كشفت الجولة الميدانية التى قام بها الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والرى، إلى محافظة أسوان صباح أمس عن مفاجآت فى كارثة السيول التى ضربت مصر مؤخراً، واكتشف الوزير من خلال الجولة والتقارير الميدانية أن الحكومة أقامت العديد من المنشآت الحكومية الضخمة على مجارى ومخرات السيول الطبيعية فى محافظات أسوانوالمنياوسوهاج وشمال سيناء، وهى المحافظات الأكثر تضرراً فى كوارث السيول، ففى الصعيد اكتشف الوزير إقامة مدينة قناالجديدة، ومطار سوهاج الجديد، ومصنع أسمنت المنيا، داخل مخرات ومجارى السيول، نفس الأمر بالنسبة للقرية الشبابية فى مدينة العريش بشمال سيناء التى تم إنشاءها حديثاً. وقال الوزير: «نحاول إصلاح أخطاء الماضى، لأن البناء على مخرات السيول خطأ لا يسمح به على مستوى العالم، ونحاول تجنب تكرار الأخطاء، وهو ما يعنى ضرورة التنسيق بين الجهات الحكومية لمنع التعديات على مخرات السيول الطبيعية والصناعية لحماية الممتلكات والأفراد حتى وإن جاءت السيول بعد 50 عاماً من الآن. وأكد الوزير أنه سيواصل تلك الجولات الميدانية، مشيراً إلى أن جولته المقبلة ستكون الخميس المقبل إلى محافظة شمال سيناء لبحث الحلول المستقبلية لحماية المنشآت فى هذه المناطق، وقال:«الجولات الميدانية تساعدنا على الوقوف على حقيقة الأمور، فمدينة قناالجديدة تقع داخل المخر الطبيعى للسيول، رغم قيام الأجهزة الحكومية بإقامة أعمال حماية للمدينة لاستيعاب مياه السيول حتى ارتفاع 5 أمتار». وأضاف أن ذلك لا يعنى أن ذلك يحقق الأمان الكامل، لأن السيول قد ترتفع بصورة أكبر من قدرة الحماية، وهو ما يؤكد ضرورة البحث عن بدائل أخرى للحماية من أخطار السيول فى المستقبل. كما قرر الوزير تكليف معهد بحوث الموارد المائية، بسرعة مراجعة الدراسة الخاصة بأعمال حماية مصنع أسمنت المنيا من السيول، بعد أن اكتشف أنه يقع داخل المجرى الطبيعى للسيول، وهو ما سيتم أيضا من خلال تكثيف أعمال الحماية لهذه المنشآت للحد من الآثار المدمرة للسيول فى المستقبل. كما اكتشف الوزير أنه تمت إقامة مطار سوهاج الجديد داخل أحد المخرات الطبيعية للسيول، وهو ما يعنى ضرورة تكثيف أعمال الحماية اللازمة لمواجهة أى سيول متوقعة بأعلى معدلات مائية باعتبار أن المطار من المنشآت المهمة والحيوية للدولة. وقال علام إن القرية الشبابية فى مدينة العريش تعرضت للانهيار، بسبب وقوعها داخل مجرى السيل الطبيعى، مما أدى إلى انهيار العديد من منشآتها رغم خطورة إقامتها فى هذا الموقع، وهو ما يتطلب القيام بأعمال كبيرة لحماية هذه المنشآت من أخطار السيول. وشدد الوزير على أن لجوء المواطنين أو بعض الهيئات الحكومية إلى التعدى على المجرى الطبيعى للسيول يرجع إلى الاعتقاد بأنها لا تحدث إلا مرة كل 15 عاماً أو عشرين عاماً، مؤكداً أن خطورة السيول تكون أكثر من جميع التوقعات وهو ما يستلزم الحذر الشديد قبل إقامة أى منشآت فى هذه المناطق، وأنه يجب أن تحترم مخرات السيول. ولفت علام إلى أنه سيواصل جولاته الميدانية فى المناطق التى تعرضت للسيول وبدأها بأسوان ويليها مدينة العريش