"محمد نوهان " ذلك الشاب المصري الأصيل لم تكن أحلامه كبيرة فقط أراد أن يكون له وطن يؤمن بالعدل والانسانية.. أراد أن يرى وطنه أفضل الأوطان.. كان مستعداً لبذل الغالي والنفيس من أجل رفعة شأن بلاده.. لكن أحلامه تبددت عندما ارتطمت على صخرة الواقع واكتشف أنه كان مثالياً بأكثر مما ينبغي ولكن آبى أن يلوث نقائه وأخلاقه الرفيعة فظل قابضاً عليها كالجمر.. فلم تكن مهنته كمصور صحفي مجرد وظيفة يحصل منها على عائد مادي لكنها كانت بالنسبة له رسالة وكان يرى أنه صوت للحق فقد كان يندمج في عمله بكل إتقان وينغمس عقله في كيفية إيصال الحقيقة عبر عمله الشاق. في كل التظاهرات والأحداث كان يدور بكاميرته لكنه كان كثيراً يعود حاملاً بين ضلوعه حزناً عميقاً مما يراه من قمع وقتل وأذكر أنه في مذبحة الدقي في ذكرى إنتصارات أكتوبر عاد حزيناً ونسي إصابته من هول مارأى وحدثني حزيناً أن أهوالاً جرت على أرض الدقي التي كانت أشبه بمعركة طاحنة ضروس بين متظاهرين عزل لايملكون إلا الحجارة وبين مايسمون " المواطنيين الشرفاء " وهم حفنة من البلطجية والشبيحة إعتاد النظام بعد 30 يونيو أن يجعلهم في صدارة المشهد وبارك الاقتتال في الشوارع ليغسل يده من الدم مباشرة. أعتقد أنه منذ هذه الحادثة وقد تملك محمد حزناً كبيراً على وطنه وأن حلم ثورة يناير المجيدة لن يتحقق فقد بصر الرؤية من بعيد ومبكراً وقال لي كل شيء زال وإنتهى فالقمع عائد يمتطي حجة الحرب على الارهاب وهمجية ماقبل يناير عادت أكثر تبجحاً . لقد كان محمد نموذجاً لمن يطبق " فقه المعاملات " فقد كان شاباً راقياً في تعاملاته منيباً دائماً إلى ربه حريصاً على حقوق الصداقة والزمالة شهماً في المواقف الصعبة ، إن نظام السيسي يتحمل كاملاً ضياع حلم هذا الشاب على أرض وطنه وخروجه منه هائماً على وجهه فقد كان محارباً ضد اي طغيان فقرر أن يذهب للاراضي السورية ليحارب ميشليات الأسد وينتصر لمن كان يقول كيف نصمت على نظام يقتل الاطفال والشيوخ ويبقر بطون النساء ؟ . سافر محمد إلى الأراضي السورية حاملاً على كتفه حلمه الذي ضاع في وطنه وسط حملات اعتقالات لكثير ممن يعرفهم وشاهدهم وقتل وتعذيب ممنهج بحجة " هيبة الدولة " والحرب ضد الإرهاب حتى لبى نداء ربه صائماً في إدلب السورية ، لقد رحل الشهيد وغيره من شهداء الوطن ولم يتحرك فينا سكون فبكت السماء وأنزلت المطر وكأنها تقول لنا شهدائكم يرحلون ولم تحزنوا على فراقهم فها انا املئ الكون دموعاً على فراق رجلاً يحمل قلب طفل بريء نقي ترك لكم دنيا وأختار أن يعيش في صحبة الشهداء و الصديقين. محمد نوهان محمد نوهان