أشعر بالأسى عندما يطلق على فريق الكرة فى مصر أحفاد الفراعنة، لأن ذلك مدعاة للفخر فى عصرنا الحالى، فالحضارة الفرعونية مثلها مثل باقى حضارات الأمم السابقة أخذت حظها من الدنيا ثم ذهبت ولم يتبق منها سوى التماثيل والأحجار، فهل يطلق أهل جزيرة العرب على فريقهم أحفاد عاد وثمود وإرم ذات العماد التى لم يخلق مثلها فى البلاد، أو على الفريق الإيرانى أحفاد كسرى والفرس...إلخ، إنه لمن المفارقات والتناقضات أن نرتمى فى أحضان ماض سحيق عندما يضعف حاضرنا ويساورنا الشك فى قدراتنا الذاتية! فكيف يطلق على منتخباتنا أحفاد الفراعنة الذين حاربوا الله ورسوله باستعباد شعوبهم وادعاء الألوهية؟ وكيف يكون الانتساب لقوم عبدوا ملوكهم كآلهة مدعاة للفخر والاعتزاز؟ وكيف يقرأ الفريق الفاتحة فى أرض الملعب ويصلى بآيات القرآن الكريم التى تلعن فى معظمها فرعون وجنوده ثم ندعى أننا أحفادهم؟ ولعلنى كتبت ذلك قبل أن أقرأ فى حديث الأستاذ هيكل ل«المصرى اليوم» بتاريخ 21 أكتوبر الماضى كيف تعتبر الفراعنة رمزاً للاستقلال وهى مكروهة وفقاً للدين ثم مطلباً وفقاً للوطنية فذلك لا يصح إلا إذا كنا نريد أن نبتعد عن محيطنا العربى، ونكرس اختلافنا ونعيش فى ماض، مستحيل أن يعود!! الحضارة الفرعونية لم تنقذنا من حكم الأجنبى قروناً متتالية وحتى عام 1952، لم تترك لنا علماً استفدنا به عدا ما بناه ملوكهم لحمايتهم بعد الموت لاعتقادهم ذلك.. إنها حقاً حضارة ولكنها تركت خلفها ذرية ضعيفة مستكينة، حضارة شيدت التماثيل والأعمدة وطغت على القلوب والأفئدة.. دولنا العربية المجاورة عندما يحقدون على المصريين فى بعض المناسبات يتعمدون إطلاق كلمة أحفاد الفراعنة عليهم، لأن الكثير منهم يشجع ويبارك المشتغلين منا فى محاولاتهم تكريس انسلاخنا القومى من محيطنا وهويتنا العربية.. لاحظ ما يطلقه الجزائريون على فريقنا الكروى من لفظ «الفراعنة»!! لقد كان دستورنا محقاً عندما أطلق على دولتنا «جمهورية مصر العربية» وليست الفرعونية، لأنه معلوم أن أكثر من 90٪ من مواطنى الدولة من أصول عربية.. أليس كل هذا كفيلاً بأن نقلع عن كلمة أحفاد الفراعنة؟! فليس الفتى من قال كان أبى.. ولكن الفتى من قال ها أنا ذا.. وأخيراً نبتعد عن اللباس المضحك الذى ترتديه بعض فرق الفنون والموسيقات على أساس أنه فرعونى! د.مراد السعداوى محام ومدرس زائر مواد القانون العام