الحب على نفقة الدولة

ترقد الطيور على بيضها ليفقس ويرقد الحكام على شعوبهم لتفطس، وقد جربت الحب من طرف واحد والحب من أول نظرة والحب من غير أمل، لكن أحلاهم الآن هو ظاهرة الحب على نفقة الدولة، فهو لا يحتاج إلى سهم كيوبيد بل إلى تأشيرة وزير، ثم تنتقل الأسهم إلى البورصة وينتقل المحبون إلى الفندق..
وإذا كنا قد فضحنا «عواد» لأنه باع أرضه وصرفها على الغازية، فقد باعوا هم أرضنا وصرفوها على الغوازى ولم نفضحهم لكننا رفعنا شعار «الأرض مقابل العلاج»، «الحب على نفقة الدولة مقابل العلاج على نفقة الدولة»، ومع ذلك سرقوا فلوس العلاج أيضاً ليصرفوها على الغوازى..
فمصر كانت مقبرة للغزاة وأصبحت بفضلهم مفخرة «للغوازى».. أمس، حضر المحافظ حفل زفاف رجل أعمال ونقط العريس وكتب له المحافظة «بيع وشراء» وأكل جاتوه وشعر بمغص شديد، ففرح الناس وقالوا إن المحافظ سيموت وسوف يأتى محافظ جديد لا يحفر الشوارع ولا يوزع الأراضى، لكن المعازيم ماتوا والمحافظ عاش.. عاش اللى قال.. فاصبر واحتسب،
ومهما حدث لك لا تفكر فى الوقوف على كوبرى قصر النيل، وافعل خيراً وتذكر يوماً يحضر فيه إليك مخبران ليس للقاء الضابط ولكن للقاء ربك، فالحياة جميلة رغم ما فيها من قطارات، والفراق قدر واللقاء نصيب، ومهما اختبأت سوف يلقاك مندوب المبيعات الصينى.. واعلم أننا نعيش الآن تجربة فريدة من نوعها، فقد عرفت الشعوب عبر التاريخ التضحية بالفرد من أجل المجتمع لكننا الآن نضحى بالناس والمجتمع والشعب من أجل بقاء السيد الرئيس فى السلطة..
 ودولة من غير ناس ما تنداس، فإذا كان سيادته يتمسك بالسلطة ليحكم فتمسك أنت بالحياة لتحكم وحاكم ومحكوم لكن العدل فى الأول وعندنا حكم يكفى ثلاثة عقود وقمح يكفى ثلاثة شهور و«عدل» يكفى ثلاث دقائق، فهناك من يحرم من العلاج على نفقة الدولة وهناك من يحب على نفقتها.. لكن إنجلترا استطاعت أن تدمج الحب على نفقة الدولة مع العلاج على نفقة الدولة عندما قررت ان تصرف «الفياجرا» مجاناً مع التأمين الصحى.
galal_amer@hotmail.com