أود التأكيد أولا على أننى أبدا لا أستثنى نفسى من أى انتقاد أوجهه الآن أو لاحقا للإعلام الرياضى فى مصر، فلم أتصور نفسى مطلقا الناظر أو الأستاذ أو الفيلسوف أو الأكثر حكمة وخبرة وعقلا وفكرا وتجربة.. وإنما أحاول فقط امتلاك شجاعة المواجهة لأقول للأساتذة والزملاء أخطاءهم وعيوبهم وبعضا من أزماتهم، وأمتلك شجاعة الاعتراف بالتقصير والخطأ وعدم الانتباه غالبا وعدم المعرفة أحيانا، وبهذا المنطق والمنهج، أتهم الإعلام الرياضى فى بلدى بأنه لا يقوم ببعض من أهم أدواره وواجباته، فهو إعلام أصبح يلهث وراء أحداثه اليومية التافهة المكررة، فغابت عنه وظيفة الإعلام الذى يملك الرؤية ويستشرف المستقبل ويصبح السند الحقيقى والمؤثر فى اتخاذ القرارات ووضع السياسات، ففى دورة سنغافورة الأوليمبية الأولى للشباب، جاءت سبع ميداليات أوليمبية صفق لها وفرح بها الإعلام الرياضى المصرى وكأنه مجرد مشجع فاجأته النتيجة أو مجرد مواطن يسمع بالمصادفة خبرا سعيدا يخص بلاده، إعلامنا لم يتوقع ميدالية واحدة.. لم يشارك أى اتحاد رحلة إعداده.. لم يكن مع أى بطل أو بطلة من الذين سافروا.. لم يسبق، كما الإعلام الرياضى الأمريكى أو الإنجليزى أو الفرنسى أو الألمانى، أن قدم لأى لاعب مصرى أو مدرب أو مسؤول فى أى اتحاد ما قد يحتاج لمعرفته من نصائح ومحاذير ومعلومات صحيحة وواقعية عن المنافسين فى أى بلد وكل لعبة، بل لم ينجح هذا الإعلام غالبا فى حل أى أزمة واجهها لاعب أو لاعبة، ولم يخض أى حرب دفاعا عن أى حق أو حلم رياضى، والأغرب أن هذا الإعلام بعد كل هذا كان أول من سارع لمطار القاهرة يستقبل البعثة المصرية العائدة من سنغافورة بالطبل والمزمار والصخب والصرخات التى تتظاهر بالفرحة، وكأن هذا الإعلام البليد فى معظمه بات دائما يتقن أن يعيش دور صاحب الفرحة أو أحد صانعيها على الأقل، وسيبقى هذا هو الحال حتى تأتى دورة لندن الأوليمبية بعد عامين.. لا شىء سيتغير ولا أحد سيتحرك، محاولا أن يبحث ويسبق ويعرف ويفهم.. وإذا كانت سنغافورة دورة أوليمبية للعبات التى لا يحفل بها ولا يحترمها الإعلام الرياضى المصرى المهووس بكرة القدم، فإن الحال مع الكرة، ليس أفضل كثيرا.. فمنذ أسبوع وحسن شحاتة يصرخ بأنه لا يملك أى معلومات عن منتخب سيراليون، الذى سيلاقيه المنتخب المصرى بعد أيام فى بداية التصفيات الأفريقية، وفى بلدان أخرى، نجد الإعلام دائما هو الذى يسبق ويسافر ويتابع ويحاول أن يعرف ويرصد ويحلل ويكشف ويجتهد ويدرس، الإعلام وليس السفارات كما يجرى فى مصر، ولو كان حسن شحاتة يدير فنيا أى منتخب أوروبى، ما كان ليطرق أبواب أى سفارة لبلده فى أى عاصمة بعيدة وإنما كان سيكفيه أن يقرأ أى صحيفة، ولكن الصحافة المصرية ستبقى للأسف خاملة حتى تقام مباراة سيراليون بالفعل، وبعدها ستجد الصفحات تتناثر وتتوالى بعد الفوز أو الخسارة لمدح شحاتة أو شتيمته، وكأن هذا فقط هو ما تقدر عليه الصحافة، مع أن ال«بى. بى. سى» اهتمت بمحاورة محمد كالون، نجم سيراليون، الذى تبين أنه لن يلعب أمام مصر، بل ولم تهتم صحافة الرياضة فى مصر بمتابعة المؤتمر الصحفى لكريستيان كول، المدير الفنى لسيراليون، بل إن تلك الصحافة لم تتعلم أبدا أى درس من الصحافة الإسرائيلية، فلم يجر القاء أى ضوء على أزمة الإعلام الرياضى اليهودى، الذى بدأ يسخر من لاعبين أفارقة فى الدورى هناك، وهو ما كان ولايزال ينبغى استثماره إعلاميا وسياسيا، بل كان ولايزال من الضرورى دعوة هؤلاء الأفارقة للتعاقد واللعب هنا فى مصر بحملة إعلامية حقيقية عن إسرائيل، التى تسخر من الأفارقة، بينما تحتضنهم مصر. سنغافورة / الجمباز لندن / المنتخب والمباراة لاعبو إسرائيل [email protected]