أى متابع لما يجرى خارج البلد، سوف يكتشف فى كل مرة، أن ما يحدث هناك يجدد مواجعنا هنا! فالسيدة الأولى فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، تواجه أزمة كبيرة هذه الأيام، ليس مع زوجها بالطبع، ولكن مع الرأى العام الأمريكى ومع وسائل الإعلام! وكان السبب أنها قامت برحلة مع إحدى ابنتيها إلى إسبانيا على طائرة الرئيس، التى تسمى air force one، والاسم يعنى أنها طائرة الجو الأولى فى البلاد، وهى مخصصة للرئيس فقط، وليس من حق زوجته أن تستقلها بمفردها إلى أى مكان! وكان النقاش الدائر لديهم، ولايزال، حول تكلفة الرحلة، ثم عن الجهة التى سوف يكون عليها أن تتحمل هذه التكاليف، لأن ساعة الطيران الواحدة، بهذه الطائرة، تتكلف 11 ألف دولار، وكان السؤال الذى على السيدة الأولى أن تجيب عنه هو: كم عدد ساعات الطيران إلى إسبانيا، ثم عدد ساعات العودة، وما هو إجمالى التكلفة، ولماذا لم تسدد «ميشيل أوباما» ثمن تذكرتها وتذكرة ابنتها، بسعر السفر على الدرجة الأولى؟!.. وحتى إذا كانت قد سددت ثمن التذكرتين، فإن ثمنهما معاً، سوف يكفى بالكاد، لتغطية تكلفة ساعة طيران واحدة بالطائرة إياها، فمن إذن سوف يتحمل الباقى؟! وكان هناك سؤال آخر: لماذا لم تذهب ميشيل أوباما لتقضى إجازتها فى ولاية فلوريدا مثلاً فى الجنوب الأمريكى، حيث الأمريكان هناك لايزالون يعانون بشدة من تسرب البترول فى خليج المكسيك القريب من الولاية؟! وفى كل الأحوال، كان الرفض التام لما حدث من السيدة الأولى، سببه أن تكلفة الرحلة ليس لها مصدر إلا جيب دافع الضرائب الأمريكى، ولم يكن هذا الدافع يتصور، وهو يسدد ما عليه من ضرائب فى أى ولاية، أن السيدة الأولى سوف تقوم برحلة من هذا النوع على حسابه، عن غير حق! والحقيقة أنك وأنت تتأمل هذه الواقعة، سوف يتبين لك أن «دافع الضرائب» هناك يكاد يكون «شخصية حية» موجودة فى كل تصرف يمس المال العام، بكثير أو بقليل، فلا يكاد أى مسؤول أمريكى، من أول الرئيس نفسه، لأصغر موظف ينفق دولاراً واحداً، حتى يثور سؤال على الفور عما إذا كان دافع الضرائب الذى كان قد أدى هذا الدولار، قد تعرض لما يبدد حصيلة ضرائبه فى أثناء إنفاقها، أم أنه قد جرى توجيهها إلى مكانها بالضبط على خريطة الإنفاق العام.. ولذلك فالسؤال الذى يخصنا فى الموضوع هو: متى تكون هذه «الشخصية الحية» لديهم حاضرة لدينا بهذه القوة، ومتى نستحضرها هكذا، فى كل تصرف يتصل بالمال العام؟! الأمر عندنا لا يقتصر فى الحالات المماثلة، على امرأة وابنتها، وإنما يمتد إلى جيوش من المرافقين، لا يؤدى دافع الضرائب تكلفة سفرهم من جيبه فقط وإنما أيضاً من دمه