يصل الرئيس العراقي، محمد فؤاد معصوم، إلى العاصمة السعودية الرياض، اليوم الثلاثاء، في زيارة للمملكة، يعول عليها كثيراً في طي صفحة الخلافات بين البلدين، اللذين توترت العلاقات بينهما في عهد رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي. وآثر معصوم أن تكون السعودية هي أول دولة عربية يزورها منذ توليه الحكم في يوليو/ تموز الماضي، في رسالة تعكس رغبته في تحسين العلاقة مع المملكة التي لطالما اتهمها المالكي بدعم الإرهاب في بلاده، وفي المقابل اتهمته المملكة بممارسة الإقصاء بحق السنة.
ويسعى الرئيس العراقي من زيارته المرتقبة اليوم إلى تحقيق هدفين رئيسين؛ أولهما تحسين العلاقات مع المملكة ومحاولة طي صفحة الماضي، وثانياً تعزيز التعاون بين البلدين في ظل التحالف الدولي الذي يوجه ضربات جوية لتنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا.
ملامح تقارب
وسبق الزيارة بوادر تقارب بين البلدين بدأتها السعودية بإرسال تهاني للقادة العراقيين، وعلى رأسهم معصوم، تهنئهم فيها بتوليهم مهامهم.
أيضاً كان من بين بودار التقارب مشاركة العراق في المؤتمر الإقليمي بجدة الذي خصص لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"، في 11 سبتمبر/ أيلول الماضي، والذي تخللته محادثات بين وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ونظيره العراقي إبراهيم الجعفري؛ إذ قال الجعفري آنذاك إن الفيصل أخبره باعتزام السعودية فتح سفارتها بالعراق قريباً.
وأصدر الجعفري بياناً تحدث فيه عن نتائج لقاءاته مع وزراء خارجية الدول العربية المشاركة في مؤتمر جدة، مؤكداً أنها إيجابية، كما كشف عن عزم دول عربية فتح سفاراتها في بغداد، وأن في مقدمتها المملكة العربية السعودية.
وقال الجعفري في بيانه وقتها: "أخبرني وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في لقاء خاص بيني وبينه، ثم أعادها أمام كل الوزراء، بأنهم سيفتحون سفارتهم في بغداد، ولا يوجد لديهم أي تردد في فتح السفارة، وكذلك بقية الدول العربية التي ليست لديها سفارات".
تحديات مستمرة
ورغم ملامح التقارب وجهود تعزيزها، تظل هناك تحديات قائمة بين البلدين؛ أبرزها علاقة كل منهما بإيران، واستمرار المالكي نائباً لرئيس العراق.
وفي رسالة ذات مغزى، استبق نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي السابق، ونائب الرئيس حالياً، زيارة معصوم إلى المملكة اليوم، بزيارة إلى إيران، بدأها أمس الاثنين.
أيضاً أبرز التحديات، التصريحات التي قد تصدر من الجانبين، ففي الوقت الذي بدأ فيه تقارب بين البلدين مؤخراً، أدى تصريح لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الشهر الماضي، لتوتير الأجواء مجدداً، بعد أن أعرب عن استغرابه من اعتذار جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، لدول خليجية وتركيا بعدما كان قد اتهمها بدعم تنظيم "الدولة" وتمويله.
أسباب تدهور العلاقات
وكانت العلاقة بين السعودية ونظام نوري المالكي تدهورت على خلفية "السياسات الطائفية والإقصائية التي مورست في العراق" إبان حكومة نوري المالكي، واتهامات المالكي للمملكة العربية السعودية ب"دعم الإرهاب، وتعكير صفو الاستقرار والسلام" في العراق.
ومع تغيير نظام المالكي، بدت الفرصة مواتية لتقارب في العلاقات، ولا سيما في ظل وجود خطر مشترك يتمثل في تنظيم "الدولة الإسلامية"، وضغوط أمريكية تدفع باتجاه التقارب، وهو ما تكلل أخيراً بمشاركة العراق في الاجتماع الإقليمي الذي عقد بجدة (غربي السعودية)، الخميس الماضي، بمشاركة 10 دول عربية بالإضافة إلى تركياوأمريكا، وبحث استراتيجية محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية".
ولم تكن العراق مدعوة في البداية إلى الاجتماع، إلا أن دعوتها جاءت بعد إقناع أمريكا السعودية بأهمية مشاركتها لإنجاح استراتيجية التحالف للقضاء على تنظيم "الدولة".
واحتوى البيان الختامي على موافقة تلك الدول على دعم الجيش العراقي في مواجهة تنظيم "الدولة"، في مقابل أن تغير العراق سياستها ولا سيما مع العرب السنة؛ لكي تحظى بالدعم العربي، وخصوصاً السعودي، في تلك الحرب.
وجاء في البيان الختامي أن المشاركين في المؤتمر "مصممون على تعزيز دعمهم للحكومة العراقية الجديدة في سعيها لتوحيد كافة شرائح الشعب العراقي لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق""، وهذا يعني أن هذا التقارب مرهون أيضاً بتغيير الحكومة العراقية سياساتها.