هناك حكمة تقول «إذا أردت أن تتنبأ بمستقبلك فعليك أن تصنعه».. هذا يعنى أن أى فرد أو مجتمع وحتى الدول تستطيع أن تتنبأ بمستقبلها بناء على ما أعدت وصنعت لهذا المستقبل.. فهناك غيبيات لا يعلمها إلا الله عز وجل ولكن فى نفس الوقت أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نأخذ بالأسباب الدنيوية حتى نستطيع الوصول إلى الأهداف والغايات.. هذا هو الفارق الكبير بين الدول الكبرى المتقدمة وبين الدول النامية أو ما تسمى بدول العالم الثالث.. فالدول المتقدمة تستطيع أن تتنبأ بمستقبلها فى شتى المجالات لأعوام وأعوام قادمة بناء على أبحاث علمية دقيقة ودراسات أكاديمية عميقة تستطيع من خلالها أن تتوقع وتتنبأ بمستقبلها العلمى والاقتصادى والاجتماعى والسياسى، والأهم من هذا كله أن هذه الأبحاث والدراسات العلمية لا تتغير ولا تتبدل بتغير الأشخاص المنوط بهم وضع الخطط والسياسات.. بكل أسف نجد أن معظم دول العالم الثالث لا تجد غضاضة فى أن تبدأ من نقطة الصفر مرات ومرات كلما تولى مسؤول جديد منصبه!! مما يترتب عليه فقدان وإهدار ثروات تلك الدول بالإضافة إلى تجمد طموحها وتصلب شرايينها.. ففى الوقت الذى تسعى فيه الدول المتقدمة إلى اكتشاف عالم آخر وكواكب أخرى غير ذلك الكوكب الذى نعيش عليه، نرى فى المقابل بعض الدول النامية مازالت متخبطة فى كيفية تنظيم المرور بالشوارع، والقضاء على العشوائيات، وأنسب وسيلة لجمع القمامة، والقضاء على طوابير الخبز!! وبناء على كل ما سبق أرى أنه إذا أرادت تلك الدول النامية أن تتنبأ بمستقبلها ومستقبل أجيالها القادمة فعليها أولاً أن تقوم بصنع هذا المستقبل، عن طريق وضع خطط طموحة طويلة الأجل لا تتغير ولا تتبدل بتغير الأشخاص والمسؤولين، بالإضافة إلى استغلال جميع ثرواتها الطبيعية والبشرية أفضل استغلال ممكن، مع الأخذ فىالاعتبار كل خبرات وتجارب الدول التى سبقتها فى التقدم وهذا كله لن يتحقق إلا بوجود إرادة قوية وعمل جاد لدى تلك الدول للوصول إلى المكانة التى تطمح إليها بين الدول الأكثر تقدماً، بحيث تتحول من دول مستهلكة إلى دول منتجة ومصدرة، ومن دول طاردة للاستثمارات إلى دول جاذبة للاستثمارات.. فبالعلم والمال يبنى الناس ملكهم.. لم يبن ملك على جهل وإقلال! محمد مسعد حراز