اليوم هو العيد كل عام وأنتم بخير، ولابد من إدخال السرور على النفوس وزرع الأمل المشرق فى القلوب، لأن الأعياد فرحة وبهجة وتجديد للأمل، وصدق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - حينما قال: «للصائم فرحتان يفرحهما: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه»، وها هى فرحة الصائمين تملأ قلوبهم يوم العيد استبشارا بالأجر والثواب، وأملا فى مواصلة الحياة دون ذنوب أو خطايا بعد أن تكرم الله على عباده بالمغفرة. ومازلت أذكر هذا اليوم السعيد يوم الخميس الموافق 15 يناير 1981، وهو يوم زفافى، إذ دعوت فضيلة الشيخ محمد الغزالى فلبى دعوتى مشكورا وهو من هو فى مكانته وعلمه وقدره، وكنت وقتها مجرد طبيب امتياز حديث التخرج ومن باب الحفاوة بفضيلته اخترت أن يكون فى المقعد الأول فى السيارة التى أقلتنى مع عروسى، وتجاذبت معه أطراف الحديث وأخبرنى بأن من أكثر القصائد الغنائية التى يتأثر بها قصيدة فيروز «سوف أحيا»، وهى للشاعر الغنائى مرسى جميل عزيز، فتوجهت لفضيلته قائلا لابد أن الذى أعجبك فيها هو المعنى الجميل..فأجابنى فضيلته بأن الذى أعجبه فيها المعنى الجميل واللحن الشجى والأداء الراقى. وبعد هذه السنين الطويلة أسترجع هذا الحوار فأجد فضيلته محقا، إذ إن هذه القصيدة تزرع الأمل فى النفوس وتبعث على التمسك بفرصة الحياة، وإن كانت قليلة، لنملأها بالعمل والأمل فالشاعر فى قصيدته يقول «ليس سرا يا رفيقى أن أيامى قليلة.. ليس سرا إنما الأيام بسمات طويلة..إن أردت السر فاسأل عنه أزهار الخميلة.. عمرها يوم وتحيا اليوم حتى منتهاه.. لم لا أحيا؟.. سوف أحيا». نشعر فى الكثير من الأحيان بأن الدنيا أظلمت وبأنه لا أمل لنا فى الحياة ونرى أزمات وصراعات ثم يأتى الأمل من عند الله عز وجل فنجد رجال أعمال يدخلون استثمارات جديدة فى مصر أو قرارات ثورية لرئيس الجمهورية تجعل الذين استولوا على خيرات مصر يرحلون عن سمائها. ونجد بسمة الطفل الذى ينظر فى عين والده ويقول: فى مستقبلى سأكون ضابطا قويا أو طبيبا ماهرا أو مهندسا ناجحا. أنظر إلى كل هذه البشارات وأقول لم لا أحيا؟! سوف أحيا. الشعب المصرى كله يحتاج إلى الأمل فى هذه الفترة، يحتاج إلى أن يجدد روحه فى يوم العيد، آنذاك نقول جميعا: «سوف نحيا لنحقق فيك يا مصر آمالنا.. سوف نحيا لنجعل منك يا مصر نورا يضىء ما حولك.. سوف نحيا لنرى الفرحة الكبرى: فرحة أن تكونى أكثر الدول تقدما كما كنت من قبل، ولم لا نحيا وفى القلب وفى العين الحياة؟.. سوف نحيا». فى يوم العيد نتزاور ونتهادى ونفرح ونغسل نفوسنا من الهموم ونزرع فى قلوبنا الأمل الفسيح لكى يكون الغد أكثر إشراقا، فهيا معا إلى المستقبل متوكلين على الله ونقول: «سوف أحيا.. سوف أحيا».
