أكدت فتيات أنهن تعرضنَ لاستغلال مالي من قبل ما يسمى ب«الخطّابات»، بعد لجوئهنَّ إليهنَّ، بهدف الحصول على أزواج مناسبين، مبينات أنهنّ فضلنَ التزام الصمت، وعدم إثارة المشكلات، خوفاً مما سمّينه «الفضيحة»، في حين تؤكد وزارة الشؤون الاجتماعية تلقيها العديد من الشكاوى من فتيات وعائلات، بعد تعرضهنّ للاستغلال المالي من قبل ممتهنات «الخطّابة»، الإ أنهن لا يستطعنَ اتخاذ إجراءات بحقهنّ، كونهنّ غير مرخصات ويصعب تتبعهنَّ. تفشي العنوسة أرجع رئيس المجلس الاستشاري الأسري في الدولة، المستشار خليفة محمد المحرزي، فكرة إنشاء مكاتب تسهيل الزواج، إلى تفشي العنوسة في الدولة خصوصاً، والدول الخليجية عموماً، اللاتي من المتوقع أن يبلغ عددهن في الدول الخليجية نحو 160 ألفاً في نهاية العام الجاري، بحسب آخر الإحصاءات، بالإضافة إلى ظاهرة ارتفاع مصروفات الزواج التي تصل إلى 600 مليون درهم سنوياً، فضلاً عن ظاهرة الزواج بأجنبيات، حيث سجلت نسبة 30% لمواطنين تزوجوا بأجنبيات، يوازيه نسبة 60% لأزواج طلقوا زوجاتهم المواطنات ليرتبطوا بأجنبيات. وقال إن التجربة في الأساس نابعة في المجتمعات الغربية، التي تعاني الغربة الاجتماعية، والتحرر من العادات الاجتماعية القائمة على الرغبة الفردية في الارتباط، حيث يمكن لأي فتاة الارتباط بمن تشاء، لكن الأمر لا ينطبق على المجتمعات العربية. فتيات معايير لترخيص عمل الخطّابات شرحت مديرة إدارة التنمية الأسرية في وزارة الشؤون الاجتماعية، فوزية طارش، أن معايير ترخيص عمل الخطّابات التي وضعتها الوزارة، ستركز على السرية التامة في التعامل مع الحالات التي تتابعها مكاتب الخطّابات، وبشروط تراعي العادات والتقاليد، ورقابة مشددة على المبالغ التي تتسلّمها المكاتب من الأطراف المعنية في الزواج، بحيث تراوح هذه المبالغ بين 5000 و30 ألف درهم، في استغلال واضح للراغبين في الزواج، على حد قولها. وتابعت أن المعايير ستنظم مكان المقابلات والرؤية الشرعية للطرفين، بحيث لا تتم في منازل عادية، بل في مكاتب خاصة، ذات شروط عالية تحافظ على سرية الاتفاق، وحفظ معلومات الطرفين، وإرسال تقارير شهرية متكاملة عن عمل الخطّابات في هذه المراكز، والحالات التي تعاملن معها، مضيفة أن المكاتب الاستشارية ستعتمد على شروط كثيرة، من بينها مكانة الخطّابة في المجتمع. وأكد رئيس المجلس الاستشاري الأسري في الدولة، المستشار خليفة محمد المحرزي، ضرورة قوننة عمل ما يسمى ب«الخطّابات»، وفتح مكاتب لتسهيل الزواج، يشرف عليها أشخاص مؤهلون، وأن تشرف عليهن وزارة الشؤون الاجتماعية، محذراً من التعامل مع «الخطّابات» اللاتي يكن في العادة غير مؤهلات علمياً ولا شرعياً، ولا تتوافر لديهن الخبرة المطلوبة في التعاطي مع القضايا الأسرية، إذ يستغللن هذا الدور الاجتماعي الذي يقمن به في الحصول على مكاسب مالية. فتيات وقالت مديرة إدارة التنمية الأسرية في وزارة الشؤون الاجتماعية، فوزية طارش، إن عائلات عدة تواصلت مع الوزارة، أفادت أنها اضطرت إلى دفع مبالغ راوحت بين 25 و30 ألف درهم، للحصول على أزواج مناسبين لبناتها، إلا أنها فوجئت بعدم تحقيق طلباتها. وقالت إنها تلقت اتصالاً من فتاة تعرضت للخداع من قبل سبع خطّابات، واستغلال مادي دون حل، أو حماية لحقوقها، مبينة أن الفتاة يتيمة الأبوين، وتعيش مع أخيها الأكبر المتزوج، وبعد بلوغها سنّ ال30 لجأت إلى خطّابات، إلا أن الأولى خدعتها وأخذت منها مبالغ مالية دون فائدة، وحاولت اللجوء إلى أكثر من خطّابة وفي كل حالة كانت تتعرض للاستغلال نفسه. وقالت (ر.