يبدو أن ماو تسى تونج، قائد الثورة الشيوعية فى الصين، كان على حق عندما قال إنه ينبغى علينا أن نركز دائماً على التناقضات الرئيسية بدلاً من الثانوية. وفى الوقت الحالى، من الواضح أن التناقض العالمى الرئيسى هو أن: أكبر التحديات التى تواجه حكامنا عالمية، وعلى الرغم من ذلك فإن كل السياسات التى تعالجها محلية. ربما يكون هناك العديد من القادة الحكماء فى جميع أنحاء العالم، ولكن ليس هناك ما يكفى مما يمكن تسميته «القيادة العالمية». وترى مجلة «نيوزويك» الأمريكية أنه مع بداية العقد الأول من القرن ال21، تسارعت وتيرة هذه التحديات العالمية. حيث بدأ ذلك العهد بهجمات 11 سبتمبر 2001 فى نيويورك. وفى عام 2003، انتشر وباء «سارس» من قرية فى الصين إلى مدينتين على طرفى نقيض فى العالم وفى وقت متزامن، وهما سنغافورة وتورنتو. وبعد مرور 6 سنوات، اجتاح فيروس «أنفلونزا الخنازير» (إتش1إن1) العالم، فيما قادت سرعة وشراسة أزمة بنك «ليمان براذرز» العالم إلى حافة الانهيار الاقتصادى. وتوضح الصحيفة أن قضية تغير المناخ هى مثال جلىّ على مدى عدم فاعلية هياكل قياداتنا الحالية، مشيرة إلى أن علاج ظاهرة الاحتباس الحرارى بسيط جداً: فما علينا إلا أن نزيد الثمن الاقتصادى لانبعاثات الغازات الدفيئة بشكل منصف، ويكون ذلك بأن تدفع الدول الغنية أكثر بينما تدفع الدول الأفقر أقل، مع التأكيد على ضرورة أن يدفع الجميع الثمن. والآن، لابد أن يتخذ أحد ما الخطوة الأولى. وترى المجلة أن الولاياتالمتحدة- التى يبلغ عدد سكانها 5% فقط من العالم، بينما تستهلك 25% من البنزين فى العالم- هى المرشح الأبرز لذلك. فإذا ما تم رفع سعر جالون البنزين فى الولاياتالمتحدة بمعدل دولار واحد فقط (مع العلم أنه سيظل مع ذلك أرخص من الجالون الأوروبى أو السنغافورى)، فإن تغير عادات القيادة سيخفض بشكل كبير من انبعاثات الغازات الدفيئة. وبالتالى من المحتمل أن تغير القيادة الأمريكية اتجاهات دول أخرى. وتقول «نيوزويك» إن الولاياتالمتحدة تبدو البلد الأكثر حكمة فى العالم من نواح عديدة. ومع ذلك، لا يجرؤ أى سياسى أمريكى على تبنى حل «الدولار الواحد» لإنقاذ العالم، حيث إن ذلك يعنى بالنسبة له انتحاراً سياسياً. وهنا يكمن لب المشكلة، حيث ترى المجلة أن الساسة يتم انتخابهم فى الدوائر المحلية لرعاية الاهتمامات المحلية، لكن أولئك الذين يحاولون إنقاذ العالم لن يستمروا طويلاً، معتبرة أن الإنسانية بحاجة إلى «دعوة للاستيقاظ». وتقول المجلة إن القادة الوطنيين الجيدين يمكنهم فقط تخفيف صدمات التحديات العالمية، وليس حلها، موضحة أن الحلول يجب أن تعالج من خلال المنظمات العالمية، كالأمم المتحدة وصندوق النقد الدولى، أو تحالفات عالمية مثل «مجموعة العشرين». ومن الناحية النظرية، يتفق الجميع على أننا بحاجة إلى تعزيز هذه المؤسسات، ولكن من الناحية العملية، يتم التحكم فى المنظمات العالمية والتحالفات من قبل قلة من الحكومات الوطنية القوية، التى تضع مصالحها الوطنية فى المقدمة. وطالما ظلت هذه المنظمات ضعيفة، ستظل المشكلات العالمية تبحث عن حلول. وتخلص «نيوزويك» إلى القول بأن الطريقة الوحيدة للتغلب على هذا الوضع، هى خلق توافق دولى فى الآراء، بين المواطنين وكذلك الحكومات، على أن العالم يحتاج إلى مزيد من الحكم العالمى، وليس حكومات عالمية. وعندئذ فقط ستفكر أعتى الدول فى المصلحة العليا، وتمنح المؤسسات، أمثال مجموعة العشرين والأمم المتحدة وصندوق النقد الدولى ومنظمة التجارة العالمية، الفرصة لإعادة إحيائها وتنشيطها. وأوضحت المجلة أنه فى عالم السياسة، من الأسهل إصلاح المؤسسات القائمة عن إنشاء مؤسسات جديدة مثالية.