عندما أصدر مجموعته القصصية الأولى «طيور جديدة لم يفسدها الهواء»، أصاب النقاد بالدهشة، بعد علمهم بأن ما قرأوه من كلمات شاعرية مصاغة فى قالب سردى، كتبها شاب لايزال فى السابعة عشرة من عمره، فكان من السهل عليهم التنبؤ بأن صاحب المجموعة سيكون له شأن فى حركة الرواية العربية، وتحققت نبوءة النقاد بعد 16 عاما، عندما تم إعلان فوز الروائى الشاب طارق إمام بجائزة الدولة التشجيعية عن روايته «هدوء القتلة»، ولكن قبل أن يحتفل إمام مع أصدقائه، فوجئ بمن يخبره بأن جائزته سيعاد البت فيها لمخالفته شروط التقدم لها، وهو ما أثار جدلا واسعا بين المثقفين والأدباء.. «المصرى اليوم» تناولت فى حوارها مع الروائى الشاب ظروف منحه الجائزة ثم حجبها.. ■ ما الظروف التى صاحبت الإعلان عن إعادة البت فى حصولك على الجائزة؟ - لم أعلم شيئا عن القرار إلا من خلال الصحف، فمسؤولو المجلس الأعلى للثقافة لم يكلفوا أنفسهم إبلاغى بأنه سيعاد البت فى أمر جائزتى، بناء على مذكرة تفيد بأننى مخالف لشروطها بسبب حصولى على المركز الثانى بجائزة ساويرس الأدبية عن الرواية نفسها فى 2009، وفى البداية علمت أن الدكتور عماد أبوغازى، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، هو الذى كتب المذكرة، لكنه نفى ذلك وأكد أن هناك من تقدم له بالمذكرة، وأنه أحالها إلى المستشار القانونى الذى أوصى بعدم أحقيتى للجائزة. ■ ما دام الأمر كذلك لماذا لم يتم الإعلان رسميا عن سحب الجائزة حتى الآن؟ - كتبت مذكرة فندت فيها أسباب أحقيتى بالجائزة وأوضحت أننى تقدمت إليها فى عام 2008، ولم تكن روايتى فازت بأى جائزة أخرى من قبل، حيث حصلت رواية «هدوء القتلة» على المركز الثانى فى مسابقة ساويرس، عام 2009، أى أننى لم أرتكب مخالفة، ولا يوجد شرط فى الإقرار الذى وقعت عليه عند تقدمى لجائزة الدولة يقضى بأن أسحب الرواية إذا فازت بجائزة أخرى فى الفترة بين التقدم إليها وإعلانها، وأعطيت المذكرة للدكتور عماد أبوغازى الذى أخبرنى بأن قرار سحب الجائزة سيصدر خلال ساعات، ولكن علمت بعدها أن مذكرتى تم عرضها على المستشار القانونى للمجلس، قبل أن يحول المجلس المذكرتين لمجلس الدولة للبت فيهما. ■ هل ترى أن الدكتور عماد أبوغازى تسرع فى الحكم بتجميد الجائزة؟ - بالطبع، والدليل على ذلك أنه حمَّلنى فى البداية مسؤولية ما حدث، وعندما تأكد من سلامة موقفى، حمل أعضاء لجنة التحكيم المسؤولية، وقال إنه كان من المفترض أن يكونوا متابعين لحركة الجوائز، ولكنهم ردوا عليه – وأنا أوافقهم فى ذلك – بأن دورهم فنى بالأساس، يتلخص فى الحكم على الأعمال المقدمة من الناحية الفنية فقط، ولا دخل لهم بالأمور الإجرائية، ويبدو أن الدكتور عماد اقتنع بوجهة نظر أعضاء اللجنة؛ لأننى علمت أنه قرر إنشاء إدارة خاصة منفصلة عن لجنة التحكيم تكون مهمتها فحص الأعمال للتأكد مما إذا كانت فازت بجوائز أم لا، وكل ذلك يؤكد أننى وأعضاء اللجنة موقفنا سليم ولا دخل لنا بالأزمة المثارة. ■ بعد تجميد الجائزة.. هل أصبحت فرحتك بحصولك عليها منقوصة؟ - ليست فرحة منقوصة بل مطعونة، فسحبها منى يعنى الطعن فى شخصى واتهامى بالتزوير والتلفيق، ولذلك فإن تمسكى بها، هو فى الأساس دفاع عن موقفى الأخلاقى، ودفاع عن حق جيل كامل لأدباء شباب، لم تمنحهم الدولة جوائزها التشجيعية من قبل، فعلى الرغم من أن مسمى الجائزة «تشجيعية» بما يعنى أنها مخصصة للشباب، فإنها تذهب – فى الغالب – لمن هم على مشارف الستينيات أو تخطوها، وهو ما يفقدها معناها. ■ تتحدث بمرارة من يشعر بالظلم.. هل تضررت معنويا بسبب تلك الأزمة المثارة؟ - الأزمة سببت لى ألما نفسياً رهيبًا، فالمجلس الأعلى للثقافة تعامل معى كأننى لعبة فى يديه، وجاء قرار التجميد بشكل مهين لا يليق بمبدع، وتم التعامل معى على اعتبار أننى مذنب إلى أن تثبت براءتى، وليس على اعتبار أننى برىء إلى أن تثبت إدانتى، وعند الحديث عن الضرر المعنوى، يكفى أن تعلم أننى كنت مضطرا للرد على تهنئة أصدقائى، على الرغم من علمى بخبر تجميد الجائزة، ولكن ما خفف وطأة الأزمة على وقوف المثقفين بجانبى، توقيعهم على بيان يطالبون فيه وزارة الثقافة بعدم سحب الجائزة منى، ووصل عدد الموقعين عليه أكثر من 300. ■ ما الخطوات التى ستتبعها إذا ما أوصى مجلس الدولة بسحب الجائزة؟ - لا أعلم بالتحديد، ولكن لدى ثقة فى إنصاف مجلس الدولة لى، وأنا من جانبى لا أميل إلى التصعيد بإقامة دعوى قضائية، إلا إذا دفعتنى الظروف لذلك، لأننى فى النهاية مثقف، ودعوتى ستكون ضد جهة ثقافية أنتمى إليها.