أعترف الآن بأننا كلنا أخطأنا حين هاجمنا وانتقدنا تكاسل اتحاد الكرة وإهماله وانشغال أعضائه بمصالحهم الخاصة وخلافاتهم الشخصية عن الالتفات إلى قضية مهمة ومقلقة تتعلق بضرورة تحويل أندية الدورى الممتاز إلى شركات مساهمة، تلعب فى دورى للمحترفين وبحد أقصى الموسم المقبل.. وإلا باتت أنديتنا الكبيرة بالنسبة للفيفا مجرد أندية محلية للهواة، ممنوعة من المشاركة فى أى بطولات أفريقية أو عالمية للأندية.. ولست أقصد أننا أخطأنا حين هاجمنا اتحاد الكرة إنما الخطأ كان ولايزال هو إصرارنا على أنها أزمة اتحاد الكرة ومشكلته وحده.. مع أنها فى الحقيقة أزمتنا كلنا.. إذ إنه حتى لو أفاق اتحاد الكرة من غيبوبة الخلافات والمصالح وقرر التعامل مع مهلة الفيفا بمنتهى الجدية والاهتمام.. فهل كل الأطراف الأخرى مستعدة.. هل أنديتنا امتلكت بالفعل أى تصور أو دراسة علمية عن تحولها لشركات مساهمة.. وهل بدأنا التفكير فيمن سيقوم بتقييم هذه الأندية وتحويلها إلى أصول ذات قيمة مالية محددة ومن ثم تحويلها إلى أسهم وطرحها للاكتتاب، سواء فى البورصة أو خارجها؟! والأخطر من ذلك هو هل تحويل الأندية إلى شركات مساهمة سيعنى فرق كرة القدم فقط فى تلك الأندية أم كل الأندية بمنشآتها وممتلكاتها وبقية فرقها فى مختلف اللعبات؟! وأنا أظن أنها فرق كرة القدم فقط بعيدا عن بقية ممتلكات ومنشآت وفرق كل ناد.. ولكن حتى لو كانت فرق كرة القدم فقط.. فهل يعنى التحول إلى شركات مساهمة أن الدولة سترفع يدها رسميا عن هذه الفرق، بمعنى أنها ستترك كل الأسهم مطروحة فى السوق.. وهل يمكن التلاعب فى هذه الأسهم ليأتى رجال أعمال كبار نجدهم فجأة قد امتلكوا الأهلى والزمالك والإسماعيلى والمصرى والاتحاد؟! ولست بالمناسبة أعترض على ذلك لو تم بشكل قانونى وبمنتهى الشفافية والنزاهة.. ولكن هل ستقبل الشرطة ووزارة البترول طرح أنديتها فى السوق لمن يدفع، وهل سيجوز قانونا لمواطن مصرى عادى أن يملك ناديا للجيش أو الشرطة أو لشركة بترول أم أن هذه الأندية ستنسحب من المسرح الكروى كله، شاعرة بأنه لن يكون لها مكان فى زمن جديد ستختلف قوانينه وقواعده وحساباته؟! وأظن أنه لا أحد منا فكر فى كل ذلك من قبل.. اكتفينا كلنا بمهاجمة اتحاد الكرة وانتقاده وشعرنا بأننا بذلك قمنا بواجبنا وأدينا ما علينا.. ولم ننتبه إلى أنها قضية خطيرة ومزعجة ومقلقة بالفعل.. وكم أتمنى لو قامت أكثر من شركة مالية من شركاتنا الكبرى فى مصر بالبدء فورا فى الدراسات اللازمة لتحويل أنديتنا إلى شركات مساهمة.. ووضع القيمة المالية السوقية المناسبة لكل ناد وتحديد سعر كل سهم.. ليبقى بعد ذلك التساؤل عن دور مطلوب وضرورى لجماهير كل ناد.. كم بالمائة من أسهم كل ناد ستطرح فى البورصة ليملكها جمهور هذا النادى.. وهل سينجح جمهور كل ناد عندنا فى الاحتفاظ بملكية ناديه والدفاع عنها ضد أن يحتكر النادى رجل أعمال واحد؟! وعلى سبيل المثال سيبدأ نادى أرسنال الإنجليزى هذا الأسبوع حملة إعلامية وإعلانية، داعيا فيها جماهير النادى إلى الاكتتاب وشراء أسهم النادى بعد أن أعيد تقييمها بسعر مائة دولار للسهم.. وذلك لإتاحة الفرصة لجماهير أرسنال بامتلاك ناديها وعدم تركه فريسة يتصارع عليها كل من: الأمريكى كرونكى والروسى أوسمانوف.. وما أقصده هو أنه ليس من الضرورى أن نبدأ من حيث بدأ الآخرون وإنما من حيث انتهوا.. فهناك نظام جديد وضعه أرسنال.. وهناك تجربة رائعة واستثنائية لبرشلونة.. وتجارب أوروبية أخرى رائعة تستحق التأمل.. المهم أن نهتم ونحاول ونحلم كلنا وليس اتحاد الكرة فقط. [email protected]