فى المشهد الختامى الرائع للفرحة والاحتفال بالفوز بكأس العالم للأندية منذ أيام.. لم أجد خوان لابورتا، رئيس نادى برشلونة، واقفا على خشبة المسرح.. لم أشهده يتصدر الصفوف أو يزاحم ويسعى للظهور أمام الصحفيين وكاميرات التليفزيون.. وبقيت طيلة الأيام الماضية أتابع باهتمام كيف احتفلت إسبانيا والعالم كله بنادى برشلونة بعد تحقيق اللقب السادس فى سبعة أشهر فقط. الدورى والكأس والسوبر فى إسبانيا ودورى أبطال وسوبر أوروبا وأخيرا بطل أندية العالم.. ومرة أخرى لم أجد خوان لابورتا يخطف الأضواء من أصحاب الفرح الحقيقيين.. لاعبو النادى ومدربهم القدير جوارديولا.. فهؤلاء وحدهم كانوا حتى الآن هم النجوم.. هم الذين يتحدثون.. هم الذين يطاردهم ويسعى وراءهم الجميع.. وهذا هو أحد أهم الفوارق بيننا وبينهم.. فهناك كل الفواصل واضحة وكل الأدوار واضحة.. هناك رئيس النادى أو رئيس الاتحاد ليس هو النجم وليس هو البطل.. الرئيس هناك فقط يصنع النجوم أو يختارهم ويمنحهم فرصة تحقيق أحلامهم وانتصاراتهم، فإن انتصروا لا يأتى الرئيس ليسرق منهم فرحتهم.. وإن خسروا لا يختفى الرئيس أو يهرب وإنما يصبح أول من يحضر ليمسح الدموع ويعالج الأخطاء لتبقى كل الأحلام ممكنة.. وكثيرون جدا فى مصر والعالم كله ليسوا مضطرين لحفظ أسماء رؤساء ريال مدريد أو مانشستر يونايتد أو تشيلسى ولا رئيس الاتحاد الإنجليزى لكرة القدم أو البرازيلى أو الإيطالى.. فكل هؤلاء ليس من أولوياتهم الظهور الإعلامى أو التفاخر والتباهى بالإنجازات والانتصارات.. وقد كان بإمكان خوان لابورتا.. بعدما حقق ناديه كل هذه البطولات الرائعة فى سبعة أشهر.. أن يطارد الناس فى كل مكان ويطل عليهم عبر كل شاشة وكل صحيفة.. ويشكر طول الوقت ملك إسبانيا ويطيل الحديث عن عشقه وغرامه وتضحياته الهائلة من أجل برشلونة ويعاير أعضاء النادى بما حققه ليضمن فترة رئاسة جديدة دون منافسة أو انتخابات، ويطلب من جماهير برشلونة فى كل مكان أن تحمله على الأعناق وتتغنى باسمه وترفع صوره فى المدرجات.. لكن أبدا.. كل ما قاله لابورتا عقب هذا الانتصار الأخير إنه سعيد جدا بأن يصبح برشلونة هو النادى الأعظم فى العالم.. وأن مهمته الآن هى الحفاظ على هذه المكانة بتوفير المال الكافى لأى تعاقدات جديدة يحتاجها الفريق، وألا يتأثر برشلونة بالأزمة المالية العالمية.. وقال لابورتا أيضا إنه من مهامه الآن كرئيس لبرشلونة الحفاظ على صورة جميلة ودائمة للنادى والعمل على تحقيق مزيد من الشعبية وجذب مزيد من الناس فى العالم لتشجيع النادى العريق والارتباط به.. باختصار تحدث لابورتا عن مهام محددة لرئيس النادى عندهم لا نعرفها فى بلادنا على الإطلاق.. فالرؤساء عندنا مشغولون طول الوقت بإنفاق المال وليس توفيره.. مهمومون بالانتخابات المقبلة وليس بمستقبل أنديتهم.. موهوبون فى الدعاية لأنفسهم وليس فى زيادة شعبية أنديتهم.. والأهم من ذلك كله أن لابورتا فى كل تصريحاته الأخيرة بعد بطولة أندية العالم.. لم يقل مرة واحدة أنا.. ولكنه دائما قال برشلونة.. برشلونة هو الذى يحلم وهو الذى ينتصر وهو الذى يكبر.. وليس هذا فقط.. وإنما أعطانا لابورتا درسا إضافيا بالغ الضرورة.. فالرجل قال وصرخ وأكد وكرر أن المدرب جوارديولا هو الصاحب الحقيقى لهذا الانتصار.. لكن جوارديولا فاجأ الجميع، مؤكدا أن لاعبى الفريق هم الأبطال الحقيقيون.. وبالمناسبة.. احتفل جوارديولا بالانتصار السابع على التوالى ومنها بطولتا أوروبا والعالم.. ولم يشكو ولم يقل كلمة واحدة بشأن من انتقدوه سابقا أو لايزالون يعتبون عليه بعض أخطائه وبعض اختياراته.. ولم يطلب تجديد تعاقده مع برشلونة لعام أو أعوام أخرى. [email protected]