«نحن مهمشون فى العهدين القديم والجديد»، رسالة وجهها أهالى قرية حلايب للمسؤولين مطالبين بتحويل قريتهم، التى تقع فى أقصى الجنوب على بعد 15 كيلو من الحدود المصرية السودانية عند رأس حدربة، إلى مدينة، وتشجيع الاستثمار فيها، والاهتمام بالتعليم والصحة. قال الشيخ حسن هدل، شيخ مشايخ المنطقة، إنه لابد من تحويل القرية إلى مدينة، للتخلص من التهميش الذى عانت منه فى الماضى، خاصة فى مجال التعليم، مشيراً إلى أن هناك مدرسة ابتدائية أنشأتها القوات المسلحة عام 1995، ولم تتم صيانتها حتى الآن لتصبح خطرا على الأطفال، لأن الحديد الموجود فى السقف يتساقط، وبعض الفصول والمكتبة انهارت، وفناء المدرسة به مواد بناء نتيجة عدم استكمال عملية إنشاء فصل دراسى إضافى قبل 8 سنوات. ويهدد «هدل» بعدم السماح لأبناء القرية بالذهاب إلى المدرسة إذا لم تتم صيانتها لأنه لا يأمن على الأطفال فيها خوفاً من سقوط الأسقف فوق الطلبة. اصطحبنا «هدل» فى جولة بالقرية بدأت بالمدرسة التى اكتشفنا أن سورها مهدم، وزجاج نوافذ فصولها مكسور، والمقاعد مهشمة، وبعض الألواح المعدنية المستخدمة فى عمل السقف متساقطة داخل الفناء. ويقول «هدل»: «لا يوجد خدمات تعليمية فى القرية، يوجد مدرسون وأجهزة كمبيوتر، ولا يوجد مديرون للمدارس»، والتعليم كان جيداً عندما بدأ عام 1995، ثم انهار مستواه منذ عام 2006، وأصبح الطلبة يرسبون بسبب عدم وجود مدرسين فى بعض المواد، مثل اللغة الفرنسية التى يأتى مدرسها مرة فى الأسبوع، لأن قرية أبورماد التى ينتمى لها تبعد 40 كيلو عن حلايب. استكملنا جولتنا داخل القرية الهادئة التى تقع على شاطئ البحر، ويتميز جوها بانخفاض دراجة الحرارة مقارنة بالقرى المجاورة فى أبورماد وحتى مدينة الشلاتين، وكانت محطتنا الثانية هى المعهد الأزهرى الإعدادى والثانوى، الذى بنى سكان القرية فى فنائه فصولا من الخشب للفتيات، على نفقتهم الشخصية، ويقول هدل: «لا يجوز أن تكون البنات فى فصول مشتركة فى هذه المرحلة، ونطالب ببناء معهد أزهرى إعدادى ثانوى للفتيات، لأن هذه الفصول خطر عليهن مع ارتفاع درجات الحرارة فى الصيف. التعليم ليس المشكلة الوحيدة فى القرية، فمثل كل قرى المنطقة تعانى حلايب من نقص الخدمات الصحية، ويقول هدل: «مافيش برشامة فى الوحدة، التى يعمل بها طبيب واحد، وعيادة الأسنان تم إغلاقها». ويشكو سكان حلايب من ضيق مساكن التوطين وقلة عددها، رغم اتساع الأراضى فى القرية، ويقول هدل: «المساكن ضيقة رغم وجود مساحات كبيرة من الأرض، ولا نعلم لماذا لا يتم استغلالها فهذا ليس مكاناً صالحاً لسكن البشر وبناؤه إهدار للمال العام». أثناء جولتنا وجدنا مجموعة من وحدات التوطين الفارغة، وعلمنا أن القوات المسلحة قامت ببنائها منذ سنوات، ولم يتم توزيعها على السكان، ويجرى حاليا رفع كفاءتها قبل توزيعها على أهالى حلايب، ويعانى السكان من نقص خدمات الاتصالات فلا يوجد تليفونات أرضية، وتعمل شبكة تليفون محمول واحدة فى القرية. ولاحظنا مساحة شاسعة من الأرض تم حفرها لكن لم يتم بناؤها، وقال «هدل» إن هذه أرض نزل الشباب تم حفرها قبل 8 سنوات، ثم تم إلغاء المشروع، وانتقد ثبات الحصص التموينية منذ عام 1995، وتجاهل الجهاز الإدارى للدولة للمنطقة، ويضيف: «الخدمات التى أنشأتها القوات المسلحة منذ عام 1995 بدأت تتآكل». الحرفة الرئيسية لسكان حلايب هى الرعى، وبعضهم يعمل فى التجارة فى منطقة رأس حدربة، ولا توجد مواصلات مباشرة بين حلايب والقاهرة، ويقول على حامد حسن، باحث فى محمية جبل علبة، إن السوبر جيت يصل إلى أبورماد فقط، رغم وجود استراحة له فى حلايب. ويضيف «حسن»: إنه لابد من منح امتيازات لسكان المنطقة، ولا يمكن أن تستمر القوات المسلحة فى تحمل مسؤولية توفير الخدمات المدنية، والتيار الكهربائى يصل إلى القرية عبر مولد، وعندما يتعطل المولد الذى يعمل بالبنزين نتيجة ارتفاع درجات الحرارة تنقطع الكهرباء عن القرية لمدة 20 يوما فى انتظار وصول مولد جديد من برنيس التى تبعد 270 كيلو متراً من حلايب. ويطالب «حسن» الحكومة بإنشاء مشروعات استثمارية لاستيعاب الشباب، ويقول: «لا نريد تكرار خطأ سيناء، نريد تنمية القرية وتحويلها إلى مدينة، حلايب تملك جميع المقومات فمناخها أفضل من شلاتين وأبورماد، ومن الممكن إقامة مشتل زراعى بها، أو إقامة مصانع للجلود والسمسم ونقل سوق الجمال إليها، وعمل طريق دولى، لتتحول إلى مدينة تجارية أشبه ببورسعيد، فهى أرض بكر بها معادن و250 كيلومترا من السواحل البحرية وآثار ومناجم وثقافة مرتبطة بالرعى. ويؤكد «حسن» وجود مشكلة فى التعليم بأن المدرسين من خارج المنطقة، ولا يعرفون لغة الرطانة التى يتحدث بها الأطفال، لذلك يكون من الصعب عليهم تعليم الأطفال والتعامل معهم. ويقول: «نحن كنز لم يفتح بعد، نحتاج نظرة تنمية ونظام جديد يجعل الجهاز الإدارى يضعنا على قائمة أولوياته»، متسائلاً لماذا لا يتم تجنيدنا فى الجيش، رغم أن أجدادنا كانوا جنوداً فى الهجانة المصرية. ويضيف: «لا يوجد جهة تهتم بنا إلا القوات المسلحة، و ياريت الناس النايمين يصحوا ويخدمونا»، متحدثاً عن منطقته التى يوجد بها آثار رومانية ومحمية بجوارها وحوض مياه قديم، ومدينة تدعى «عيذاب» يقال إنها كانت محطة لاستقبال الحجاج الأفارقة، كما أن 24% من التنوع النباتى فى مصر موجود فى محمية جبل علبة، التى يوجد بها نبات يدعى «الأومبيت» أو «دارسينا أومبيت» بلغة البداويت، لغة سكان المنطقة، وهو من النباتات النادرة المدرجة فى الاتحاد العالمى للتنوع البيولوجى ضمن النباتات المهددة بالانقراض.