الأساطير تحاول دائما أن تفسر الغامض وتجد إجابة عن الأسئلة المعلقة، الأساطير تجد حلولا عصية على الواقع، والخيال جزء أصيل من نسيج الأسطورة. لكنه خيال إنسانى مع الوقت تحقق باكتشافات واختراعات علمية من صنع هذا الإنسان نفسه لكن بعد آلاف السنين من تواجده على الأرض. البساط السحرى، آلة الزمن، البلورة السحرية.. إلخ كلها أصبحت وسائل ومنتجات متاحة للجميع. ولم يعد الزمن هو سر الأسرار بعد ما حوله أينشتاين لبعد رابع يتم به تفسير الكثير والكثير من غوامض الظواهر الطبيعية، الماضى والحاضر والمستقبل نقاط متقاربة ونسبية، فالسنة القديمة والجديدة هى مجرد ألفاظ تسهل التاريخ لحياتنا. مع بدايات كل عام أتذكر طائر العنقاء الأسطورى، وأتخيلنى مثله يحترق على مذبح الحياة حتى يتحول إلى رماد، وعندما تكاد الريح أن تبعثره فى الفضاء يبعث من جديد أكثر شبابا وجمالا وقوة وقد اعتبره العرب القدماء من المستحيلات الثلاثة: «الغول والعنقاء والخل الوفى». طائر العنقاء الأسطورى يهبنا الأمل فى البعث والميلاد من جديد، وأسطورته تتمثل فى فرص متتالية من البعث والميلاد وهو ما ترجمته ثقافة الديجيتال بال restart، بداية جديدة لا تلغى القديم لكنها تعطيك فرصة جديدة وإصلاح ما كان من الممكن أن يعوقك عن إتمام عمليات تجريها على جهاز الكمبيوتر، فالكمبيوتر فى لحظة تتوقف أزراره عن العمل ويرفض التعامل مع التعليمات التى تمليها عليه ولا يوجد سبب أو مبرر منطقى لهذا الرفض والحل هو الrestart. يحدث كثيرا فى حياتنا أن ترتبك فجأة «تهنج» وعندما يحدث هذا فكثيرا ما تجد المشاكل تتوالى عليك وهو ما نعبر عنه بمقولة «المصائب لا تأتى فرادى» ونكون على وشك فقدان الأمل واليأس من رحمة الله، وضمن ما نفقد فى هذه الفترة ثقتنا فى أنفسنا وسعادتنا وراحة البال والصحة فى أحيان كثيرة، فى هذه الحالة أنصح باستخدام لفظ ديجيتال آخر وهوdelete، ويعنى مسح ملف أو مادة كنت قد قمت بتخزينها على الجهاز، أحيانا يكون الحذف وسيلة من وسائل البدايات الجديدة، فلا يمكنك أن تبدأ صفحة جديدة وأنت مثقل بأعباء القديم المرير، فى كثير من الأحيان فإننا نحتاج للخضوع للتغيير وعملية التغيير قد تضطرنا إلى أن نتخلص من ذكريات قديمة وعادات سيئة، تحررنا من أعباء الماضى كفيل بالاستفادة من الحاضر والتخطيط للمستقبل ولعل ذلك هو أساس فلسفة الغفران والتوبة، فكم من مرة تذكر التوبة باعتبارها بداية جديدة: «ومن تاب عن ذنب كمن لاذنب له» فالشعور بالذنب الذى يلازم الإنسان سواء عن ذنوب اقترفها أو أخطاء فى الاختيارات قد تعوقه وبشدة على المضى قدما فى الحياة. أجمل ما فى الحياة الرحلة، وأجمل ما فى الرحلة ما نعرفه ونعيشه مهما كانت أخطاؤه وقسوته، فهى فى النهاية حياتنا، وحياتنا يمكن أن تجدد إذا شئنا، لأننا يمكن أن نولد كل صباح، كما تعلمنا فريضة الحج وكما قال أنبياء وفلاسفة وحكماء.. فلنولد إذن من جديد مع مطلع عام جديد.