■ «المسيحى المعتدل هو شريكى الدائم فى هذا الوطن، أما المسلم المتطرف فهو بعيد كل البعد عنى، فكل منا يمتلك فى هذه الحالة منهجاً مختلفاً عن الآخر». ■ «الشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل فكيف لى ألا أرعاهم وهم الثروة الحقيقية للوطن». ■ و«بالعلم نغير الأوطان إلى الأفضل، وبالمال الذى معك تساهم فى تأمين حياة كل من حولك». فارتبط اسمه بالإنماء والإعمار، فلم يحمل السلاح يوماً ولم يعرف الكراهية حتى مع خصومة.. فقام بتعليم 34 ألف طالب حصل أكثر من 1000 منهم على الدكتوراه فى أدق وأصعب التخصصات من أرقى الجامعات الدولية مثل هارفرد وجورج تاون وإم أى 7 والسوربون الفرنسية.. نعم على نفقتهم الخاصة وحصل الآلاف منهم على الماجستير وكل ذلك تم دون مقابل مطلوب سوى أن يعود الشاب ليشارك فى بناء وطنه فى جميع المجالات. ■ تبنى دعم وبناء عشرات المستشفيات الحكومية والعيادات الطبية المجانية فى القرى والأحياء الفقيرة، كل ذلك ولم يكن سوى مجرد رجل أعمال.. وطنى.. أكثر من مليون حصة تموينية و15 عائلة سنوياً يقوم بمساعدتهم وهو لا يعرف عنهم شيئاً سوى أنهم فى حاجة إلى «عائل» ويفتقدون إلى مصدر رزق.. دائماً لهم. ■ تميز بتواضعه الشديد فى كل لحظة، فلم ينس أبداً بدايته، يحكى لك بشغف عن أسرته المتواضعة التى كانت تسكن فى منزل لا يتعدى الغرفتين، وعليه أن يعمل فى كل صيف ليوفر مصروفه اليومى ولكنه كان يداوم بعد يوم الدراسة الطويل على الذهاب إلى الميناء للمساهمة فى تعليم ومحو أمية بعض الصيادين، أو الذهاب إلى السوق لمحو أمية بعض عمال الأفران فحصل منذ صغره على شعبية وحب واحترام الجميع. قصة كفاح ونجاح طويلة ساهم فيها لإعادة لبنان إلى الخريطة الدولية بعد سنوات من الحرب الأهلية.. كان يعرف بأنه وزير خارجية العالم العربى، تميزت علاقاته العربية والدولية بالقدرة والإبداع فى الحل، حتى مع إيران فى زمن الرئيس خاتمى.. فقد أثارت علاقاته الجيدة غيرة وغضب بعض الأنظمة.. وجاء اغتياله ليجعله أسطورة يخلده فيها التاريخ، 5 سنوات مرت بالأمس، ومازال مئات الآلاف مسيحيين ومسلمين يحتشدون فى ساحة الحرية لإحياء ذكرى استشهاد «الرئيس» رفيق الحريرى.. هكذا ميزه الله بعد الشهادة ويكتب عنه التاريخ. حالفتنى الظروف منذ عام 1992 بأن أكون من أكثر المقربين له ولأسرته.. وعرفت فى مصر بأنى من أكثر المدافعين عنه، فلم تدخل الصداقة والمحبة فى ميزان الصحافة أو السياسة، والحمد لله المصالح المادية لم يكن لها مجال فيما بيننا.. فحصلت على الثقة الدائمة، كنت دائماً بجواره خلال زيارته لمصر، تحمل منى تمردى وانتقادى لكل من حاربوه وخالفوه الرأى.. كان يضحك من ارتفاع نبرات غضبى الدائم من هؤلاء ويقول «هذا ثمن الديمقراطية وإرضاء الناس جميعاً مستحيل». كنت أشعر أنه أسطورة لن تتكرر، فلم تفاجئنى انتفاضة البشر بعد اغتياله، وكنت واثقة من أن العالم سيهب ليساعد لبنان، فدماؤه كانت ثمن الاستقلال. ورث عنه ابنه سعد الصبر والإصرار، تعلم كيف يبتلع السكين دون استسلام.. ينزف بدموعه على فقدان هذا الهرم ولكن يخفى الألم فى تواصل العمل لبناء دولة لبنان، فهو مؤمن بأن المحكمة مقبلة ولن يساوم بتسوية أو بكرسى الحكم ولا بمد اليد على دماء أبيه ولا دماء شهداء ثورة الأرز، فاختار طريق العدالة الطويل بدلاً من الثأر والانتقام لضمان وقف نزيف الاغتيالات، ربما الظروف الإقليمية والعربية لا تسمح باختيارات واسعة أمامه الآن، ولكن من يعرف سعدالدين الحريرى عن قرب يعلم أنه ينافس أيوب فى الصبر، ويحمل مخزوناً من الإصرار والثقة بالنفس، والثقة فى قدرة شعب لبنان. لذلك أشعر بأن دولة الرئيس الحريرى مازال مستمراً بإنجازاته التى تؤرق كل يوم كل من خطط ونفذ ومول عملية الاغتيال، ومازال موجوداً فيما بيننا بجهود محبيه الذين تعلموا كيف تكون الوطنية لرجل أعمال ونائب ثم زعيم ورئيس الوزراء الشهيد.. حتى اغتياله كان إنجازاً لإخراج الجيش السورى من لبنان.. فهل ترى لهذا النموذج فى أى مكان؟! [email protected]