراطى ونستقبل اليوم الرئيس الأمريكى «أوباما» ليس من الطبيعى أو اللائق، حتى يستريح الأمن من «وجع الدماغ، أن ينفى مواطناً مصرياً شهيراً ومؤثراً مثل عمرو خالد.. فالرهان على هدوء أعصابه وامتثاله الدائم لمثل هذه القرارات غير مأمون ولا مضمون، ولا نتمنى أن يتحول عمرو خالد إلى لاجئ سياسى، يكشف وجهاً سيئاً لمصر.. فهذا الزمان انتهى، ومصر مليئة بالمعارضين فى الداخل، فكفانا صناعة أعداء من المحبين! يدهشنى أن عمرو خالد يقبل تعليمات الأمن بنفيه إلا إذا كان يتعرض لتهديدات مفزعة، وكلى ثقة بأننا لن نسمع أى مسؤول أمنى يبرر أو يشرح ما حدث، على الأكثر سنقرأ تصريحاً بالنفى لمصدر أمنى بلا اسم، وهذا دائماً يؤكد ولا ينفى!! [email protected]