التحرر من السلطة المطلقة تحدي دخول المستقبل وخطر الخروج من التاريخ أبوزيد يدعو إلى التخلص من سلطة النصوص لا النصوص نفسها ذهنية التحريم فرقت بين ابي زيد وطلابه في الجامعة المصرية الخطاب الديني الساعى لتكريس سلطة النصوص وشموليتها هو في الحقيقة يسعى لتكريس سلطة خطابه على منافسيه المشكلة هي وجود واقع عربي متخلف يجعل أفراده ومفكروه يواجهون خطر الخروج من دائرة التاريخ التوسع في تحليل الخطاب ورصد أشكاله وطرقه من مستويات مختلفة تسهم في تقديم بعض الاجابات لمواجهة تيارات الإرهاب من داخل خطابها المتطرفون رفعوا التفاسير إلى مستوى النص القرآني وحاولوا فرضها على المجتمع باعتبارها نصا مقدسا - ابتهال يونس وراء نجاح نصر أبو زيد نفسه والمؤتمر الدكتورة ابتهال يونس ، التي نجحت في تأسيس مركز أبو زيد للدراسات الإسلامية لتضع حجر أساس في استمرارية أفكار نصر أبو زيد التنويرية، فألقمت المراهنين على موت نصر جسديا وفكريا حجرا. ورغم وجود ملاحظات نقدية على البحوث المقدمة من داخل قاعة المؤتمر، إلا أن ابتهال نجحت في التنظيم ورسمت ملامح مستقبل طيب لمركزها الذي ينوي تنظيم مؤتمر علمي قبل عامين للدراسات القرآنية – التي كانت الميدان الرئيس لاجتهاد نصر أبو زيد – وتنظيم ورش عمل حول القران ودراساته وتأويله، وإصدار مطبوعة علمية محكمة الدراسات الإسلامية. أحلام ابتهال لم يفسدها غياب الكثيرين من تلاميذ نصر ، فقد عوضها حضور لافت لباحثين كالدكتورة آمنة نصير أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، والدكتور عماد أبو غازي ، الذي أدار جلسة الفن والقرآن، والدكتور طارق النعمان الأستاذ بجامعة القاهرة ، الذي أدار الجلسة الأخيرة للموتمر ابتهال يونس قدمت في المؤتمر ملخصا لمشروع بحثي طويل بدا بمحاورة بينها وبين الراحل الكبير عن الفن والقرآن استعرضت فيه التشكيل البصري في آيات القرآن الكريم وكيف ان القرآن فرق بين التماثيل والاصنام وانه لم يقف ضد صناعة التمتثيل كما ورد في قصة نبي الله سليمان وتشجيع الله لصناعة التماثيل وتسهيل عملها وتساءلت لوكانت التماثيل ممنوعة فكيف يقبل الله لسليمان وهو نبي من انبيائه بصنعها . - جمال عمر في مستهل حديثه، قدم الباحث المصري المقيم في الولاياتالمتحدة في درس نصر أبو زيد بتوجيه الشكر إلى مؤسسة أبو زيد لدعوة سائق تاكسي للحديث عن التأويل ، مشيرا إلى أنه يكرر قصة أستاذه الذي كان "فني لاسلكي"، عندما أرسل مقاله الأول في العام 1964 إلى مجلة الأدب التي كان يرأس تحريرها الشيخ أمين الخولي . وكانت حول أزمة الأغنية ، ونشرها الخولي لتنشأ صداقة بين الشيخ ونصر الذي هجر العمل كفني لاسلكي وأصبح أحد أهم تلامذة الخولي في المدرسة التي تتبنى القراءة الأدبية والبلاغية للقرآن الكريم. جمال عمر خريج كلية التجارة الذي هاجر إلى الولاياتالمتحدة صار واحدا من أهم تلاميذ نصر. فقد عمل الباحث الشاب 25 عاما في جمع وتوثيق وقراءة كل ما كتبه نصر منذ 1964 ، حتى رحيله. ولديه 160 ساعة من التسجيلات لنصر في محاضرات وندوات وبرامج تليفزيونية ،. كما دشن رواقا افتراضيا على الانترنت يضم كتابات نصر كلها ولابحوث التي كتبت عنه . جمال قدم ورقة حول تاريخ قراءة القرآن أثارت جدلا ، قال فيها إن هناك محاولات لدراسة القرآن بعقلانية ، منها ما قام به الإمام محمد عبده الذي تبنى مقولة المعتزلة حول خلق القرآن ، ولكن الإمام سرعان ما تراجع عن هذا التبني وحذفه في الطبعة الثانية من كتابه. وهناك محاولة الدكتور حسن حنفي حول دراسة العلاقة