لعن الله خطوط العرض والطول التى استخدمها الإنجليز فى تمزيق العالم، وكان ذلك جليا فى أفريقيا، فقد توزعت القبيلة الواحدة إلى أكثر من دولة فبعد أن كانت القبائل -وخاصة الرعوية- تنتقل من مكان لآخر لا توقفها أى حدود صنعها الاستعمار فجأة وجدت هذه القبائل، وقد تفرقت بين دول عديدة، بعضها فى مناطق رعوية خصبة وأخرى يضربها الجفاف على فترات مختلفة وتعرضها للمجاعة وقيام الحروب والنزاعات عندما تتحرك القبائل وتتجاهل هذه الخطوط الوهمية وكانت حصيلتها آلاف القتلى!! لم يكن هناك أى فواصل أو حدود عندما كان السودان جزءا من مصر يكمل بعضه بعضا، وكلاهما عمق استراتيجى للآخر، إلا أن الاستعمار الإنجليزى كان يخطط لفصل السودان عن مصر وتفتيت السودان فى مرحلة لاحقة!! وكانت البداية اتفاقية عام 1899، التى اعتبرت جميع المناطق شمال خط عرض 22 داخل حدود مصر- ومن ضمنها مثلث حلايب- ولم تكن هذه المرة الأولى التى يثار فيها مثلث حلايب فقد نشب خلاف عليه فى 1958 - 1992 - 2000 - 2004 وأخيراً هذا العام!! وإذا كانت هذه الحدود السياسية فرضت على مصر والسودان، ولم يكن لهما أى خيار، حيث كان كلاهما يخضع للاستعمار البريطانى، فلماذا لا نتقبل ونتعامل مع هذا الواقع الذى تؤيده الوثائق بأن مثلث حلايب هو آخر حدود مصر الجنوبية.. ولكن المثير للدهشة لماذا اثارة موضوع حلايب فى هذه الفترة ومساحتها لا تزيد على 20 كيلومترا مربعا بها شلاتين وحلايب وأبورماد؟! كنت أتمنى أن تركز السودان ومن خلفها مصر جهودها لتجنب انفصال الجنوب، الذى ستكون له آثار كارثية على كلا البلدين! فالجنوب يقارب على نصف مساحة السودان، وحلايب لا تتجاوز مساحتها أحد الأحياء فى الخرطوم أو القاهرة.. لدينا مشاكل وأبرزها اتفاقية حوض النيل التى تم توقيعها بدون مصر والسودان فالأمر لا يستدعى هذه الخلافات!! أتوجه للنداء والرجاء لحكومتى مصر والسودان أن تسود علاقة المودة والمحبة وبذل المساعى الحميدة وأن يكون أى حل لصالح الشعبين حتى يتفرغا للمشكلة الكبرى وهى حصة مصر والسودان من مياه حوض النيل. محمود الراوى- القاهرة