لم يكن لائقا أن يخرج إلينا الدكتور أحمد نظيف، رئيس الحكومة، منذ ثمانية أيام بالضبط ليزف لنا بشرى موافقة الحكومة على أن تتقدم مصر بطلب رسمى لاستضافة دورة ألعاب البحر المتوسط 2017 فى الإسكندرية.. وأن يوحى لنا الدكتور مجدى راضى، المتحدث الرسمى باسم الحكومة، والمهندس حسن صقر، رئيس المجلس القومى للرياضة، بأن موافقة الحكومة تعنى انطلاق الجهود وبدء التحرك والسعى لاستضافة هذه الدورة، فتحتفى الصحف الحكومية كلها بهذا الخبر السعيد وتنهال التهانى على رؤوس الجميع.. ثم يتبين الناس أنهم تعرضوا - من جديد - لخداع حكومى ورسمى وإعلامى ليس هناك ما يبرره.. فالملف المصرى تم تقديمه بالفعل للجنة العليا لألعاب المتوسط قبل أن يخرج إلينا رئيس الحكومة ليعلن موافقة الحكومة على التقدم بالملف.. وكان من المفترض أن يعلن رئيس الحكومة موافقته لكل الناس قبل ثمانية أشهر كاملة.. كان لابد من موافقة الحكومة أولا قبل التعاقد مع مكتب ألمانى لإعداد الملف المصرى وقبل استضافة الخبراء الألمان فى الإسكندرية للمعاينة ووضع التصورات اللازمة لتغيير البنية التحتية الرياضية والفندقية والطرق والمواصلات بالإسكندرية.. فماذا لو قمنا بكل ذلك ولم توافق الحكومة أصلاً على طلب استضافة تلك الدورة ومن الذى كان سيتحمل كل هذه الفواتير.. ولو كان ذلك كله قد جرى بعلم الحكومة ورئيسها فلماذا تأخر الإعلان عن الموافقة كل هذا الوقت.. ثم إنه لم يكن لائقا أيضا أن يخرج رئيس الحكومة المصرية ليعلن للناس هذا القرار وسط أيام المونديال الأفريقى ولياليه.. فالناس لم تشف بعد من جرح الصفر الكبير بسبب هذا المونديال.. وتخيل الناس أننا تعلمنا مما جرى لنا مع صفر المونديال ولن نقبل بتكراره مرة أخرى فى أى شىء ولأى سبب.. ولكن يبدو أننا لا نتعلم ولن نتعلم شيئاً.. فالحكومة تعاملت مع الأمر بالسرية المطلقة وكأنها فى حالة حرب تستدعى الطوارئ والصمت.. مع أن كل البلدان فى العالم حولنا تتعامل مع مثل هذه الملفات فى النور.. فكانت النتيجة أن بعضهم ورط الحكومة.. ومصر كلها وراء حكومتها.. فى هذه المغامرة الخاسرة دون أدنى إحساس بالمسؤولية.. وأظن أن أحداً لم يخبر رئيس الحكومة وهو يوقع بالموافقة على هذا الطلب بالحقائق الكاملة.. وهى أن الإسكندرية ليست وحدها فى هذا السباق.. وإنما معها مدينة رييكا الكرواتية التى يتضامن معها الاتحاد الأوروبى بأكمله، ومن أجل ذلك انسحبت مدن فرنسا وإيطاليا من السباق.. وهناك تاراجونا الإسبانية.. ومرسين التركية.. والعاصمة الليبية طرابلس.. لم يقل أحد لرئيس الحكومة إن رئيس اللجنة العليا للألعاب هو الجزائرى عمار العدادى.. والمستشار الإعلامى هو التونسى عمر غويلة.. والاثنان بينهما تنسيق قديم مع القذافى فى ليبيا من أجل طرابلس.. ولم يقل لنا أحد حتى الآن ما هى الخطط المصرية لإنجاح الإسكندرية وسط كل هذه التعقيدات والحسابات والاتفاقات المسبقة.. ولم يشرح أحد لرئيس الحكومة قواعد تشكيل لجنة الترويج للملف المصرى التى لم تضم اللواء منير ثابت الذى هو بالمصادفة نائب رئيس اللجنة العليا لألعاب المتوسط ويعرف الجميع الذين يملكون حقوق التصويت.. لأن بعضهم هنا يكره منير ثابت ولا يريد له أى دور.. والآن أود أن أسأل: هل تشم يا سيدى رئيس الحكومة رائحة صفر المونديال من جديد؟ [email protected]