فى عدد نيوزويك الأخير (23 إلى30 أغسطس) عرض لنتائج التصنيف الجديد لأحسن بلاد العالم، والأمريكان كما نعلم مولعون بالتصنيف، لإشعال روح المنافسة سواء بين الشركات أو الجامعات أو حتى الفرق الرياضية والأفراد. ويختلف تصنيف نيوزويك عن التصنيفات العالمية الكثيرة المشابهة، لأنه ركز على السؤال: إذا كنت ولدت اليوم فأى بلد تهيئ لك أحسن فرصة لتعيش حياة صحية آمنة ورغدة وتبشر بالتقدم والارتفاع؟ وقد نشرت الصحف نتائج هذا التصنيف المهم (أسمته تصنيف السعادة) غير أن ما يعنينى أن أشير إلى تأكيد نيوزويك أن تصنيفها ليس معصوما من الخطأ، رغم ما حشدته له من إمكانيات ومن خبراء عالميين ومن عمل دام شهورا، وبررت ذلك بأن الظروف العالمية والسياسية والاقتصادية تتغير بسرعة، بينما جمع المعلومات وتحليلها يستغرق وقتا ما يجعل الدنيا مختلفة عند نشر نتائج التصنيف. يعنى إلى هذا الحد– بعد مفاجأة الصين– أصبح الأمريكيون يتحسبون لتحولات الزمن ولسان حالهم يقول: من يدرى فقد يفاجئنا وحش أسيوى جديد لم نكن نحسب له حسابا. النقطة الثانية أن المجلة لفتت إلى أن البلاد الصغيرة مثل سلوفينيا واستونيا أمامها فرص جيدة للصعود، لان لديها مرونة وحرية حركة وإمكانية للتقدم بمجهود أقل من الدول الكبيرة كالصين أو البرازيل، ومن الواضح أن تصنيف نيوزويك متأثر هنا بفكرة البروفيسور الأمريكى النابه «ليستر ثورو» عن أن المستقبل للدولة المدينة (أى الصغيرة كهونج كونج أو دبى) أو الدولة العظمى وأن الدول المتوسطة ستصبح بلا تأثير فى الزمن المقبل. أظهر بحث وتصنيف نيوزويك أن التعليم هو العامل المحورى المرتبط بالمستقبل وبالرخاء سواء فى الغرب أو الشرق، كما خلص التقرير إلى أنه لا يوجد طريق واحد لإحراز النجاح، حيث تخطت الدول الناجحة طرقا مختلفة للوصول إلى خلق المجتمع الحيوى والصحى والسعيد. المعروف أن الدول العشر الأولى فى ذلك التصنيف هى: فنلندا وسويسرا والسويد وأستراليا ولوكسمبورج والنرويج وكندا وهولندا واليابان والدانمارك أى أن معظمها بلاد اسكندنافية أو قليلة السكان، وتقع جغرافيا فى مناطق باردة، وليس فيها إلا دولة آسيوية واحدة، بينما يتذكر القراء أن قائمة أول عشر دول تكنولوجيا حدث بها انقلاب فى عشر سنوات وأصبح معظمها آسيوياً. ويحتوى تصنيف نيوزويك على تصنيفات قطاعية ونوعية متعددة مثل جودة الحياة وديناميكية الاقتصاد والصحة والتعليم وتم تقسيم الدول تبعا للسكان مرة ولمستوى الدخل أخرى وهكذا، وهنا فإن الصين تصدرت البلاد ذات الدخل المنخفض من حيث ديناميكية الاقتصاد وتلتها أذربيجان والهند وتايلاند والأردن والمغرب وتونس ومصر وباكستان وألبانيا، ومعنى ذلك أن المؤشرات العالمية بدأت تهتم بالتطورات التى تحدث فى البلاد العربية ومنها مصر، وتلك بارقة أمل يجب أن نبنى عليها بالإصرار والرؤية الدقيقة، لندخل نادى الرخاء والسعادة الذى طال شوق شعبنا للالتحاق به. * رئيس جامعة النيل