أجرت «المصرى اليوم» مواجهة بين الدكتور سامى مخيمر، رئيس مفاعل «أنشاص» البحثى الأول، والدكتور محمد القلعى، رئيس هيئة الطاقة الذرية، حول ما يتردد عن وجود مخالفات مالية وإدارية داخل الهيئة. وقال «مخيمر» إن هذه المخالفات ستؤدى إلى كوارث خطيرة حال استمرارها، وطالب رئيس المفاعل بالتدخل السريع لوزير الكهرباء لتصحيح الأوضاع، وهدد برفع المخالفات إلى النيابة والوكالة الدولية للطاقة الذرية. من جانبه، نفى رئيس الهيئة الاتهامات الموجهة إليه، وقال إن ما قاله «مخيمر» لا أساس له من الصحة وإن الجهاز المركزى للمحاسبات يراقب كل مليم فى الهيئة، التى قال إن لديها المستندات التى تثبت صحة موقفها، وأن التجاوزات التى حدثت وترتب عليها «حادث أبريل» تمت إحالتها إلى التحقيق. رئيس «أنشاص»: سأستقيل بسبب مخالفات «الطاقة الذرية».. وسألجا ل«النيابة» و«الوكالة الدولية» هدد الدكتور سامر مخيمر، رئيس مفاعل أنشاص البحثى الأول، بتقديم استقالته إلى الدكتور حسن يونس، وزير الكهرباء والطاقة، الأسبوع الجارى، احتجاجا على ما سماه تدهور الأوضاع واستمرار المخالفات المالية والإدارية داخل هيئة الطاقة الذرية. واتهم «مخيمر» فى مذكرة رسمية، قدمها إلى الدكتور محمد القللى، رئيس الهيئة يوم 14 سبتمبر الجارى. وحصلت «المصرى اليوم» على نسخة منها رئيس الهيئة بتجاهل التحقيق فى مخالفات مالية، قال إنها شابت مشروع إحلال وتجديد المفاعل البحثى الأول، بلغت نحو 150 مليون جنيه متهما إياه بالمسؤولية الكاملة عن حادثة أبريل التى نتج عنها حدوث عطل غير عادى فى مفاعل أنشاص البحثى، كاد يهدد المنطقة بأكملها ويخلى سكان أنشاص لعشرات السنين، علي حد قوله. واشار «مخيمر» إلى قيام مدير المفاعل الدكتور عبدالرحمن القفص بتشغيل المفاعل فى 14 أبريل الماضى بإرادة منفردة خارج منظومة إجراءات التشغيل المتبعة دولياً ومحلياً، التى تتضمن على الحصول قبل التشغيل على موافقات من السلطات المختصة أو المجاميع الفنية الداخلية أو جهاز الأمان النووى فى غياب مدير التشغيل والمشغلين وفى غيابه أيضاً، الأمر الذى كاد يتسبب فى كارثة كبيرة بمنطقة أنشاص. وأكد أن وجود جملة المخالفات الإدارية التى ارتكبها رئيس الهيئة أدت إلى الكارثة السابقة واستمرارها سيؤدى إلى كوارث أكبر يصعب معالجتها فنيا وعلميا، مما يتطلب تدخلاً سريعاً لتصحيح الأوضاع من قبل الدكتور حسن يونس، وزير الكهرباء والطاقة، وأشار إلى أن هناك مؤشرات قوية على وجود خلل إدارى عقب الحادث مستمر حتى هذه اللحظة، مما سيؤدى إلى حدوث كوارث خطيرة ما لم يتم إصلاحها فوراً. ودلل «مخيمر» على ذلك بأنه عقب الحادث مباشرة قدم رئيس البحوث النووية مذكرة إلى رئيس الهيئة يطلب فيها تحويل مدير المفاعل إلى لجنة تحقيق لقيامه يوم الأربعاء 14 أبريل الماضى بتشغيل المفاعل البحثى الأول دون اتباع القواعد المنظمة، حيث لم يتم إعلام رئيس شعبة المفاعلات أو رئيس المركز أو رئيس الهيئة أو لجنة الأمان النووى بذلك، ولم تتم معرفة جاهزية المفاعل للتشغيل من مدير الصيانة، الأمر الذى كان سيؤدى إلى حدوث كارثة بعد حدوث عطل فى طلمبة التبريد وأوضح أنه رغم طلب رئيس المركز وتقدم مدير المفاعل باستقالة رسمية وموافقة قسم المفاعلات عليها إلا أن رئيس الهيئة لم يقم بتحويل «القفص» للتحقيق إلا يوم 8 أغسطس الماضى أى بعد نحو 4 أشهر من وقوع الحادثة، لافتا إلى أنه لولا تدخل المركز القومى