ع)، فتاة مواطنة تعرضت لاستغلال مالي من قبل خطّابة، إنها رغبت في الزواج بعد أن قارب عمرها ال30 عاماً، فأبلغتها صديقتها أن هناك امرأة تعمل «خطّابة»، ومن الممكن أن تساعدها في الحصول على زوج، وبيّنت الفتاة أنها بالفعل تواصلت مع تلك المرأة، التي طلبت منها 3000 درهم وصورة شخصية، وبعد ذلك أحضرت لها «الخطابة» أزواجاً، جميعهم من جنسيات دول آسيوية، ويعمل معظمهم في مهن لا تتناسب مع مستواها الاجتماعي، فرفضتهم جميعاً، ولم تقدم لها الخطّابة أي فائدة تذكر. بدورها، قالت (ش.ع)، مواطنة، إنها رغبت في الزواج، فتواصلت مع إحدى ممتهنات «الخطّابة»، وسلمتها 10 آلاف درهم، لإيجاد زوج من أبناء الدولة، فأحضرت لها الخطّابة أحد الشبان، إلا أنها اكتشفت أنه غير مناسب لها، وغير متوافق مع حالتها الاجتماعية، أو حتى متطلباتها وشروطها، ومغاير للمواصفات التي ادعت الخطّابة توافرها في الشاب. وقالت إنها تواصلت مع تلك المرأة لإعادة المبلغ الذي دفعته لها، إلا أن الخطّابة تنصلت من المسؤولية، وأبلغتها بأن مواصفات ذلك الشاب هي فقط المتوافرة، مشيرة إلى أنها تواصلت مع وزارة الشؤون الاجتماعية لتقديم شكوى بحق تلك المرأة، إلا أن الوزارة أبلغتها بأنها لا يمكنها اتخاذ أي إجراءات بحق تلك المرأة، كونها غير مرخصة. وقالت المواطنة (أ.ن)، إنها تواصلت مع خطّابة عبر برنامج المحادثة لهاتف ال«بلاك بيري»، التي أطلقت على نفسها اسم (أم غيث)، موضحة أن الخطّابة أكدت خلال البرنامج أنها وضعت شروطاً صارمة لتقديم طلبات الزواج، وتتطلب معلومات كاملة عن الراغبين في الاستفادة من الخدمة، مثل الاسم والعمر والمواصفات، والمستوى الاجتماعي، والمادي، وإلى أي عائلة ينتمي أي طرف منهما، وعن المؤهلات الدراسية. وأضافت أنها تقدمت بالطلب، وزودت (أم غيث) بكامل المواصفات، والتي بدورها رشّحت لها أحد المواطنين، الذين يعملون في إحدى الجهات الحكومية، وحدّدت موعداً للقاء بين الطرفين، إلا أنها فوجئت بأن الخطابة (أم غيث) ما هي إلا رجل يمتهن مهنة الخطابة، ويقدم معلومات مغلوطة عن الطرفين المهتمين بالزواج، لكن (أ.ن) تجنبت إبلاغ الجهات الأمنية، خوفاً من إثارة الأمر في عائلتها، ومن ثم الوقوع في الفضيحة. بدوره، أيّد المستشار الأسري المحرزي، فكرة إنشاء مكاتب لتسهيل الزواج، مؤكداً أنها ستسهم في حل مشكلات العنوسة لدى الفتيات، وتحثّ الشباب على الاقتران بمواطنات، والباحثين عن شريك الحياة المناسب، لمساعدتهم في العثور على الزوج المناسب لقاء رسوم مالية. وقال إن تلك المكاتب، من شأنها معالجة مشكلة قديمة تفرضها العادات الاجتماعية، خصوصاً في بعض المناطق، والتي