التفاعلية بين السماء والأرض في النص القرآني ، ومحاولات محمد أركون حول الطبيعة الشفاهية للقرآن قبل جمعه بين دفتي المصحف،. لكن معظم المحاولات التي تمت لم تخرج عن كونها إعادة إنتاج للسؤال القرآني القديم حول القرآن ، وهل هو مخلوق أم قديم. ويشير هنا إلى جهود نصر أبو زيد في قراءة القرآن ، وكيف انطلقت من قراءة المعتزلة في دراسته للماجستير ، حيث كتب عن التفسير العقلاني لديهم، وبما في محاولة للرد على المستشرقين حول نشأة علم الكلام حيث كان نصر يرى أن الأثر الاجتماعي والسياسي ،واء هذه النشأة ، بينما يرى المستشرقون أن هناك تأثيرات لاهوتية ويونانية لنشأة علم الكلام ، ثم تطور فكر نصر مع درس الرؤية الصوفية للنص الديني فقدم فلسفة التأويل عند ابن عربي ، ودرس جهود النحاة والبلاغيين وانتقد الخطاب الديني النفعي للقدماء والمحدثين لآيات القرآن في سجالاتهم والتي تتعامل مع القرآن آية بآية، لكي يجعلوا القرآن ينطق باسمهم وبأفكارهم المسبقة التي فرضها على الناس باعتبارها النص الأصلي. تساءل الحضور عن طبيعة النص القرآني وهل هو منتج ثقافي نسبي بشري أم نص إلهي مطلق.،ورد عمر انطلاقا من أفكار نصر قائلا إن نصر يؤمن بأن القرآن نص إلهي ، ولكنه نزل بلغة بشرية ومن ثم يتطلب درسه تطبيق قواعد اللغة البشرية لفهم الرسالة الإلهية. - مجدي زين العابدين الباحث السوداني الدكتور مجدي عزالدين شارك بورقة بحثية حول التأويل عند أبي زيد عرض فيها لأهم أفكار نصر في قراءته للقرآن ، وخلص فيها إلى أن أبو زيد يرفض احتكار الحقيقة حتى لا يتم ارتهان حياتنا لصالح تأويل سلطوي نفعي للدين ويرفض أبو زيد تلك القداسة التي يدعيها الفكر الديني وينسبها لنفسه عبر عملية تماهي الخطاب الديني مع الدين نفسه. حيث يتحول التفسير إلى نص ثان مواز للنص الأول. ويلخص مجدي استراتيجية أبو زيد في عدة أمور منها : *- يدعو للتخلي عن شروط وقواعد (الاجتهاد) التي وضعها القدماء والتي كانت مقبولة بمقاييس الماضي ، وهي في مجملها شروط وقواعد لا تلائم مقياس تطور أدوات المعرفة في عصرنا هذا. فهل علينا أن نتوقف عند مستوى علوم اللغة والبلاغة في القرن الخامس الهجري ؟ *- يركز في أغلب دراساته على التأويل وطرائقه وعلى النص وماهيته، وذلك بغرض اكتشاف مكوناته وآلياته الخاصة، سعيا لبلورة وصياغة وعي علمي وهو الأمر الذي لن ينجز حسب أبو زيد بمعزل عن إعادة قراءة علوم القرآن قراءة علمية باحثة منقبة. *- ينتقد أي موقف تأويلي يدَعي أنه مطابق لمقصدية النص الديني . لأنه بذلك يضفي قيمة الموضوعية والصدق المطلق على تأويله في مقابل وصم التأويلات الأخرى المنافسة له في شرح النص وتفسيره بدلالة سالبة. * يدعو إلى التحرر من سلطة النصوص،وليس من النصوص نفسها كمنا روَج مخالفوه ، ويعني التحرر من السلطة المطلقة والمرجعية الشاملة للفكر الذي يمارس القمع والهيمنة والسيطرة حين يضفي على النصوص دلالات ومعاني خارج الزمان والمكان . فأي خطاب ديني يسعى إلى تكريس سلطة النصوص وتكريس شموليتها، هو في الحقيقة إنما يسعى إلى تكريس سلطة خطابه هو بالذات على بقية الخطابات المنافسة له. النجمي وتوتر الخطاب في بحثه المعنون ب "توتر الخطاب في الاشتباك التأويلي" تناول الباحث والناقد وائل النجمي ما يحدث من تأثير وتأثر بين الخطابات عندما تتصارع وتتواجه، فتقع تحت تأثير ضغط بعضها على بعض، على أمل أن ينجح كل منها في اقصاء الآخر خارج دائرة السيطرة على العقل الجمعي العربي. ويرى النجمي أن المشكلة الجوهرية هي وجود واقع عربي