بعد غد الثلاثاء، سيرفع "حنظلة" يده مجدداً بعلامة النصر، وسيقول – كما فعل دائماً - إن التحرير الكامل سيبقى خيار الأمة العربية الوحيد، حتى لو مضى على وجود إسرائيل 64 عاماً. حنظلة، هو الطفل الفلسطينى الذى اختاره فنان الكاريكاتير الراحل ناجى العلى ليعبر عن صمود شعبه فى مواجهة الغزوة الصهيونية ل "الأرض المباركة"، فصار – مع تعمق الجرح - رمزاً للقضية والماسأة، وشاهداً – فى الوقت ذاته - على خيانات الأهل والأشقاء. 64 عاماً وحنظلة، يهتف مع سميح القاسم للفدائيين الذين ظلوا بامتداد عقود الصراع شوكة فى حلق المحتل. حيَّا عبدالناصر، وهاجم السادات، وانتقد عرفات، وتنبأ بخيبة أوسلو، ووضع يده على كتف محمود درويش ليشاهدا سوياً حلم انصراف "المارون بين الكلمات العابرة" عن أرض العرب. صحيح أن فجر التحرير قد تأخر كثيراً، وصحيح أيضاً أن العدو يحقق، بين ذكرى وذكرى لنشأة دولته، مكاسب سياسية ودبلوماسية، لكن ذلك كله لا يعني- فى مقام التاريخ - سوى تفاصيل فى مسار طويل، لا قيمة للصهيونية فيه غير أنها خادم لقوى الاستعمار الغربى، بينما يخوضه العرب كممثلين لأنفسهم، وللمعنى الأصيل للحضارة الإنسانية الرافضة للقهر والقمع واغتصاب الحقوق. تأتى ذكرى النكبة هذا العام، والأمة مشتتة بين الدم النازف فى سوريا، والوضع الملتهب فى ليبيا، والصورة الغامضة فى مصر، والألم الدائم فى العراق، ومع ذلك لازال اليقين متقداً على امتداد الوطن الكبير بألا وجيعة أقسى من بقاء "إسرائيل" على قيد الحياة.