تتسبب في بقاء الفتيات من دون زواج، نتيجة عدم ظهورهن أمام الناس، منوهاً بأنه ينبغي أن تقوم هذه المكاتب على أسس علمية، أو تستعين بأفراد متخصصين في علم النفس وعلم الاجتماع، لفهم طبيعة كل متقدم، وماذا يريد من شريك حياته. وأضاف أن بعض المكاتب لا تحرص على الالتزام بالحفاظ على الأسرار، وتستخدمها في مجال الاستثمار التجاري، كما ينبغي توعية الزوجين بأهمية المكاتب وسريتها، وحرصها على الحفاظ على الكيان الأسري، وهذا يتطلب قناعة تامة بأن هذه المكاتب تحتوي على دارسين واختصاصيين، هدفهم الأول والأخير خير الأسرة والحفاظ على كيانها. وتمنى المحرزي أن تكون الفكرة الأساسية من إنشاء مثل تلك المكاتب، هي دعم الاستراتيجية الوطنية، والحفاظ على الهوية الإماراتية، والتصدي لبعض الظواهر الاجتماعية، قبل أن يكون مشروعاً تجارياً قائماً على الربح المادي فحسب، خصوصاً أن العمل في مجال الخطبة يتطلب وعياً كافياً، من حيث وجود الأسرة في مراحل التعارف كلها، حتى لا يخرج التعارف عن إطاره المحدد والغاية المرجوة منه، ويخالف العادات الاجتماعية في الدولة. وقال: لكننا لا ننكر أن تلك المكاتب من شأنها أن تسهم في تسهيل الحصول على مواصفات الشريك المناسب، إذ نجد بعض الشباب والفتيات يبحثون عن شريك الحياة المناسب ضمن مواصفات واشتراطات معينة، قد يكون الأهل، وخصوصاً بالنسبة للشباب، غير قادرين على مساعدتهم في الوصول إلى الهدف، فيقوم المكتب بمساعدتهم في العثور على شريكة الحياة بالمواصفات المطلوبة، لاسيما من خلال ما تتمتع به النساء القائمات على هذه المكاتب من معرفة بالعائلات الموجودة بالمجتمع، لكننا في الوقت نفسه نواجه بعض العقبات من شريحة واسعة من الشباب، خصوصاً الذكور، حيث نجد عزوف الكثير من الشباب عن القبول بالزواج عبر تلك المكاتب، أو اللجوء إلى تلك الخاطبات، فالبعض يتهمها بافتقادها الجانب الإنساني، لأنها شركات تعمل من أجل الربح فقط، بينما يرى آخرون أن تلك المكاتب تخالف النظام المجتمعي التقليدي في عملية الزواج، إذ نجد الإقبال الكبير يأتي من شريحة الفتيات مقارنة بفئة الشباب، الذين يعزفون عنها، كون طبيعة المجتمع لا تحبذ المكاتب الرسمية للزواج، وتعتمد في الأغلب على العائلة في اختيار شريكة الحياة. من جانبها، قالت مديرة إدارة التنمية الأسرية في وزارة الشؤون الاجتماعية، فوزية طارش، إن عدداً كبيراً من الخطّابات تواصلنَ مع الوزارة بعد وضع تشريعات ومقترحات لترخيص عمل الخطابة، لكنهن «يهربن» بعد معرفة الاشتراطات والمعايير التي وضعتها الوزارة. وأضافت أن الوزارة في انتظار صدور التشريعات كاملة، واعتمادها لترخيص عمل الخطّابات بطريقة رسمية وبشروط ومعايير مناسبة للرقابة، والحد من الاستغلال، مضيفة أن الوزارة ستطبق معايير الجودة على المكاتب الاستشارية خلال العام الجاري. وأوضحت أن إدارة التنمية الأسرية تلقت اتصالات عديدة لخطابات يردن ترخيص عملهنَ، والعمل باشتراطات الوزارة، إلا أنهن بعد معرفة المعايير يهربنَ من الاتصال مرة أخرى والمتابعة، لأنهنَ يردنَ العمل بحرية دون رقابة على طبيعة عملهن.