متخلف، يجعل أفراده ومفكروه يواجهون شعور خطر الخروج من دائرة التاريخ، والشعور بالهامشية والنفي الحضاري، وبدلا من أن تحاول الخطابات في الثقافة العربية أن تتفاعل مع هذا الواقع المتخلف، وأن تخرج منه بنتائج ورصد محاولة تغييره، تدخل مع بعضها البعض في صدام على سلطة السيطرة على مركزية الثقافة وعلى العقل الجمعي العربي، لتصبح الإجابات الشاغلة لكل طرف منهما اجابات تتعلق بكيفية اخراج الآخر من دائرة الوجود،او اقصاؤه علآ اضعف الايمان. والمقصود بالآخر هنا الآخر داخل الثقافة العربية وليس الآخر الغربي، وفي مقابل ذلك، يبقى الواقع العربي الراهن ذاته، بدون إجابات وبدون تحليل حقيقي له. ورغم ما قد يعتقده البعض من أن أحد التيارات يتمتع بشعبية أكبر نسبيا عن الآخر، إلا أن الباحث يرى أنه طالما لم يستطع أي تيار منهما أن يحسم حالة تطوير الواقع، ويسهم في دخول المستقبل المنشود، فإن الحسم الجماهيري يظل غير محسوم بين هذا وذاك؛ لتبقى نسبة كبيرة من الجماهير في انتظار ما يمكن أن يتحقق أو يتم تقديمه على أيدي أيا من هذه التيارات، بعكس حالة التنوير الأوروبي التي كانت مصحوبة بنتائج قوية وسريعة مع ظهور الحركات الفكرية فيها. استخدم الباحث على المستوى المنهجي تقنيات تحليل الخطاب، واكتفى بتحليل عناصر المرسل والمرسل إليه والسياق، مشيرا إلى وجود عناصر أخرى تحتاج لتحليل معمق، واستعان بنظريات الحجاج في رصد الطرق التي ترد بها الخطابات على بعضها البعض، وطرح فكرة التوسع في تحليل الخطابات وما دار بينها من سجالات، بهدف الوقوف على تقنيات هذه الخطابات في فرض سيطرتها على اتباعها وأنصارها، وفي ظل التأثر بواقع اللحظة الراهنة من مواجهة ارهاب مسلح وخطابات تحريضية، فإن النجمي يشير إلى أن التوسع في تحليل الخطاب ورصد أشكاله وطرقه من مستويات مختلفة تسهم في تقديم بعض الاجابات لمواجهة تيارات الارهاب من داخل خطابها. وذكر النجمي ان نصرقالفي مقدمة كتاب "الخطاب والتأويل" خلال هذه الفترة الممتدة من 1993 إلى 1995 ترّكّز بحثي على منهج جديد يمكن أن يعمق علم ((تحليل الخطاب)) نظريا وتطبيقيا. يتمثل ذلك البعد في حقيقة أن الخطابات تتبادل عناصر التأثير والتأثر بين بعضها البعض. يحدث ذلك مهما تباعدت منطلقاتها الفكرية وتناقضت آلياتها التعبيرية والأسلوبية، ومهما اختلف نسقها السردي بين الوعظية الإنشائية في جانب والتوتر المعرفي في جانب آخر. تتبادل الخطابات من خلال تصارعها مع بعضها البعض استعارة العناصر التي تساعدها على إعادة تكييف بنيتها وتنشيط خصائصا وتجديد بعض منطلقاتها، لكي تستطيع مواجهة نقيضها والاستمرار في تحدي مشروعيته. وهذا أمر طبيعي؛ فالخطابات في سياق ثقافي حضاري تاريخي بعينه تتشارك نفس الإشكاليات وتواجه نفس التحديات. أليس التحدي المطروح أمام كل الخطابات المنتجة هو تحدي دخول المستقبل ،والتصدي لخطر الخروج من التاريخ؟ في مواجهة هذا التحدي الصعب والماثل منذ بداية عصر النهضة العربي الحديث تتعدد الإجابات، أي تتعدد الخطابات ويرى النجمي أن هذه المقولة تلفت النظر إلى مجموعة من الاعتبارات، فالقول بأن الخطاب مهما كان تعارضه مع نقيضه يخضع للتأثر به بقدر ما، ومن ثم فمهما بدت الخطابات متعارضة مع بعضها البعض، ففي بنية كل منها قدر من »آليات التعبير الأسلوبي، « مستعارة من الخطاب الآخر ،هذا يعني أننا بحاجة ماسة إلى تحليل أسلوبي للخطابات المتعارضة، للكشف ليس عما بينها من صراع أفكار وتأويلات ورؤى متعارضة فحسب؛ بل أيضا للكشف عما بينها من »آليات تعبير« مشتركة.