«أرونا كيف تعاملون نساءكم، نقل لكم من أنتم» «الكاتب الفرنسى مارك هالتر» من المؤسف والمحزن أن المرأة فى مصر مازالت عورة الجميع، ومحور معارك الشرف المجتزأ، الذى يقتصر على مجرد حراسة جسد يملكه المجتمع والزوج أكثر مما تملكه هى، فهذا الجسد ملعون وشيطانى ومصدر كل الموبقات والفواحش لو ظهر للعامة، وأحيانا تلمح فى تصرفات البعض دعوة عصرية جديدة لوأد البنات..!! تأملت فى أحوال «القوارير» وجذب انتباهى مؤخرا ثلاث حكايات يجمع بينهن قاسم مشترك وهو أن الضحية دائما امرأة من الشرق. الحكاية الأولى عن صور ليلى ابنة الدكتور البرادعى، والتى ظهرت فيها بالمايوه، ونشرتها أياد (مجهولة/معلومة) على موقع فيس بوك، السبب معروف وهو محاولة النيل من البرادعى، رئيس جمعية التغيير، الذى أعلن 7 مطالب للتغيير، فاختار خصومه إظهاره بمظهر الرجل الذى لا يغير على أسرته ولايصونها، سهم نافذ لا يطيش فى مصر، والبلدان العربية المسكونة بجرائم الشرف والنظر إلى المرأة باعتبارها مصدراً للعار، وسألنى أحد الجاهليين مدافعا عن «الشرف الرفيع من الأذى»: كيف لمثل هذا الرجل الذى لايصون ابنته بإلزامها بالحشمة أن يصون بلداً؟ بالتأكيد سيوقع مصر فى الخطيئةّّ!!، فسألته: هل لو كانت الصور المنشورة بلباس البحر لمصطفى ابن البرادعى هل كانت تعتبر سبة فى حق الرجل؟، فأجاب: بالطبع لا، فجسد ليلى عورة وفضيحة تطول والدها وتخزيه.. ياللهول لقد أصبحت صور ليلى التى عاشت ودرست بالخارج فضيحة تخزى والدها، ولا تعليق لرواد المصايف من سيدى بشر إلى مارينا. الحكاية الثانية تذكرنا بقصة هند الحناوى وأحمد الفيشاوى، وهى حكاية شيرين عبدالسلام (36 سنة) المدرسة التى عرفت إعلاميا ب«فتاة فاقوس»، التى قالت إن أحمد ابن الشيخ محمد حسان تزوج منها بعقد عرفى، وقد توفت شيرين مؤخرا بمصحة نفسية فى الشرقية حيث لفظت أنفاسها الأخيرة متأثرة بأزمة فى جهازها التنفسى. لا أعرف مدى جدية دعواها بأن نجل الشيخ حسان تزوجها عرفيا وأجبرها على الإجهاض مرتين حتى لاينكشف أمرهما، فهذا الكلام لم يستدل عليه بدليل قطعى، ولكن ما يثير الألم والمرارة أن المرأة دائما هى التى تقف على الأعتاب تطلب من شريكها أن يعترف بعلاقته بها، لم نسمع عن رجل طلب من امرأة أن ترحم شرفه وسمعته وتعترف بطفله منها. دائما المجروحة فى العمق امرأة.. الباحثة عن قشة تتعلق بها ولاتجدها من المجتمع.. امرأة. الحكاية الثالثة لامرأة إيرانية اسمها سكينة محمدى أشتيانى أمّ فى الثالثة والأربعين من عمرها، برأها القضاء من حكم بالسجن 10 سنوات بتهمة التواطؤ فى جريمة قتل زوجها، لكنها تعرضت لحكم بالرجم لأنها اعترفت تحت ضغط التعذيب بعلاقة مع الرجل الذى قتل زوجها، وحكم عليها بالجلد 99 جلدة لمجرد أن صحيفة «تايمز» البريطانية نشرت لها صورة بدون حجاب، برغم توضيح ابنها أن الصورة ليست لأمه، ولكن لمعارضة إيرانية مهاجرة فى السويد، لكن سكينة خسرت حياتها وسمعتها لمجرد أنها امراة فى مجتمع لايرى فى الشريعة الإسلامية سوى جلد المرأة ورجمها. قضية سكينة تحولت إلى قضية عالمية لأنصار حقوق الإنسان، ربما نكاية فى إيران بسبب ملفها النووى، لكن مايعنينا هو النظرة الإنسانية التى دفعت الآلاف لمطالبة السلطات الإيرانية بإلغاء حكم الرجم حتى الموت، وبين هؤلاء الآلاف ابن سكينة «سجاد محمدى» الذى لم يتنكر لأمه، ولايراها عورة بعد كل ما أثير حولها، تحية لهذا الابن فى زمن العقوق، وتحية لأنصار القوارير اللاتى أوصى بهن الرسول الكريم، رغم عقلية الوأد التى تغمض عينيها عن رحمة النساء، وتواصل صك الفتاوى «المصطنعة» وتحشد لها أحاديث غير مؤكدة لا يعقل أن تكون صادرة عن رسولنا الكريم الذى كانت آخر وصاياه لأمته فى خطبة الوداع «استوصوا بالنساء خيرًا»، لكن الجاهليين الجدد حشدوا همتهم لوأد النساء، وتحولت عبارة «لا عزاء للسيدات» إلى «لاعزاء فى السيدات». آسفة على تكديركم فى العيد، لكن هذا هو حالنا، وفى العام المقبل نتعشم الخير من الله العلى القدير