«الواحد بيعمل حاجة بإيده بدل أكل الشوارع».. هكذا تحدث محمد عبدالتواب القادم منذ 3 سنوات من المنيا إلى شارع العشرين فى فيصل مباشرة. محمد يستعيذ بالمكرونة من أطباق الكشرى، وبالجبنة البيضاء من عربية الفول التى تقف وأمامها جيوش من العزاب على رأس شارع العشرين. أتى محمد من المنيا ليعمل فى محل لبيع الملابس الجاهزة «وظيفة نص نص بس بتأكل عيش.. آخرك منها العيش.. ورغم إنى خريج دار علوم لكن الحال فى البلد زى ما انت شايف.. وسلم الوظيفة يبدأ من بدروم الرشوة وأنا مش عاوز أبدأ بحاجة حرام عشان أنتهى مدرس عربى، العيال بتحدفه بالطوب فى الفصل». فى مطبخ شقة محمد بمنطقة التعاون الشعبية أكياس مكرونة لا تنفد، أسهل وأنضف أكلة، تعملها مع شوية كبدة، تعملها بالصلصة، مرة اسباجتى، مرة قلم، مرة تتغدى بيها، ومرة تتهور وتعمل جانبها شوية فاصوليا بيضا. مكرونة «محمد» وجبة مقدسة فهى أسهل من الأرز، وأنظف من الكشرى فى الشارع، وأخف على الجيب والبطن. لا يعترف محمد بضرورة تغيير نظامه الغذائى فهو يعتمد بشكل رئيسى على «حلة المكرونة» التى تتكرر بشكل دورى من البوتاجاز للطبلية ومن الطبلية للثلاجة. محمد يرى أن المكرونة «مش واخدة حقها فى البيوت.. مع إنها تتعمل فى خمس دقايق وأنا عازب وبالعافية بالحق أعمل لقمة قبل ما أنام». جرب محمد «أكل الشوارع» كما يسميه مرة واحدة انتهت به مصاباً بنزله معوية حادة أتت بدوائها على نصف دخله تقريباً. فى بيت الأسرة كانت الوحيدة التى لا تدخل المطبخ «بنت متدلعة بجد.. أمى الله يمسيها بالخير كانت شاطرة فى المطبخ.. وأنا ماليش خُلق على الوقفة قدام الأكل.. كانت أمى تخلينى أطلع وتعمل 60 حاجة فى وقت واحد.. دلوقتى الوضع اختلف طبعاً». سلمى مسؤولة العلاقات العامة بشركة صغيرة فى الدقى تعلمت بنفسها كيف تصنع بيتاً حقيقياً. وفى سبيل البيت دخلت سلمى تجربة المطبخ وخرجت منها بأكلات بسيطة «طبعاً البيض المسلوق ده حبيب قلبى.. بس ساعات تطق فى دماغى أعمل أكل بجد.. أقعد أخطط وأفنن فى دماغى وفى الآخر بترسى الحكاية على رز وفراخ بانيه كالعادة يعنى» سلمى لا تعترض على نوعية الأكل فهى الآن «طباخة بريمو» لكنها قلقة من الوزن الزائد، فهى لا تميل إلى المكرونة، وتفضل الأرز فى الغداء، وتعتبره «حاجة من الحاجات القليلة جداً اللى اتعلمتها فى مطبخ بيتنا» ورغم ذلك يظل هاجس السمنة يطاردها «إنت أصلك مش بنت وما تعرفش يعنى إيه فجأة تلاقى نفسك زدت 7 كيلو.. دى مصيبة بجد».