قبل عام، سقط رأس النظام الفاسد، ونجح الشعب فى «خلع» مبارك ورجاله، لكن بقيت أذنابهم فى كل قطاع من مؤسسات الدولة.. دخلوا مع «الثورة» معركة الفرصة الأخيرة، لا يخرج منها مقاتل حى، بدأوها بجرائم الغدر التى أسقطت شهداء فى كل مكان، وزرعوا فتيل فتنة يحرق كل محاولات نشر الأمن فى الشارع، كى تبقى الساحة خالية أمام جيوش البلطجية، التى تربت على أيديهم فى كل مكان، ومنح مسؤولون فى جهاز الأمن - ولاؤهم للنظام السابق - الفرصة لخلق فوضى جديدة، تعيدنا للخلف. نعم.. من حقنا أن نحتفل بهذه الذكرى، من حق كل أم قدمت فلذة كبدها فداء للوطن أن تحتفى بذكرى صعوده للسماء، ومن حق كل زوجة وكل أب وكل أخ وصديق أن يزوروا قبر الشهيد ويضعوا عليه الزهور، لكن حتى ينام الشهيد هنيئاً فى «تربته»، لابد أن نواصل رسالته حتى النهاية.. لابد أن تتكاتف كل جهود المخلصين من أجل اكتمال الثورة: يعود «العسكرى» إلى ثكناته، ويسلم السلطة إلى رئيس منتخب بإرادة غير منقوصة، ويتم التحقيق فى كل القضايا المسكوت عنها، ويُقدم المتهمون الحقيقيون فيها دون مواربة. الأيام السابقة، شهدت حالة من «التأديب» للشعب، كى يوقف خطواته و«يثبت محله» ولا ينسى أن يقبّل يديه وينام، لا يهتم بأسطوانة البوتاجاز التى وصل سعرها إلى نصف راتب موظف الحكومة، ولا يعنيه من يقطع عليه طريق عودته إلى بيته، وينسى تماماً أن السولار اختفى والبنزين تبخر، عليه أن ينام والحزام مشدود حول وسطه، وأذناه مشدودتان فى اتجاه الحكومة.. إذ كيف تحدث كل هذه «النواقص» فى الوقود والغذاء، رغم أن شعب مصر هو نفسه، والإمكانيات والموارد لم تتغير.. هل يعقل أننا نصدّر الوقود إلى الخارج ولا نجده لإدارة حياتنا؟!.. الحكاية «شدة ودن» من أذناب الفساد، الذين يقاتلون من أجل إسقاط الثورة، ودفع المصريين للخروج فى «جمعة اعتذار» يضربون وجوههم بنعالهم أسفاً على إسقاطهم «مبارك» ونظامه. والخطورة فى «شدة الأذن» أنها تأتى بثمرتين أَمَرّ من الحنظل: الأولى فى المعاناة والقهر الذى يلاقيه المواطن، فيندفع إلى الشارع غاضبا فى تجمعات تقطع الطرق وتعطل المرافق، فيحين جنى الثمرة الثانية، بإحداث الفوضى من الذين يتم دسهم بين الغاضبين، فيحدث التخريب ويسقط القتلى.. ومؤامرة بورسعيد خير دليل، حين تم شحن جمهور الكرة ضد بعضه، وما تلاه حول محيط الداخلية. هذا لا يعنى أن نصمت، بل يفرض علينا التفتيش عن مدبرى المؤامرات واقتلاعهم من جذورهم.. هذا يعنى أننا فى حاجة إلى «ثورة تطهير» فى كل قطاع قبل أن نستيقظ يوما فنجد مصر تحولت إلى بحر من الدماء، لا يدرى فيه «القتيل» لماذا قتل، ولا يدرى «القاتل» لماذا ارتكب «القتل». [email protected]