الخواجة عبدالقادر

يبدو أننى سأبكى كثيرا هذه الأيام!. مع كل حلقة من مسلسل «الخواجة عبدالقادر»، الأجنبى الذى كان يعمل فى صعيد مصر، السكير الملحد اليائس من حياته، الذى وصل إلى سلامه النفسى حين اعتنق الإسلام على يد شيخ سودانى تسمّى على اسمه: «عبدالقادر».
نبوءة الولى الصالح قبل أن يصبح ولياً صالحاً، ولايته أنه طيب وقلبه مملوء بالخير، والعلاقة القلبية الفريدة التى ربطت بينه وبين شيخه الروحى الذى لم يسبق له أن رآه، والإشارات الروحية المتبادلة بينهما حتى تم اللقاء.
قلبى متصدع منذ سمعت اللحن، وعيناى مبتلتان منذ قرأت الأشعار: «والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت/ إلا وحبّك مقرون بأنفاسى. ولا خلوتُ إلى قوم أحدّثهم/ إلا وأنت حديثى بين جلّاسى».
الخواجة عبد القادر، المُجتبى عند ربه، المطلوب والطالب. المعشوق والعاشق- الغريب فى بلاد غريبة- المُعذب بالبراءة حين تصطدم بالشر. والتحولات الكبرى وعذاب التحول كى تكتمل الولاية.
بأمانة لا أدرى هل أحسده أم أرثى له؟!.. الأولياء الأتقياء ليسوا أكثر من أطفال مندهشين فى مواجهة الشر. ما أعرفه يقينا أن ثمن الولاية باهظ، ويتضمن المشى على الزجاج المسنون بأقدام حافية.
«ولو أقدر على الإتيان جئتكم/ سعيا على الوجه أو مشيا على الراس».
الولاية ليست لعبة الصبيان! لذلك يسخر منهم الجهلاء غلاظ القلوب! وبرغم أن المسلسل مازال فى بداياته فإننى أعرف أنه سيتألم جدا. تأثرت كثيراً بذلك المشهد الذى يجادل فيه شيخه الروحى كى لا يفارقه ويسافر. يقول له فى براءة الأطفال: «طيب لو سافرت ورجع عبدالقادر مش مبسوط!».
هتفت تلقائيا: «ستتألم كثيراً يا خواجة عبدالقادر، خذها منى نبوءة خبير».
كان الله فى عونك يا خواجة عبدالقادر، ويا كل خواجة عبدالقادر، يا كل غريب يسعى فى صحراء الحياة بقلب متوهج وعينين مبتلتين! عطشان كى يرتوى، حيران كى يأتنس، تعبان كى يستريح. مَسوق إلى العشق والعطش والغرام. لا يدرى أن الولاية لا تُكتسب، بل هى هبة يصاحبها الحزن المميت.
«ولا هممت بشرب الماء من عطش/ إلا رَأَيْتُ خيالاً منك فى الكاس».
المؤكد أن المسلسل جاء فى وقته، بعد أن اهتمت السلفية بالمظاهر وانشغل الإخوان بالسياسة، والمؤكد أن الصوفية التى أعنيها، ليست صوفية البدع والموالد، ولا صوفية مشايخ الطرق الصوفية الذين تصارعوا على المناصب، هؤلاء لا أعترف بأنهم صوفية أصلا، بل هم عندى مُدّعون!.
ولكن الصوفية التى أعنيها هى تزكية القلب. مصر عاشت صوفية أكثر من ألف عام! ومعظم مشايخ الأزهر فى تاريخها الطويل كانوا من الصوفية! ومن المؤكد عندى أن مصر ستعود عودا حميدا إلى الصوفية الحقة ولو بعد حين.
aymanguindy@yahoo.com