للأمان النووى وسحب الترخيص من مدير المفاعل لمخالفته قواعد التشغيل بالمفاعل، لاستمر المدير بموقعه رغم أنف الجميع بحماية من رئيس الهيئة. وقال «مخيمر» إن مدير المفاعل قام بالتشغيل بإرادته منفردا لتقديم واجب التحية إلى رئيس الهيئة قبل التجديد له عاما آخر لإظهار أن كل الأمور مستقرة داخل المفاعل الأول ومراكز الهيئة. وكشف «مخيمر» أنه دعا رئيس الهيئة مراراً إلى التحقيق فى شكاوى بإهدار 150 مليون جنيه فى مشروع إحلال وتجديد المفاعل الأول، خاصة التعاقدات التى تمت فى عهده، الخاصة بنظام الرقابة الإشعاعية وأنظمة إنذار الحريق وأحدثها تركيب نظام حريق جديد بالمفاعل بينما يوجد نظام قديم كامل المشتملات كان يحتاج فقط إلى المراجعة والصيانة وتابع: «فوجئت وأنا رئيس المفاعل بالشروع فى التعاقد بسرعة غير مفهومة على نظام جديد للحريق بمئات الألوف دون الرجوع لقسم المفاعل وصرف ألوف الجنيهات لقيادات الهيئة من مكافآت العاملين والفنيين»، حيث قام بإلصاق تهم صورية وادعاءات فى تحقيق صورى وفوجئ بالقرار 787 لعام 2010 فى 8 سبتمبر الجارى بإحالته إلى مجلس تأديب أعضاء البحث العلمى، بناء على هذا التحقيق، الذى قال إنه لم يحدث أصلا، وبعيد عن الحقيقة، وقال مخيمر: تعمد رئيس الهيئة مخالفة قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية بشأن إحالة أعضاء هيئة التدريس لمجلس التأديب، حيث لم يقم بإخطارى بالتهم الموجهة لى فى الموعد المحدد والقانونى بخطاب موصى عليه بعلم الوصول ومرفق به صورة من التقرير المزعوم بما يخل بجميع حقوقى القانونية التى كفلها لى القانون. وقال مخيمر: إن رئيس الهيئة اتهمنى بتعمد عدم عقد جلسة لمجلس القسم لمناقشة الأمور الخاصة به، رغم أنه يعلم تماما أننى دعيت لعقد مجلس القسم فى موعده الدورى ولم يكتمل النصاب القانونى بسبب رفض المجموعة الميكانيكية بالقسم «أعضاؤها يمثلون الأغلبية» الحضور احتجاجاً على التقرير المختلق من قبل اللجنة المشكلة لدراسة الأسباب الفنية لحادث المفاعل يوم 14 أبريل الماضى ومحاولة إلقاء المسؤولية على المجموعة رغم أنها كانت السبب الرئيسى فى تدارك الكارثة والتدخل الحاسم والفنى لوقف تداعياتها وآثارها. وتابع «مخيمر»: أرسلت هذا المحضر إلى رئيس الهيئة ونقلت له مطالب المجموعة الميكانيكية بالاعتذار للمجموعة عن تحملها المسؤولية، واستبعاد مدير المفاعل من موقع أنشاص لخطورة وجوده على أمن وسلامة المنشأة. وأضاف: قلت فى حالة التراخى فى اتخاذ أى إجراء سبق ذكره فإن المجموعة ستقوم بإحالة الواقعة إلى النيابة العامة للتحقيق فى ملابسات الحادثة مع الاستعانة بلجنة محايدة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتطبيق نصوص قانون الرقابة الإشعاعية الصادر مؤخراً على المسؤولية عن تلك الكارثة. وطالب «مخيمر» الجهاز المركزى للمحاسبات بمراجعة دقيقة لميزانية صندوق مفاعل الأبحاث الثانى وميزانيته 30 مليون جنيه سنوياً، وصندوق الضمانات بالهيئة ورصيده 80 مليوناً وأوجه الصرف من الصندوقين والجهات التى حصلت على أموال منهما، وقال إن مراجعة مكافآت المشاريع الخاصة وصندوق الضمانات والمفاعل الثانى تكشفت وقائع تربح مذهلة وتوضح الأسباب الخفية لعشرات من قرارات الإحالة لمجالس التأديب سابقة التجهيز، وكشف «مخيمر» عن تردى الحالة الأمنية بموقع أنشاص حيث يقوم رئيس الأمن أحمد عيد، بالسماح منذ أكثر من 3 سنوات لمقاولين