عندى تحفظات كثيرة على ترشح أصحاب المعالى الوزراء.. لأنهم كانوا يجب أن يستشعروا الحرج، وهم على قمة الهرم التنفيذى.. فالسؤال سيبقى قائماً: كيف يكون الوزير خصماً وحكماً فى الوقت نفسه؟.. خاصة أن المعركة غير متكافئة أساساً.. إذن هناك تزوير وفساد منذ البداية، أما الفساد الأكبر فهو تمويل الحملات الانتخابية لأصحاب المعالى، ودستورية رشاوى الوزراء الانتخابية! وإذا كان هناك من لا يرى عيباً دستورياً فى ترشح الوزراء، فلاشك أن هناك شبهة عدم دستورية فى تمويل هذه الحملات.. وهناك فساد كبير، وهناك رشاوى يتم تقنينها، وهناك شبهة عدم دستورية فى توزيع موارد الدولة على دوائر بعينها.. وقد يخرج من يقول: «حرام عليك، ياريت كل الوزراء يترشحوا فى دوائرهم، لأن المستفيد الأول سيكون هو الشعب المسكين».. وهذه خطيئة كبرى! لا يعقل بالمرة أن تكون خطة الدولة لصالح مرشح بعينه، وإن كان وزيراً، ولا يصح أن تخصص أموال الدولة لصالح حملة وزير، بينما منافسه لا حول له ولا قوة.. ولا يعقل أبداً أن يحتكر الوزير الوظائف الميرى ليوزعها على أنصاره، بينما يحرم منافسوه من هذه الميزة، لا عقل ولا منطق فى هذه المعركة، وإنما هو التدخل السافر والتزوير المبكر.. تزوير الإرادة لا تزوير البطاقة! وهنا تجدر الإشارة إلى بطلان أى تعيينات وزارية ترتبط بالانتخابات، وهنا يجب أن يتوقف الوزير نصر علام عن التعيينات فى وزارة الرى، ويتوقف الوزير بطرس غالى عن التعيينات فى قطاعى الجمارك والضرائب، وهكذا.. لأن هذه الوظائف ملك للشعب كله، وليست ملكاً لأبناء دوائر بعينها، لأن المرشح فيها وزير لابد أن ينجح.. ولابد أن تكون هناك عدالة توزيع لهذه الوظائف! السؤال الأهم: هل يجب أن تخضع عمليات تمويل حملات الوزراء للمحاسبة والمراقبة.. وهل تخضع للأجهزة الرقابية، من أول نيابة الأموال العامة، إلى الجهاز المركزى للمحاسبات.. وهل من اللازم إحصاء الوظائف المتاحة لتوزيعها بعدالة.. وهل من المهم معرفة المخصصات التى يدفعها الوزير، من موارد وزارته لصالح دائرته، بالإضافة لمعرفة دور الشركات المتعاونة مع وزارته، فى تمويل حملته الانتخابية؟! كل هذه الأسئلة مطلوب لها إجابات فوراً.. من حق الوزراء أن يرشحوا أنفسهم للبرلمان، بشرط أن يكونوا مرشحين عاديين وليسوا مرشحين بشرطة.. أن يشرحوا لنا مصادر تمويل حملاتهم الانتخابية، وأن يدفعوها من جيوبهم، كما يفعل المرشحون المنافسون، وليس من مخصصات الوزارات.. كما يجب أن يعرف جمهور الناخبين أن أى مشروعات هى خطة دولة، لا فضل للوزير فيها! نفترض أن الوزير المرشح يستحل لنفسه ولدائرته، أموال الوزارة ووظائف الوزارة ورجال الوزارة وشركات الوزارة.. فمن الذى يرده عند حدوده؟.. ومن الذى يقول له أين الانتخابات؟.. ومن الذى يصدر قراراً بوقف هذه المهازل؟.. الرئيس مبارك باعتباره رئيس الجمهورية، أم الرئيس مبارك باعتباره رئيس الحزب الوطنى؟.. نريد أن نعرف كيف تكون انتخابات بهذه الطريقة الفاسدة؟ التمويل المشبوه لحملات الوزراء بداية تزوير.. تزوير لإرادة الناخبين، قبل تزوير البطاقات وتسويد الصناديق.. وتوزيع الوظائف دون عدالة، تزوير وحكم مبكر بالبطلان وعدم الدستورية.. ومشاركة الشركات فى التمويل فساد كبير.. واعتبار خطة الدولة حقاً لأصحاب المعالى المرشحين، إهدار للموارد الوطنية، وتدخل سافر فى انتخابات لم تبدأ بعد!