الخميس المقبل لتفقد موقع القرية الشبابية التى تعرضت للتدمير، بالإضافة إلى زيارة عدد آخر من المحافظات بالوجه القبلى المعرضة لأخطار السيول مثل سوهاجوقنا وأسيوط. وتفقد الوزير خلال جولته مخرى سيل الأعقاب البحرى وأبوسبيرة اللذين نجحا فى الحد من مخاطر السيول التى تعرضت لها أسوان بمعدلات تصل 12 مليون متر مكعب من مياه السيول خلال ساعة واحدة، بينما قرر الوزير صرف مكافآت إجادة لمهندسى الرى والصرف بهذه المناطق للجهود التى قاموا بها لتحويل مسار مياه السيول إلى هذه المخرات، بعيداً عن المناطق السكنية. وطلب محافظ أسوان، اللواء مصطفى السيد من وزير الرى إنشاء برك صناعية لاستيعاب مياه السيول فى منطقة أبوالريش القبلى لحماية 42 ألف منزل من الانهيار بسبب هذه المخاطر. وقال وزير الرى فى تصريحات صحفية خلال جولته لتفقد مواقع السيول بأسوان: «ندرس تحويل بعض المخرات الطبيعية بعيدا عن المناطق السكانية من خلال إقامة مخرات صناعية تصل بين المناطق المتوقعة لمجرى السيول حتى توصيلها بنهر النيل من ناحية أو قيام أجهزة قطاع المياه الجوفية بالوزارة بدراسة الاستفادة من مياه السيول من خلال طريقة الشحن الصناعى للخزان الجوفى لمياه السيول». وأضاف الوزير أنه يجرى حاليا تنفيذ مشروع مشترك مع الاتحاد الأوروبى لإقامة محطات رصد وإنذار مبكر بحدوث السيول فى المناطق المعرضه لأخطار السيولوتفقد وزير الرى مخرات السيول الطبيعية فى مناطق أبوالريش قبلى 1و2 ومخرات سيول «الشديدة 1 و 2» ومخر سيل خور أبوسبيرة والأعقاب بحرى 2، حيث أكد محافظ أسوان أن هذه المخرات توجد بها تعديات سكنية منذ عام 1982، مطالباً بالبحث عن بدائل لإزالة هذه التعديات، نظراً للبعد الاجتماعى للمنطقة. وأشار علام إلى أنه قرر تكليف معهد بحوث الموارد المائية بدراسة الموقع المقترح لإقامة أحد مصانع الأسمنت بمحافظة المنيا بعد اكتشاف أنه يقع داخل مجرى السيل، مؤكداً ضرورة الانتهاء من هذه الدراسات خلال أسبوع لتحديد أعمال الحماية اللازمة لهذا المصنع. وأشار علام أن تجرى حاليا دراسة جميع «مخرات السيول» الموجودة بمحافظات أسوان وشمال وجنوب سيناء والبحر الأحمر وتحديد نوعيتها سواء الصناعية أو الطبيعية، تمهيداً لوضع مقترح شامل يضمن عدم التعدى عليها فى المستقبل واقترح آليات واقعية تمنع تكرار سيناريو العام الحالى للسيول. وقال علام: «مهمة وزارة الرى هى تطهير هذه المخرات وتنفيذ سدود للإعاقة فى المناطق التى تحتاج إليها للاستفادة من مياه الفيضان من ناحية والحد من التأثيرات التدميرية للسيول، مؤكداً ضرورة قيام الأجهزة المحلية بالإزالة الفورية لجميع أشكال التعدى إعادة مخرات السيول إلى طبيعتها. وأضاف الوزير «يجب أن نعترف أن هناك أخطاء عندما قامت بعض الأجهزة بتوصيل الخدمات لبعض المعتدين على مجرى السيول، ولكن من المهم منع تكرار مثل هذه الأخطاء، لأن مجرى السيول ما هى إلا أنهار فى السابق، وتعرضت للجفاف بعد انتهاء العصر المطير وهى مرشحة للتعرض لكميات هائلة من السيول فى فترات من الصعوبة تحديدها بدقة، خاصة فى ظل التغيرات المناخية التى يتعرض لها العالم حاليا».