اعتبر خبراء إعلاميون أن الضجة الكبيرة التى أثارها موقع «ويكيليكس» بنشر أكثر من 90 ألف وثيقة عسكرية سرية أمريكية عن حرب أفغانستان، ثورة جديدة فى مفهوم نقل الخبر الصحفى. واعتبروا أنها أكدت بذلك أن شبكة الإنترنت والإعلام الاجتماعى يعطيان جماعات لم تكن موجودة قبل عدة سنوات أدوارا رئيسية فى الصحافة، كما تظهر الأسماء المعروفة لهذه المنافذ الإعلامية وعلى الرغم من خفوت بريقها فى عصر الإنترنت، حيث أرسلت نسخة من الوثائق لصحيفة نيويورك «تايمز الأمريكية» وصحيفة «جارديان» البريطانية «ودير شبيجل» الألمانية. وضمن «ويكيليكس» بقراره نشر الوثائق أن يُحدث تأثيرا عالميا حتى وإن كان بعض المراقبين قالوا إنها لا تحتوى على كثير من المعلومات. ففى غضون دقائق من نشرها على شبكة الإنترنت، ظهرت موضوعات ذات صلة على «تويتر»، وبدأت المناقشات على المدونات وتناقلت المواقع الإخبارية التقارير. ويرى خبراء أن «ويكيليكس» يطيح بالأفكار التقليدية لنقل الخبر الصحفى، ويشيرون بذلك إلى أن استخدام الشبكة للأشخاص العاديين للحصول على الأخبار هو ما يطلق عليه خبراء الصحافة اسم «صحافة المواطنة»، وتعنى استخدام العديد من الأشخاص لمعرفة الأمور بدلاً من الاعتماد على الصحفى الاستقصائى وحده. واستخدم «ويكيليكس» شبكته لفرز الوثائق لكنه ترك مهمة التأكد من الحقائق لصحيفتى «نيويورك تايمز» و«جارديان» ومجلة «دير شبيجل» على اعتبار أنها أختام موافقة معترف بها بجودة المعلومة. وهذا النوع من التعاون لم يحدث قبل عصر الإنترنت أو حدث نادرا. وقال إدوارد واسرمان، أستاذ فى أخلاقيات الإعلام فى واشنطن وجامعة لى فى لكسينجتون بولاية فرجينيا: «لو كانوا (ويكيليكس) نشروا كل المادة التى لديهم ببساطة لاتهموا بالاستهتار الشديد ولفشلوا فى تحقيق هذا القدر من الشهرة والرواج». وعن طريقة عمل «ويكيليكس» التى تعنى بنشر المعلومات كوسيلة لمكافحة الفساد فى الشركات والحكومة الأمريكية، يقول جوليان أسانج، مؤسسها، إن شبكته تضم 800 متطوع يعملون بدوام جزئى و10 آلاف مؤيد. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن شبكة «ويكيليكس» تعتمد على أجهزة خوادم فى العديد من الدول التى توفر قوانينها المزيد من الحماية للتسريبات. وأفاد مقال نشر فى يونيو بصحيفة «نيويوركر» بأن أسانج الأسترالى وزملاءه يستخدمون اتصالات مشفرة، وهناك اشتباه فى وجود مراقبة. وقال أسانج فى حوار نشرته مؤخرا مجلة «دير شبيجل» الألمانية: «أستمتع بمساعدة الضعفاء وأتلذذ بسحق الأوغاد». ولا يملك أسانج منزلاً ويقول إنه يقيم عند أصدقائه حول العالم. يأتى ذلك، فيما كشفت صحيفة «ديلى تليجراف» البريطانية، أمس، عن أهم التسريبات التى نشرها موقع «ويكيليكس» الإلكترونى قبل كشفه عن وثائق حرب أفغانستان السرية. وقالت الصحيفة: «فى مقدمة أهم عشرة تسريبات نشرها الموقع وأثارت اهتماما واسعا، مقطع الفيديو الذى أظهر طائرة هيلكوبتر أمريكية وهى تقتل 12 مدنيا من بينهم صحفيون من (رويترز) فى أحد أحياء بغداد عام 2007». وفى العام الماضى، أيضاً، نشر الموقع قائمة بأسماء وعناوين ووظائف أعضاء لحزب القومى البريطانى المتطرف «بى.إن.بى» والتى كشفت أن من بينهم عدداً ليس بالقليل من ضباط الشرطة والجيش والأطباء والمحامين. ومن بين الوثائق الأخرى نسخة من إجراءات التشغيل الموحدة لمعسكر دلتا، وهى وثيقة تتضمن تفاصيل القيود المفروضة على السجناء فى معتقل خليج جوانتانامو الأمريكى بكوبا.