الأحداث التى شهدتها قرية «سدود»، تعطى صورة صادقة للوضع الأمنى الذى نعيشه الآن، جهاز شرطة يرتعش، وشعب قرر أن يأخذ حقه بذراعه، وقانون مُنتهك، يلعب به الصبية «الكرة الشراب». نعم تخلص أهل «سدود» من البلطجية الذين قهروهم لمدة 40 سنة - حسب أقوالهم- قتلوا 5 منهم بعد سحلهم والتمثيل بجثثهم، أحرقوا منزلهم وهدموا جزءاً من أركانه، وطالبوا ببيعه إلى جهة حكومية، ليضمنوا قطع دابرهم نهائياً. نامت القرية وأغمضت جفونها، بعد أن فرحت واحتفلت ورقصت وأطلقت الزغاريد، بعد أن نجح شبابها فى انتزاع البلطجية من أيدى الشرطة والانتقام منهم بالصورة التى أشفت صدورهم، وبالتأكيد لن يتم تقديم متهم بارتكاب هذه الواقعة، التحريات ستنتهى إلى «شيوع الاتهام» هذا المشهد الانتقامى، الذى تم فى حضرة رجال إنفاذ القانون، تحت أبصارهم ومن بين أيديهم، إنما هو إعلان لوفاة القانون وغياب وتغييب للذين يدعون أنهم حماته. نعم من حق أهل القرية أن يعيشوا فى أمان، دون قهر أو استعباد، ومن حقهم أن يثأروا من الذين باعوا السموم لأبنائهم، ومن قاتلى شبابهم، وسارقى الأمان من حياتهم، لكن ذلك يكون بالقانون وحده. لو سارت الأمور بهذه الطريقة لتحولت الحياة إلى غابة، يأكل فيها القوى الضعيف، ولو أن كل صاحب حق انتزع حقه بذراعه، لصار من الضرورى والحتمى أن نلغى كل أشكال المحاكم والنيابات، ومعها جهاز الشرطة. وما حدث من قيادات الأمن فى المنوفية، وطريقتهم فى إدارة ومعالجة الواقعة منذ بدايتها لابد ألا يمر مرور الكرام، وعلى وزير الداخلية أن يحقق فى هذا الموضوع، وأن ينال المقصر عقابه الفورى، فعلى حد علمى أن الدور الرئيسى لجهاز الشرطة هو «منع الجريمة»، ألم يكن عند السيد رئيس المباحث رؤية وقدرة على قراءة الأوضاع على الواقع، وتقدير للموقف، ويبلغ قياداته. وأنا لا أريد أن أذهب إلى تصور - مجرد تصور - أن رئيس المباحث أو قياداته، طاب لهم أن يتخلصوا من البلطجية الخمسة ويريحوا رؤوسهم والناس من متاعبهم إلى الأبد، السكوت على هذه «الجريمة» ودفن الرؤوس فى الرمال سيجرنا إلى مزيد من الفوضى والخراب. نعم لقد أخطأ جهاز الأمن حين ترك مثل هذه العصابة تمارس نشاطها الدموى، وأخطأ أهل القرية أيضاً، حين تركوا العصابة تنموا بينهم، ترتكب الجريمة تلو الآخرى حتى كبرت وتضخمت، وبنفس الطريقة تضخم الخوف فى نفوس الأهالى. ومواجهة الأمراض منذ بدايتها هو الضامن للشفاء، أما أن نتركها تتغلغل فى الجسد فلن تنفع وقتها الأدوية ولا الجراحات. [email protected]
