فى 17 يناير عام 2007 أحال المستشار أحمد شوقى الشلقانى، وكان وقتها مساعدا لوزير العدل لشؤون جهاز الكسب غير المشروع، 108 من الأعضاء «السابقين» بمجلس الشعب إلى النيابة للمحاكمة لعدم تقديمهم إقرارات الذمة المالية خلال الدورتين من عام 1990 حتى 1995 ومن عام 1995حتى عام2000.. أى أن الإحالة كانت قبل عامين عن التأخير فى إقرارات ذمة فات عليها 12 سنة وأخرى 7 سنوات.. ثم خذوا هذه المفاجأة: المادة 20 من قانون «جهاز الكسب غير المشروع» تنص على أنه: «كل من تخلف عن تقديم إقرارات الذمة المالية فى المواعيد المقررة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 20 جنيها ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين».. ولم نسمع أبدا عن أحد تم حبسه لأنه تخلف عن تقديم الإقرار. بيان الجهاز الذى نشرته الصحف فى ذلك الوقت قال إنه تبين من فحص الملفات أن النواب السابقين لم يقدموا الإقرارات التى يلزمهم بها القانون متضمنة ممتلكات النائب وزوجته أو زوجاته وأبنائه عند بدء العضوية فى المجلس وعند انتهائها، وهكذا فى حالة استمراره عضوا بالانتخاب أو بالتعيين. هذا ما نشرته الصحف فى يناير عام 2007 وهو فيما أعلم وفيما بحثت آخر عهد للصحافة بأخبار من هذه النوعية تتناول الذمة المالية لنواب الشعب.. ومنذ ذلك الوقت لم يقل لنا أحد ماذا فعل جهاز الكسب غير المشروع مع هؤلاء النواب؟ وماذا فعلت النيابة؟.. وبافتراض أن أحدا أو بعضا من هؤلاء النواب قد كسب كسبا غير مشروع وتربح من عضويته فى المجلس فهل خضع للقانون أم سقطت التهمة عنه بمرور 3 سنوات أو 5 سنوات على ارتكاب الجريمة.. وضاعت حقوق وأموال الشعب لأن القانون قاصر عن المحاسبة أو لأنه ليست هناك محاسبة حقيقية لسارقى أموال الدولة والمتربحين من دم الناس. بذلك يتأكد أن الرقابة والمحاسبة قاصرة.. وأن الحسابات المالية الضخمة فى البنوك والعقارات بكل أشكالها، والسيارات وقطع الأراضى والمشغولات الذهبية التى يتم تكديسها على مدى سنوات الدورة أو الدورتين، أو أكثر، لن تجد ضابطا أو رابطا لها، ولنتذكر معا كم من النواب تم تقديمه إلى محكمة الجنايات بتهمة الكسب غير المشروع والتربح من الموقع العام. إن عدم سماعنا عن إحالة أحد من أعضاء مجلس الشعب المتهمين بإثرائهم بشكل غير مشروع إلى المحاكمة أو التحقيق، مع ما نراه ونعرفه ويتداوله الملايين فى كل الدوائر الانتخابية عن متاجرة البعض بالحصانة واستغلالها فى تكوين الثروات الضخمة، لا يعنى سوى أن هناك تقصيرا فى عمل هذا الجهاز المهم، وأن الإجراءات التى يتخذها لفحص الذمم المالية إجراءات صورية.. وهو الأمر الذى يطرح علامات الاستفهام حول تبعية «جهاز الكسب غير المشروع» لوزير العدل، ومدى استقلاله عن السلطة التنفيذية؟ ولماذا لا يصبح جهازا قضائيا مستقلا تابعا لإحدى الهيئات القضائية المستقلة؟ نواب الشعب ليسوا موظفين معينين.. ليسوا وزراء أو رؤساء شركات عامة يُسأل عنهم رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، نواب الشعب فى أماكنهم تحت القبة، لأن الشعب - نظريا - انتخبهم، إذا تغاضينا عن الآراء المتعلقة باختيارات الحزب الوطنى وعمليات التزوير والتدخلات الحكومية ولكنهم فى كل الأحوال نواب الشعب.. والناخبون فى كل دائرة لهم عليهم حق المراقبة والمراجعة والمحاسبة.. ولن يتم هذا بإنشاء رقابة شعبية فى كل دائرة انتخابية أو محافظة.. ولكن بتفعيل دور الأجهزة الرقابية فى محاسبة النواب وإلزام الخاضعين لقانون «الكسب غير المشروع» بتقديم إقرارات الذمة المالية فى موعدها، والإعلان أولا بأول عن المخالفين ومرتكبى جرائم نهب المال العام والتربح. هذا حق الناخبين.. نريد أن نعرف لنحسن اختيارنا فى المرات القادمة.. نتأكد أن مغريات الحزب الحاكم والحكومة لم تشتر نائبا ليصبح ممثلا للحكومة لا للشعب.. من حقنا كناخبين أن يكون لدينا تقييم حقيقى وعادل لذمم النواب ونزاهتهم فضلا بالطبع عن أدائهم تحت القبة. ■ تلقيت عشرات الاتصالات الهاتفية ورسائل الفاكس وكما كبيرا من المستندات من أهالى شبراخيت بمحافظة البحيرة تعليقا على ما ذكرته فى مقالى الأسبوع الماضى عن عضو مجلس الشعب شمس الدين أنور (حزب وطنى) الذى تمكن من إلحاق اثنين من أبنائه بكلية الشرطة رغم التحريات التى تؤكد سبق اتهام عدد من أقاربه فى عدة قضايا، وصدور حكم ضد شقيقه الهارب فى جناية قتل طفل، طالبنى البعض بالاستمرار فى إثارة الأمر حتى يعتدل الحال، فلا يكون هناك كيل بمكيالين، ويُرفض البعض لتواضع مستواه الاجتماعى بينما يُقبل من لا يستحق مستغلا مركزه لنفع شخصى وإغفالا للصالح العام. بعضهم تحدث بمرارة عن النائب الذى يبيع تأشيرات التوظيف الحكومى بمبالغ تتراوح من 20 ألف جنيه إلى مائة الف حسب قدر الوظيفة، ويتخذ من مقهى يملكه فى دمنهور مقرا ل«التخليص»، ولا مانع من تشغيل المقهى أيضا، تحدثوا معى أيضا عن النواب الذين يستغلون عضوية المجلس والحصانة فى الإثراء الفاحش فى أسرع وقت ممكن وقبل الانتخابات البرلمانية فى نهاية 2010، والبعض تساءل عن موقف وزارة الداخلية من «نائب الشرطة» خاصة بعد ما تأكد أنه قد تم بالفعل إجراء التحريات اللازمة ثم تم إغفالها لأسباب مجهولة. لا أملك الآن سوى القول بأنه ليس أمامى سوى إرسال المستندات التى بحوزتى إلى اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية، وأعلم جيدا أنه لا يتوانى عن التحقيق فى الأوضاع المخالفة أيا كان من وراءها ويعالجها بالبتر أولا بأول. [email protected]