بين شيخوخة وميلاد

اشتقت إليك.. أترقب صوت الريح القادمة بك تطوى مسافات الغياب محاطاً بسنابك الحقيقة.. ممتشقاً سيف الحق.. تتهاوى على أنصاف الآلهة والهلاميات الملتحفة بأردية التعالى والغرور.. يهوى على رؤوس اليأس.. يستفز الإرادة المسلوبة وموروثات الحضارة المتوارية خلف جدران الضعف..
اشتقت إليك.. تأخذنى على صهوة الغد.. يزلزل صهيله المؤتمرين لأهواء الظلم.. يحطم قضبان السجون المحتقنة عارا.. يفضح خفايا النفوس المتأبطة شرا..
اشتقت إليك.. تعلو بى عن مستنقعات الظلمة.. سواقى الدماء.. ظلال الأوطان العارية.. وكفارات المؤامرة المدفوعة من طموحات الأجيال المولودة من رحم الكهولة..
اشتقت إليك.. تمسح دموع الوحدة المتأرجحة بين أهداب الليل الطويل.. تمحو خطوط الحزن المحفورة على وجنة الدهر.. تستنبط الحب من قلب الصخر.. تحجبنى عن عيون الشر وخفافيش الغربة.. يغسل عبقك الملائكى خطايا البعد الموشومة على جسد الشوق..
اشتقت إليك.. نخوة تترفع عن عبودية الهوى وسهام الخبث والمدن الملوثة بأقدام العابرين فوق جثث الانتماء.. كبرياء يناطح النجوم.. هامة ممتدة كنخيل العراق..
أشتقت إليك.. تنتهب المحال.. يغمر نورك الثغور الحالكة.. تأخذنى عبر غوامض العصور متشحة بعلم الأمل المطرز بألوان الخصب الخضراء بديلا عن العفن.. ورود الحب بديلا عن الدم.. بشائر الغد البيضاء بديلا عن الأكفان.. وسحابات الخير السوداء بديلا عن عتمة اليأس..
اشتقت إليك.. تقتحم الأزمنة.. تسلط ضوء عينيك الثاقبتين على مفترق طرق ما بين نهاياتِ وبدايات.. تطرق بوابات ما قبل التاريخ منذ نهاية عصر( جوراسىّ) وبداية عصر( جليدىّ).. وتظاهرة إبادة ثلجية للديناصورات لتبعث من جديد بهيئة بشر تفترس الحلم والأمان..وتقتنص اليمام المغرد فى سماء الحب..
اشتقت إليك.. تجوب بى مراحل ما بعد التاريخ نشهد صور الفوضى والضجيج.. الفتن والاضطرابات.. الغدر والمؤامرات.. حيث الصور والأحداث واحدة بين النهايات والبدايات.. بين الماضى والحاضر..أمويين.. عباسيين.. طولونيين.. إخشيديين.. فاطميين.. أيوبيين..مماليك.. عثمانيين.. طوائف ومرابطين.. وألفية ثالثة.
ومراحل انتقال تتخبط وسط زوابع وتحولات حبلى بالكوارث والهزائم ومشاكل اقتصادية.. قومية.. وطنية.. اجتماعية.. استبداد مبرر وغير مبرر..صراع بين الإرهاب والحضارة.. بين التطور والتخلف.. اتكالية وتعليق أخطاء على مشاجب الآخرين.. معوقات تنمية.. احتلال أوطان وقضايا معضلة وأوهام حلول.. تنظيمات بلا فكر.. مشاريع بلا هدف.. وعقائد تتخبط على دروب السياسة..
مرحلة عصيبة ومخاض أصعب.. وانتقال يتأرجح بين نظرات سوداوية غارقة فى عتمة المستحيل.. وأخرى متفائلة بولادة فجر جديد يحمل بشرى ازدهار سياسى واقتصادى عربى.. وبين صابر يرنو إلى ثمة مفتاح فرج قريب..
اشتقت إليك.. تُسمعنى قول ابن عباد لملوك الطوائف فى الأندلس: (والله لئن أرعى الإبل فى المغرب خير لى من أن أرعى الخنازير فى أوروبا)..
سيدى.. سيد الحلم.. اشتقت إليك.. هل تسمعنى؟؟؟