الجدل الدائر حول فيلم "القناص الأمريكى " كان عامل جذب قوى أعادنى إلى صفوف المشاهدين بعد سنوات غياب عن مقاعد السينما التى فقدت جاذبيتها لعدد كبير من جمهورها. القناص الامريكى أو" American Sniper " يطرح العديد من الاسئلة ربما لن نجد لها اجابات شافية فى وقتنا الحالى ، الفيلم يؤكد أن العمل السينمائى جزء من التاريخ الذى يسطره البعض من وجهة نظر واحدة ورؤية مختلفة عن الحقيقة لكنها باقية مسجلة لأجيال متعاقبة. الغرور الأمريكى والذل العربى والصراع حول تطهير الأرض من هوس الارهاب الذى أرتبط كما يصوره الفيلم مع صوت الأذان فى أرض عربية يتكرر مع مشاهد القتل والدمار. فيلم " القناص الأمريكى " يتصدر ايرادات الشباك فى السينما الأمريكيه ورُشح لست جوائز أوسكار منها جائزة أحسن فيلم. لاقى الفيلم انتقادات كثيرة وأختلفت حوله الأراء منها أنه يؤكد فكرة العنصرية ضد المسلمين ومدى الكراهية لهم وانتقاد آخر لتدخل الولاياتالمتحدة فى العراق وتورط الجيش الامريكى هناك وأراء حول شخصية الجندى الأمريكى ومدى شعوره بالقوة والقدرة على قتل أى أنسان. يروى الفيلم قصة القناص الامريكى " كريس كايل " بالقوات الخاصة الامريكية الذى شارك فى الحرب على العراق وقتل 160 شخصا وهو الرقم القياسى المسجل فى الحياة العسكرية الأمريكية. يبدأ الفيلم بمشهد للقناص فوق أحد أسطح المبانى فى العراق يراقب الوضع من أجل حماية تحركات زملائه من جنود المارينز ...تظهر أمامه سيدة عراقية ترتدى عباءة سوداء وبجوارها طفل صغير ، تسحب الأم من تحت عباءتها شىء ما ، يتأكد القناص المراقب لهما أنها قنبلة، تطلب من طفلها أن يلقيها على الجنود وبمجرد أن يمسك بها الصغير تستهدفه رصاصات القناص ليصبح أول قتيل تليه الأم ، يبدو القناص متأثرا بالمشهد دامع العينين ، يعود بذاكرته للوراء عندما كان طفلا صغيرا هو وأخاه فى بيت أسرته والأب يصنف البشر فى الحياة ثلاث فئات " خراف ، ذئاب ، كلاب " وكل شخص عليه أن يختار من يحب أن يكون . إما خروفا جبانا أو ذئبا معتديا أو كلبا صديقا وفيا يدافع عن صاحبه. تتوالى المشاهد على هذه القناعة .. اختارالقناص شخصية الكلب يحمى من يهتم بهم ويدافع عنهم بكل ضراوة ولديه إيمان أن ما يفعله عين الصواب ، يأخذنا الفيلم الى مشهد آخر للبطل وهو يتابع الأخبار ويشاهد الاعتداء على السفارات الامريكية فى نيروبى ودار السلام فيتخذ القرار فورا بالانضمام الى الجيش الامريكى. تمر أحداث الفيلم وهى عبارة عن أربع فترات سفر قضاها القناص فى العراق مابين الرمادى والفلوجة ومدينة الصدر ..تبدو العراق فى حالة مزرية فقيرة ، قذرة .. أهلها مجرد قطيع من الخراف الجبناء لا حيلة لهم فى الصراع الذى تدور رحاه بين الامريكان من ناحية ورجال القاعدة " الزرقاوى ومساعده الذى يدعى القصاب " من ناحية أخرى فلا تستطيع أن تتعاطف مع الطرفين. العراقيون خائفون مرتجفون وشاة يبيعون المعلومات للامريكان الذين يقدمون كثيرا من الأموال بجانب وعودا بالحماية مقابل المعلومات ، وفى النهاية يخسر العراقيون حياتهم وحياة أطفالهم فلا الأمريكان قادرون على الحماية ، ولا رجال القاعدة فى جنباتهم قلوب تشعر بأى رحمة لبنى الانسان ..القتل بمنتهى القسوة والرعب يقعون فى خانة الذئاب. بعض اللمحات النفسية فى الفيلم تشير الى الحيرة التى عاشها بعض الجنود الامريكان فى العراق يبحثون عن إجابة سؤال لماذا جاءوا الى العراق، تلك الصحراء الغاضبة تذر رمالها فى العيون من وقت لآخر ،ويتساءل آخرون عن بقايا الانسان الذى يعود الى بلاده بعد أن تنهكه الحرب ومشاهد الدمار ...كل هذه الاسئلة يجيب عليها القناص فى لقاء مع طبيبه النفسى مؤكدا أنه غير نادم على الحرب ومبررا قصة الدفاع عن بلاده وحماية اصدقائه و أنه جاهز للإجابة عن تلك الارواح التى قنصها أمام الله يوم القيامة. ينتهى الفيلم والبطل جالس فى بيته يتابع التليفزيون مغلق الشاشة وهدير الحرب يدور فى أذنيه ورأسه لا ينتهى ...تاركا حال المشاهد العربى مابين الاحباط واليأس كوننا مجرد خراف. ##