1- نشأة التحالف بدأت مهنة جمع القمامة بالقاهرة منذ أكثر من مائة عام عن طريق مجموعة من المهاجرين من الواحات (الواحية) الذين نزحوا إلى القاهرة تحت ضغط الظروف المعيشية الصعبة هناك في ذلك الوقت، واستقروا بمنطقة باب البحر الواقعة بين ميداني رمسيس والعتبة، وكانت المهارة الوحيدة التي يمتلكونها هي طحن الحبوب، فبدأوا تشبيك علاقاتهم مع سكان القاهرة حيث يأخذون منهم الحبوب ويقومون بطحنها وإعادتها ثانية إلى أصحابها. ومع زيادة مرات ترددهم على البيوت، فكر الأهالي في التخلص من القمامة عن طريق إعطائها لهم للإلقاء بها بعيدا عن مناطق سكنهم، ولكن هؤلاء الفقراء الذين كانوا يبحثون عن رزقهم بكل السبل لم يقوموا بإلقاء تلك القمامة إلا بعد أن يكونوا قد قاموا بفرزها بحثا عما يمكنهم استخدامه. ومع زيادة اعتماد البيوت عليهم في التخلص من القمامة زادت كمية المخلفات الممكن إعادة استخدامها، فبدأوا يفكرون في بيع ما يقومون بفرزه من القمامة ويكون زائدا عن حاجتهم. وبالفعل تمكنوا من التشبيك مع مجموعة من تجار الزجاج والبلاستيك والورق. وبعد بيع كل ما يمكن فرزه من هذه الأشياء تبقى لديهم بعض المخلفات التي لا يمكن بيعها فقاموا باستخدامها كوقود لطهي قوادر الفول المدمس الكبيرة واستخدام البخار الناتج من عملية الطهي في تسخين الحمامات التركية، التي كانت منتشرة في ذلك الوقت. وخلال فترة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، ومع دخول أساليب أكثر تطورا في الطهي وتسخين الحمامات، ومع نزوح مجموعة من المهاجرين من قرية البدارى بأسيوط استقروا بمنطقة المقطم، بدأ الواحية بتشبيك علاقات معهم بأن يبيعوا لهم المخلفات العضوية لاستخدامها في إطعام الحيوانات المنزلية مثل الدجاج والماعز، بالإضافة إلى الخنازير التي كانوا قد اعتادوا تربيتها بزرايب داخل بيوتهم، وكان معظمهم من الأقباط. وهؤلاء هم "الزرابة". وبمرور الوقت تطورت المهنة كثيرا فأصبح الواحية يقومون بجمع القمامة من المنازل ويبيعونها للزرابة الذين انتشروا في سبعة مناطق بالقاهرة الكبرى (عين الصيرة ، المعتمدية ، البراجيل ، طرة ، عزبة النخل ، حلوان ، منشية ناصر)، ونشأت مصالح اقتصادية لدى العديد من الأطراف نتيجة إعادة تدوير المخلفات وتوسعت أعمال التحالف حتى أصبح قادرًا على جمع حوالي 6000 طن مخلفات يوميا من إجمالي المخلفات التي تنتجها القاهرة الكبرى والبالغة حوالي 19 ألف طن. يتضح مما سبق أن تحالف (الواحية / الزرابة) أبدع في إضافة قيمة اقتصادية للقمامة، بالإضافة إلى أداء دور فارق في جمع القمامة والتخلص منها وتدويرها دون أن يكلف الحكومة أي شئ، بل بالعكس، ساهم في تغطية نفقات هيئة النظافة والتجميل عن طريق الرسوم الشهرية والسنوية التي يدفعها للهيئة مقابل استخراج تراخيص العمل، ذلك بالإضافة إلى فرص العمل التي يوفرها لسوق العمل حيث يتمكن ذلك التحالف -طبقا لبعض الإحصائيات- من خلق عدد 8 فرصة عمل لكل طن زبالة يجمعه، باحتساب فرص العمل التي يتم توفيرها في المجالات الأخرى ذات العلاقة بطبيعة عملهم (تجارة المخلفات الصلبة المستعملة مثل الزجاج والبلاستيك والعبوات الفارغة والورق والكرتون....الخ). وقد كرمهم المجتمع الدولي بأن منحهم جائزة "أفضل مبادرة محلية" من الأممالمتحدة خلال فعاليات مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة والذي أقامته الأممالمتحدة في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا عام 2002. وللحديث بقية عن ذلك التحالف المجتمعي وتاريخه في مناهضة النظام الحاكم.