وعمال وأكثر من 500 عامل ومشرف من شركة نظافة خاصة بدخول الموقع يوميا من الثامنة والنصف صباحاً حتى الثالثة ظهرا، وينتشرون فى جميع مبانى وأدوار الهيئة دون وجود أدنى رقابة أو سيطرة أمنية عليهم، مما دفعنه لمنعهم من دخول مبنى المفاعل وتكليف المعاونين بنظافة المبنى، ورغم ذلك «قام مدير الأمن بمنعى يوم 24 مايو 2009 من دخول سيارتى لموقع أنشاص بحجة أن سائقاً خاصاً يقودها وتصعب السيطرة الأمنية عليه». .. ورئيس الهيئة يرد: لم نرتكب أى مخالفات ولدينا مستندات تثبت صحة موقفنا.. و«المحاسبات» يراقب كل «مليم» نفى الدكتور محمد القللى، رئيس هيئة الطاقة الذرية، الاتهامات التى وجهها إليه الدكتور سامر مخيمر، رئيس مفاعل أنشاص البحثى الأول، وقال «القللى» ل«المصرى اليوم» إن الهيئة لديها المستندات الدالة على سلامة موقفها فى مشروع إحلال وتجديد المفاعل الأول، وأن المشروع تم من خلال مناقصات عامة وطبقاً للقوانين السارية، ولم تدخل أى شركة بالمشروع من خلال الأمر المباشر. وأضاف «القللى»: «للأسف كلام (مخيمر) غير صحيح، والدفاع المدنى ولجان الطوارئ هى التى طلبت تركيب نظام للوقاية وأجهزة إنذار للحريق بالمفاعل تحقيقاً لمتطلبات الأمن وحمايةً للأرواح»، مشيراً إلى أن اللجان الفنية رأت أن إصلاح النظام الأول غير مجدٍ، لأنه لا توجد له قطع غيار فى السوق، وقال «القللى» إن المشروع لم يتكلف 150 مليون جنيه كما ذكر رئيس المفاعل، وأن الذى طرح المناقصة هو مركز البحوث النووية، أما رئاسة الهيئة فهى جهة اعتماد فقط، وليس لها دور فى هذه المناقصة. ورد «القللى» على ما أثاره «مخيمر» عن قيام المدير بتشغيل المفاعل لتحية رئيس الهيئة، قائلاً: «هل يعقل أن يقوم مدير المفاعل بتشغيل المفاعل لتقديم التحية لى كما قال مخيمر؟!». وأضاف: «تشغيل المفاعل يوم 14 أبريل الماضى، تم بشكل تجريبى قبل زيارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولعدة ساعات وليس تشغيل وردية 48 ساعة»، لافتاً إلى أنه قام بتحويل كل الطاقم المسؤول ومدير المفاعل إلى التحقيق لقيامهم بالتشغيل دون الحصول على إذن الأمان النووى، حسب القانون الجديد. ونفى «القللى» أن تكون الوكالة الدولية للطاقة الذرية طلبت استبعاد الدكتور عبدالرحمن القفص، مدير المفاعل، من موقعه، وقال: «كل كلام الوكالة كان عن حالة المفاعل وتهالك بعض الأنظمة داخله، ونحن نقوم حالياً بالتفاوض مع روسيا لبدء إجراءات التطوير والتحديث للمفاعل»، وقال إنه رفض استقالة مدير المفاعل لأنه لم يكن هناك من يحل مكانه آنذاك، وتابع: «رفضت الاستقالة بسبب حاجة العمل إليه، لأنه أفضل واحد يدير المفاعل، والوحيد الذى يحمل رخصة من الأمان النووى.. فهل كان مطلوباً منى أن أقبل استقالته وأجيب أى واحد وأقوله تعال امسك المفاعل.. هل هذا يعقل؟». واستطرد: «على (سامر مخيمر) تقديم الدليل على صحة كلامه»، وعن إجراء التحقيق مع رئيس المفاعل، رغم تواجده بالسعودية أثناء الحادث، قال «القللى»: «التحقيق معه ليس بسبب الحادث، وأنا لم أحوّله إلى مجلس التأديب، لكن الذى قام بتحويله هو محقق قانونى من جامعة عين شمس ولست أنا، وهناك شكاوى ضده بقيامه بالاعتداء على مهندس يعمل معه والمهندس هو الذى قدم الشكاوى، فكان لابد من التحقيق معه، وأرسلنا له 7 طلبات للمثول أمام المحقق ولم يحضر، لكن القانون فوق الجميع ونحن هيئة حكومية تخضع للقوانين المنظمة لهذه الأمور».